عراق اليوم.. ثبات الموقف رغم المتغيرات

آراء 2025/01/09
...

 علي الخفاجي 


لعل المتتبع للموقف الحكومي العراقي بعد سقوط النظام السابق يجدُ فيه الكثير من المتغيرات والتقلبات السياسية، منها ما كانت تصب بمصلحة الوطن والمواطن، ومنها ما كانت - وهي كثيرة- متأرجحة وغير موفقة بالمرة، ومنذ ذلك الحين سمعنا ورأينا الكثير من الآراء والطروحات غير الناضجة، حيث لاقت الكثير من الاعتراضات والتساؤلات المنطقية، والى اليوم ما زال الامتعاض يرافق المواطن عن ما قدمته الحكومات السابقة في كل المجالات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الخدمية وغيرها الكثير من الأمور.

الحديث عن التنمية البشرية في جميع المجالات تعتبر في وقتنا الحالي ضرورة حتمية، لما لها من أهمية كبيرة في تغيير الواقع وتطويره، وهذا ما تعتمدُ عليهِ الدول المتطورة مستغلة مراكز التطوير ومراكز البحوث كوسيلة لرسم سياسة الدولة من حيث الاستعانة بالخبرات والطاقات للاستئناس برأيهم وخصوصاً بالظروف غير الطبيعية أو الاستثنائية، وبشكل عام يمكن اختزال عمل تلك المراكز على انها تطور الامكانيات وتجد الحلول التي قد تكون غائبة أو غير واضحة المعالم، وهي حسب رأي المختصين تعتبر تلك المراكز على انها خزانة الأفكار والمقترحات غايتها المفترضة رسم السياسات العامة وتقديم الحلول، شهدنا وبعد سقوط النظام بزوغ العديد من المراكز البحثية المعنية بالشأن السياسي وظهور العديد من المحللين لغرض التحليل وإبداء الآراء في ما يخص أوضاع البلد والجميع يجتهد بالتحليل والتوقع، لكننا لم نر من كثير من هؤلاء المحللين واصحاب المراكز البحثية نظرة مستقبلية لكثير من الأحداث المحلية أو الإقليمية أو الدولية، بل يعتمد الكثير منهم على جمع المعلومات من وسائل الاتصال المختلفة وطرحها على المتلقي على انها تحليل سياسي ينسب اليهم. بالطبع وخلال العقدين الماضيين مرَ علينا العديد منهم وعرفنا غاياتهم ومبتغاهم فهم بكثير من الأحيان ينظرون لكل شيء الا لمصلحة البلد، أثيرت خلال الأيام السابقة زيارة السيد رئيس جهاز المخابرات العراقي إلى سوريا العديد من التساؤلات وبين مؤيدٍ ورافض لتلك الزيارة اخذ المنكلين وباستنباطاتهم الجوفاء يركزون على ان تلك الزيارة كانت غير موفقة، وكان يجب على الحكومة التمهل قليلاً لحين معرفة ملامح الحكومة السورية الجديدة، والآخر يرى بأن لقاء مسؤول رفيع المستوى بالقائد العام للإدارة الجديدة في سوريا احمد الشرع لا يجدي نفعاً الا بعد تقديم الضمانات الكافية للحكومة العراقية، هنا من حقنا أن نبدي اعتراضنا على مثل هؤلاء ونقول لهم، بان سياسة الدولة توجب على أصحاب السلطة ان يستخدموا جميع الوسائل اللازمة لتطوير العلاقات على مختلف المستويات خصوصاً اذا ما كانت تلك الدول مجاورة وحديثة التكوين ان صحت تسميتها، وكما انها ووفق المتغيرات الحاصلة هناك تعدُ مرتعاً لكثير من الجماعات المسلحة، فمن الضروري تبليغ الإدارة الجديدة في سوريا أن أمن العراق يعد من الأولويات، وكما ونعتقد بأنه حسن ما فعلت الحكومة عندما أرسلت الوفد العراقي المتمثل برئيس جهاز المخابرات، فهي بذلك ارسلت رسائل عديدة اهمها بأن الملف الأمني خط احمر خصوصاً اذا ما علمنا أن السيد الشطري تبوأ مناصب أمنية عديدة على مدى السنوات التي مضت، فلا مجال للتعنت والمكابرة وتفويت الفرص ولا مجال للاستماع إلى محللين ومراقبين كما يدعون ينظرون إلى الواقع بعين واحدة، لأن المصالح تــــُحتم أن تعمل الحكومة على بث رسائل تطمينية.. هنا ومن باب الإنصاف نرى بان التطور السياســي والحكومــي الذي نحن عليه اليوم يختلف عمّا كان قبل سنوات، ووسط الأوضاع المربكة والتشنجات التي حصلت والتي ما زالت قائمة استطاعت الحكومة دفع الكثير من المخاطر المحدقة التي كانت مرسومة ومعدة على العراق، ولعبت دور الوسيط بين كثير من دول المنطقة، فالعراق اليوم يثبت بانه رقم صعب بالمعادلة الدولية في المنطقة ويسعى لفتح آفاق جديدة وعلاقات متوازنة مع جميع الدول.