حسين علي الحمداني

ما زال المشهد السوري بعد مرور أكثر من شهر على إسقاط نظام الأسد يدور في فلك التوقعات للمستقبل وسط تصريحات تبدو للوهلة الأولى أنها رسائل تطمين من القيادة السورية الجديدة لمحيطها الإقليمي وهي رسائل ما زالت قيد الدراسة من قبل جميع الأطراف.

الجانب الآخر تمثل بالجولات المكوكية من والى سوريا، التي قام بها عدد من المسؤولين في دول المنطقة وأوروبا وأمريكا لدمشق بالمقابل الزيارات التي قام وفد سوري برئاسة وزير الخارجية لعدد من الدول العربية، وكلها كما أشرنا إلى محاولة فتح صفحات جديدة في العلاقات السورية مع المنطقة والعالم، وهي محاولات قد تنجح وقد تفشل لأن العالم يريد أن يرى أفعالا لا أقوالا، وهو الأمر صرحت به أكثر من دولة، سواء من دول المنطقة أو أوربا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية.

ما يمكن استنتاجه حتى الان أن هنالك صراعا على سوريا بين عدة أطراف ومحاور، أولها بالتأكيد محور تركي- قطري – إسرائيلي قائم على تقسيم سوريا إلى كانتونات وفيدراليات، قد نجدها مكتوبة في الدستور الذي وعد أحمد الشرع (الجولاني سابقا) بأن يكون جاهزا في غضون اربع سنوات هو عمر الفترة الانتقالية والتي ستكون حافلة بالأحداث.

المحور الثاني يتمثل بالمملكة العربية السعودية والإمارات ومحاولة إبعاد سوريا عن أنقرة والدوحة واحتواء القيادة الجديدة، وتمثل بذلك بحزمة مساعدات كبيرة جدا وجسر جوي سعودي عبر عدة شحنات جوية ومئات الشاحنات البرية، لدعم الحكومة السورية الجديدة، وهو الأمر الذي دفع وزير الخارجية السوري لزيارة السعودية والإمارات والأردن في أول جولة خارجية له منذ سقوط نظام الأسد.

المحور الثالث محور أوروبا ممثلا بفرنسا وألمانيا وتصريحاتهم أكثر صراحة ووضوحا من المحاور الأخرى خاصة وإن هنالك ملايين اللاجئين السورين في هذين البلدين وبلدان أوروبية أخرى، وبالتالي ينظران للأمر على أن سوريا يجب أن تكون مستقرة من أجل عودة اللاجئين لبلدهم، خاصة غير العاملين منهم والذين يتلقون دعما ماليا من هذه الدول، مضافا لذلك مخاوف الأوربيين من عودة الصراع بين المجاميع المسلحة السورية فيما بينها مما سيزيد أعداد النازحين من جديد.

المحور الرابع هو محور أمريكا التي تنظر للأمر بعين أخرى تختلف عن الجميع، فمصالحها في المنطقة أكبر من مصالح جميع المحاور الأخرى، وهي تفكر أبعد من اللحظة الآنية، فهي تسعى لسوريا غير قادرة على تهديد الكيان الصهيوني لهذا سمحت بضرب كل ما يمتلكه الجيش السوري من معدات وعتاد ومخازن وقواعد جوية، وبالتالي تخلصت من 80% من القوة العسكرية وسمحت بنهب ما تبقى منها في معسكرات قريبة من أماكن تواجد فصائل موالية لها، الجانب الآخر تسعى واشنطن لمنع عودة إيران لهذه المنطقة وقطع طريق الإمداد لحزب الله اللبناني، وبالتالي يؤدي هذا لتفكيك (محور الممانعة)، وهو الأمر تسعى له واشنطن من أجل ضمان أمن الكيان الصهيوني.

لهذا نجد أن ما يجري وسيجري لاحقا هو صراع على سوريا لمن تكون؟ أي محور من هذه المحاور سيكون له الحضور الأكبر في هذا البلد .