كتب رئيس التحرير:
أكثر ما يُثير التوجّس في نفوس العراقيين، ساسةً ومواطنين، ممّا يحدث في سوريا، ليس تغيير النظام في دمشق، فهو فعلٌ سياسيّ تستطيع الدبلوماسيَّة العراقيَّة التعامل معه وفقاً للمشتركات بين العراق وسوريا، وهي مشتركاتٌ كبيرةٌ وكثيرةٌ يتداخل فيها الاجتماعيُّ بالاقتصاديِّ بالتاريخيِّ.
ما يُثير القلق حقاً هو وجود آلاف السجناء من عصابات داعش الإرهابيَّة محتجَزين على مقربةٍ من الحدود. وهؤلاء ومن خلفهم بانتظار أيِّ اضطرابٍ أمنيٍّ قد يُشكّل بالنسبة لهم فرصةً لفتح بوّابات سجونهم وخروجهم مرّةً أخرى لممارسة دورهم التخريبيِّ في البلدين الشقيقين. الخطورة تكمن في أنَّ هذه القنابل الموقوتة يمكن أنْ تغدو في لحظةٍ واحدةٍ ورقةً يلعبها طرفٌ من أطراف الصراع في سوريا ما بعد الأسد، والوضع متشابكٌ هناك والإرادات متنافرة، وبعض هذه الإرادات خارجيّ كما لا يخفى. لهذا فإنَّ تصريحات رئيس جهاز الأمن الوطنيِّ عبد الكريم عبد فاضل "أبو علي البصريّ" التي أدلى بها في حواره مع "الصباح" اليوم، ناظرةٌ إلى هذه الجنبة التي تُشكّل فعلاً مصدر قلقٍ لكلِّ من يُريد الأمن والطمأنينة لا للعراق وحده بل لسوريا أيضاً، ولكلِّ العالم كما ذكر البصريّ الذي حذّر من أنَّ فتح الأبواب لهؤلاء الإرهابيين ـ تحت أيَّة ذريعةٍ ـ سيجعلهم يلجؤون إلى استراتيجيَّةٍ في العمل الإرهابيِّ تُهدِّد العالم لأنهم سيُشكّلون حينها "ذئاباً منفردةً" تقوم بعملياتٍ قد لا تحتاج إلى تخطيطٍ جماعيّ، وضرب مثالاً على ذلك ما حدث مؤخّراً في أميركا وألمانيا وفرنسا وروسيا من دهسٍ وإطلاق نار. كلُّ اهتمامٍ بالشأن السوريِّ يجب أنْ يكون ناظراً إلى هذا الخطر أوّلاً قبل كلِّ شيء.