طالب سعدون
يعرف العالم أن ليل الشتاء طويل.. كيف به إذا كان قارسا في برده؟.. كيف وقع شدته على الأطفال، وكيف حال الشيوخ بعد أن وهن العظم وضعف البدن وهجمت الأمراض. وتنهال عليهم القذائف الإسرائيلية ولم تترك لهم ملاذا آمنا في البيت، بعد أن هدم بيوتهم أو المستشفى التي دمرها بصواريخه.
في هذه الليالي شديدة البرد تنقل الفضائيات إلى العالم صورا مؤلمة عن حال أطفال وشيوخ غزة وهم يواجهون موجات البرد وموجات قذائف نتنياهو.
وبينما يعيش العالم ببقايا ضمير لم تبق ذرة منه عند نتنياهو، فهو يحاصر الأطفال والشيوخ بالرصاص والجوع والموت والدمار وتحاصره اللعنات والغضب.
يبدو أن العالم يعيش في سبات. رأينا ه من على الشاشات كيف يودع عاما ويستقبل آخر بالاحتفالات، لكنه أغلق عينيه وسد أذنيه عن صرخات أطفال وشيوخ غزة، وهم يستقبلونه بالموت والدم والجوع والمرض والدمار ولا تزال جثث كثيرة تحت الأنقاض.
اذا مات الضمير انحدر الإنسان في إنسانيته. يقول الفيلسوف الفرنسي روسو (لولا الضمير ما شعرت بشيء في نفسي يرفعني فوق البهائم).
نستشف من كلامه أن الضمير فوق العقل - على أهميته - لان العقل قد يقدم على فعل شيء يكتشف فيما بعد من خلال الرقيب (الضمير) أنه خطأ ويلحق ضررا بالذات أو الآخر، وعليه يجب تغييره فورا.
فالجاني قد يكتشف خطأه وقبح فعله وتأثيره السلبي على الآخر، فيشعر بالندم ويسلم نفسه للشرطة ويعترف بجرمه، اذا ما استيقظ ضميره وفاق من سباته.
إذا نجح الضمير في هذا القرار فهو حي أو يقظ أو انتابته (صحوة) كما هو دارج في الاستخدام، وإن فشل وخضع للقلب، فهو ميت وبذلك يمكن أن تحكم على الإنسان بأنه فقد إنسانيته.
فالعقل قد يعرض الإنسان للخطأ، لكن الضمير الحي يصحح الخطأ. وهنا تظهر قوة الضمير فهو الحاكم، وله قانونه الأخلاقي الخاص، وهو مقياس الإنسان وموجهه كذلك.
الضمير هو صوت الله في الإنسان كما يقول فكتور هوجو، أو هو صوت الروح كما يقول المثل البولندي، وهذا ما يجعل من يمتلك هذا الصوت، نقيا.. سخيا في عطائه، كريما في خلقه ..
كيف تجد ضميرا عند نتنياهو وقد تحكم الشيطان في قلبه وسيطرت نزعة الظلم والطغيان والقتل والخراب على عقله.
و اذا غاب القانون الداخلي (الضمير) يصبح لزاما تطبيق القانون العام (الخارجي) بكل حزم وقوة مع كل من باع ضميره. وهذا كان قرار محكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو ووزير دفاعه لارتكابهما جرائم حرب ضد الإنسانية، وهو قرار ملزم لكل الدول.