ترامب.. عزفٌ سياسيٌّ منفردٌ على كندا

آراء 2025/01/12
...

 د. هاني عاشور 


كانت مجرد كلمات وأمنيات يقولها حالمون، تتلخص باندماج كندا مع الولايات المتحدة الامريكية، إلا أنها تصبح اليوم سياسية يمكن ان ينتهجها الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب، حين يكرر فكرته مرتين في أقل من شهر، حالما أو مخططا بضم كندا إلى الولايات المتحدة الامريكية لتكون الولاية الحادية والخمسين.

كندا التي تشكل مساحتها ثاني اكبر دولة في العالم بعد روسيا، والتي تقارب مساحة امريكا حيث تبلغ مساحة كل بلد منهما بين 5/9 مليون إلى عشرة ملايين كيلو متر مربع، ويوحي ترامب بمستقبل زاهر لكندا اذا انضمت إلى أمريكا، حيث سيعفو عن الضرائب المفروضة على بضاعة كندا، التي يتم تصدريها إلى أمريكا وأهمها النفط والغاز والصناعات التكنولوجية.

ترامب حين يكرر مقولة ضم كندا إلى أمريكا، يمكن اعتباره جزءا من حلم سياسي اقتصادي لمضاعفة الهيمنة الامريكية في العالم، ويحاول ترامب طمأنة كندا بحمايتها وهو يقول إن السفن الصينية والروسية تبحر قريبا منها.

وكان قد دعا ترامب، لضم كندا إلى أراضي الولايات المتحدة، بعد إعلان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقالته، وأضاف ترامب قبل أسبوع، أن العديد من الناس في كندا يحبون أن يكونوا الولاية رقم 51، حيث لم يعد بإمكان واشنطن أن تتحمل العجز التجاري الهائل والإعانات التي تحتاجها كندا للبقاء واقفة على قدميها.

ويبدو أن استقالة رئيس وزراء كندا قبل مجيء ترامب للبيت الابيض وهما من سبق لهما تبادل الاتهامات وعدم الود بينهما، انما يوحي ان العالم امام ازمة قد تكون كبيرة.

ولكن كيف يمكن أن يحدث هذا الضم أو الاندماج، فكندا اكتشفها الأوروبيون، وكانت فرنسا أول من اقامت لها مستعمرة في شرقي كندا في القرن السابع عشر، ومنها استطاع تجار الفراء الفرنسيون التوغل داخل الأراضي الكندية طلبًا لهذه التجارة، إلا أنه في عام 1763، تمكنت بريطانيا من السيطرة على معظم الأراضي الكندية، وتهيأت الظروف لهجرة أعداد كبيرة من الإنجليز لتلك الأراضي، حيث انضموا للمهاجرين الفرنسيين الذين سبقوهم. وفي عام 1867 تعاون الكنديون الناطقون بالفرنسية، والآخرون الناطقون بالإنجليزية في إنشاء مستعمرة موحدة عرفت بحكومة كندا استقلت عام 1931.

وكندا التي يبلغ عدد سكانها حاليا اكثر من 40 مليون نسمة يشكل سكانها الاصليون فيها بضع مئات الالاف، وفي مناطق معزولة وتحفل بأكبر الثروات في العالم، وتمتلك كندا اقتصاداً متنوعاً وتعتمد على مواردها الطبيعية الوفيرة، وعلى التجارة وبخاصة مع الولايات المتحدة وتربطهما علاقة طويلة ومعقدة..

كندا عضو في مجموعة الدول الصناعية السبع ومجموعة الثماني ومجموعة العشرين وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية ودول الكومنولث والفرنكوفونية ومنظمة الدول الأمريكية والإبيك والأمم المتحدة. تمتلك كندا واحداً من أعلى مستويات المعيشة في العالم حيث مؤشر التنمية البشرية يضعها في المرتبة الثامنة عالمياً.

وفي وقت سابق هدد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 % على السلع الكندية والمكسيكية بمجرد توليه الرئاسة، وتعد الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر لكندا ووجهة 75 % من صادراتها. ويعتمد عليها نحو مليوني كندي من إجمالي السكان البالغ عددهم 41 مليون نسمة.

ويقول سياسيون وباحثون امريكيون إن الرئيس المنتخب ترامب لم يعرض هذا الموضوع على أحد داخل الحزب الجمهوري أو خارجه، وإن ترامب حالة خاصة، وكلامه لا يؤخذ على محمل الجد.