د. صادق كاظم
تسلم الرئيس الأمريكي ترامب دفة الرئاسة ليعود من جديد إلى البيت الأبيض وملف الشرق الأوسط سيكون حتما حاضرا لديه، حيث إن المنطقة تنتظر من سيد البيت الأبيض الجديد أداءً مختلفا عما كان عليه في الفترة السابقة، التي خرج منها مهزوما وملاحقا بتهم عكست قلة خبرته وفوضويته واستهانته بالمنصب. الشرق الأوسط ومنذ السابع من اكتوبر 2023 يشهد غليانا وحربا وتغييرات جيوسياسية من سقوط مفاجئ لنظام الأسد واغتيال الزعيم اللبناني البارز السيد حسن نصر الله، ومهندس طوفان الأقصى يحيى السنوار، في وقت تبادل فيه الإيرانيون والإسرائيليون الضربات والهجمات لأول مرة، فضلا عن قيام الحوثيين بتطويق البحر الأحمر وتجفيف عروق التجارة الوافدة إلى تل ابيب عبر ميناء ايلات.
الأمريكيون المعنيون بالمنطقة والحريصون على المحافظة على تحالف ثابت مع تل ابيب والطامحين والمخططين لتشكيل شرق أوسط جديد تكون فيه الصراعات في المنطقة مجمدة أو مركونة على الرف مقابل إغراءات بمساعدات مالية تهب على المنطقة مع رغبة قوية بترويض ايران وجعلها أقل عدائية لواشنطن وتل أبيب عبر تبني سياسة قطع الأذرع التي تعتمد عليها طهران في مواجهة خصومها من الصهاينة والأمريكان. العراق المعني بالمنطقة باعتباره دولة محورية لها ثقلها البارز والذي عانى سابقا من الإرهاب ومن التدخلات الخارجية الإقليمية التي أرهقته وكبدته خسائر بشرية ومالية ليست بالقليلة قبل أن يتعافى مجددا ويبلغ ضفاف الاستقرار بعد دحر الإرهاب الذي تعرض له في اخطر موجة استمرت من العام 2014 وحتى العام 2017 يطمح إلى أن تكون المنطقة مستقرة وبعيدة عن الاضطرابات والحروب وفق مبدأ إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية بما يضمن حقوق شعبها ومنع العدوان الصهيوني ووضع حد له. من المؤكد أن حل الأزمات في المنطقة يحتاج إلى اكثر من جهد والى تضافر وتعاون بين الجميع، خصوصا أن اتفاق وقف اطلاق النار في لبنان أتاح للجميع حرية التقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق ويمكن أن يشكل مبادرة لطرح الملف الفلسطيني على الطاولة عبر تحشيد المجتمع الدولي لإيجاد حلول له ولجم الصهاينة. ترامب الرئيس ورجل الأعمال يميل إلى الصفقات اكثر منها إلى السياسة فهو يؤمن بان المقايضات هي التي تقود إلى التفاهمات وإبرام الصفقات وهو حتما سيضغط من أجل حل الأزمات العالقة في المنطقة ومنها الشرق الوسط لكن الأمر سيتوقف على حسن النوايا والمصداقية وعدم الانحياز إلى أي طرف على حساب الأخر. بغداد التي قادت ورعت في السابق تجارب ناجحة لتقارب مؤثر بين الرياض وطهران ونقلت رسائل واستضافت اجتماعات بين الأمريكيين والإيرانيين تراهن على أن الوقت وتؤمن بأن الظرف ما زال متاحا للتهدئة وإقامة حوارات مشتركة بين الإيرانيين والأمريكيين في المرحلة القادمة، من أجل حل الخلافات المزمنة والعميقة التي تتسبب في توترات وتشنجات وصدامات تنعكس سلبا على دول المنطقة. حتما التطورات الأخيرة التي حصلت في سوريا مع وجود خطط سرية صهيونية غير معلنة لتقسيم دول المنطقة على أساس عرقي أو طائفي تحت لافتة مشروع الشرق الأوسط الجديد أمور تدفع باتجاه تجاوز الخلافات وتوحيد وجهات النظر بالنسبة إلى دول المنطقة، فضلا عن بلورة مشروع موحد لإقامة تحالفات سياسية متينة تتصدى للمخططات والأطماع الصهيونية التي باتت تستغل خروج سوريا بعد سقوط الأسد من المواجهة والقيود العسيرة والظروف الصعبة التي يمر بها لبنان بعد تمرير قرار وقف اطلاق النار، فضلا عن استمرار العدوان الصهيوني على غزة وإبادة شعبها.