أ.د.جاسم يونس الحريري

في أول زيارة لوفد سوري خارج البلاد منذ التغيير الذي حصل في الثامن من كانون الاول/ ديسمبر2024 وصل إلى السعودية وفدا سوريا برئاسة وزير الخارجية (أسعد الشيباني) يوم الأربعاء الموافق1/1/2025في أول زيارة رسمية للخارج. الوفد ضم أيضا وزير الدفاع (مرهف أبو قصرة) ورئيس جهاز الاستخبارات العامة (أنس خطاب). ومن خلال هذه الزيارة هناك تساؤل مهم ومشروع يطرح نفسه: ماهي دلالات زيارة وزير الخارجية السوري إلى السعودية؟ الواقع أنني أرجح الاسباب التالية للزيارة وكما يأتي:

1 - أبدت السعودية اهتماما فائقا بالتغيير الذي حدث في سوريا، لاسيما أنها دعمت المعارضة السورية المناهضة للأسد في بداية الحرب الأهلية في سوريا عام2011. وأرسلت بعثة سعودية بعد التغيير إلى سوريا ولاسيما أن هناك 5 آلاف مقاتل سعودي ضمن التنظيمات المسلحة في سوريا واصطحبت البعثة السعودية وفدا إعلاميا كبيرا من قناة (العربية) لتغطية المشهد السوري عن قرب. وكان قائد الإدارة السورية الجديدة (أحمد الشرع) التقى الأسبوع الماضي وفدا سعوديا برئاسة مستشار في الديوان الملكي في قصر الشعب بالعاصمة دمشق. كما وصلت أول طائرة مساعدات إنسانية وإغاثية سعودية إلى مطار دمشق الدولي ضمن جسر جوي أعلنت الرياض عن إطلاقه.

2 - من أسباب الزيارة غير المعلنة الحصول على دعم سياسي ومالي ومعنوي سعودي لدعم الادارة الجديدة في سوريا واستغلال علاقة السعودية بواشنطن، وتحريك اللوبي السعودي في أمريكا لاستحصال التأييد الامريكي لها مباشرة ومن الإدارة الجديدة الامريكية برئاسة الرئيس الامريكي (دونالد ترامب) ومن الكونغرس ومجلس الشيوخ والنواب الامريكي.

3 - من الاسباب الاخرى للزيارة توظيف نفوذ المملكة العربية السعودية في الجامعة العربية، لتسهيل حضور ممثل الادارة الجديدة في سوريا اجتماعات الجامعة العربية وارسال مندوب سوري لتمثيل سوريا هناك بشكل دائم.

4 - من الأسباب التي شجعت السعودية للانفتاح على سوريا استغلال غياب النفوذ الايراني هناك والعمل على ترسيخ نفوذ سعودي تجاري وسياسي، وحتى استخباري والاستعداد لمنافسة النفوذ الايراني الذي يعمل لاستعادة نفوذه هناك.

5 - المباحثات السورية السعودية توحي أن هناك إرادة سعودية لمساعدة الادارة الجديدة في سوريا، لفرض الامن وتداول السلطة وفق المعايير التي تحافظ على التوازن السياسي الداخلي السوري وتحقيق أمن سوريا واستقرارها بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة 

أراضيها.

6 - هناك بوادر لاندلاع صراع ايراني –تركي في الساحة السورية بسبب فقدان ايران لنفوذها، هناك ودعم تركيا الادارة الجديدة في سوريا وهذه الحالة تريد السعودية حاضرة في الداخل السوري ودراسة تأثيراتها مع عودة علاقاتها بإيران بعد مرور سنة على التطبيع معها بعد اعلان اتفاق بكين في10 آذار مارس 2023 وبدء التمثيل الدبلوماسي وفتح القنصليات داخل البلدين.

7 - الملفت للنظر أن هذه الزيارة هي باكورة زيارات رسمية من الشيباني إلى دول خليجية وعربية في الوقت اللاحق، وقال الشيباني في تغريدة على إكس: "سأمثل بلدي سوريا،، في زيارة رسمية إلى الأشقاء في دولة قطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية. نتطلع إلى مساهمة هذه الزيارات بدعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي، وبناء شراكات متميزة" وهذا بحد ذاته ارسال رسالة مفادها بوجود قبول خليجي وعربي بالإدارة الجديدة في سوريا، وفرض سياسة الامر الواقع على المشهد العربي والاقليمي وحتى الدولي.

8 - أعتقد أن من أهداف الزيارة الانفتاح السوري للإدارة الجديدة على مختلف دول المنطقة في وقت تسعى فيه قوى غربية وإقليمية إلى استكشاف هل ستفرض هذه الإدارة حكما إسلاميا متشددا أم ستتبنى حكما يشمل الجميع؟.

9 - تسعى الإدارة الجديدة بقيادة (هيئة تحرير الشام) من خلال هذه الزيارة وغيرها من الزيارات إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي بأنها ستمثل جميع السوريين.