تحديات الجفاف

آراء 2025/01/16
...

 جعفر عبد الامير لبجة 


في بلد يتجاوز عدد سكانه 45.4 مليون نسمة، يواجه العراق تهديدًا مزدوجًا يمسّ أسس استقراره ومستقبله. فمن جهة، يتعرض بلد الرافدين لجفاف قاسٍ ناجم عن انخفاض إمدادات المياه من المنابع التركية واستغلال غير متوازن للموارد المائية. ومن جهة أخرى، يعتمد اقتصاده بشكل شبه كلي على عائدات النفط، المورد المهدد بالنضوب في ظل توجه عالمي نحو بدائل الطاقة المتجددة.

الأزمة المائية:

تُعتبر دجلة والفرات شريان الحياة للعراق، لكن بناء السدود الضخمة على هذين النهرين في تركيا وإيران أدى إلى تقليل تدفق المياه. وتعاني البلاد من تصحّر متزايد وتراجع الزراعة، حيث أصبحت الأراضي الزراعية شبه مهجورة، فيما تزداد الاعتمادية على استيراد المواد الغذائية.

دون استراتيجية واضحة لإدارة المياه أو اتفاقيات ملزمة مع دول الجوار، أصبح العراق عرضة لتفاقم أزمة المياه، ما يهدد الأمن الغذائي ويزيد من احتمالات النزاعات المحلية والدولية على الموارد المائية.

التبعية النفطية:

يشكل النفط نحو 90% من الإيرادات الحكومية و99% من الصادرات العراقية. لكن الاعتماد المفرط على النفط يضع الاقتصاد في مواجهة تحديات متعددة: تقلبات أسعار النفط العالمية، وتراجع الطلب مع زيادة التوجه إلى الطاقة المتجددة، فضلاً عن التهديدات البيئية.

ورغم سنوات من الإيرادات النفطية الضخمة، لم يُترجم ذلك إلى بناء قاعدة صناعية أو زراعية حقيقية. هذا الفشل يترك العراق عُرضة لصدمات اقتصادية قد تكون كارثية في حال انخفاض عائدات النفط مستقبلاً.

غياب التخطيط التنموي:

تعاني الحكومات العراقية المتعاقبة من ضعف في التخطيط الاستراتيجي، حيث تغيب خطط التنمية بعيدة المدى. البنية التحتية متدهورة، ومستوى التعليم والصحة متراجع، بينما يزداد الاعتماد على الاستيراد لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.

بدون رؤية وطنية شاملة، تُهدر الموارد الطبيعية والمالية في مشروعات قصيرة الأمد تفتقر للاستدامة، ما يعمق أزمات البطالة والفقر والهجرة. هل هناك حلول ممكنة لكل هذا ؟ نعم هناك بصيص أمل وسط العواصف

1 - إدارة الموارد المائية: تطوير سياسات ري حديثة، التفاوض الجاد مع دول المنبع، وتطوير مشاريع لتحلية المياه وإعادة التدوير.

2 - تنويع الاقتصاد: الاستثمار في الصناعات التحويلية، وتشجيع الزراعة المستدامة، وتعزيز قطاع السياحة.

3 - الطاقة المتجددة: استغلال الإمكانيات الطبيعية للعراق مثل الشمس والرياح لتطوير مصادر طاقة بديلة. 

4 - إصلاح النظام الإداري: مكافحة الفساد وإصلاح مؤسسات الدولة لتوجيه العائدات نحو مشاريع تنموية.

 العراق يواجه تحديات كبيرة يمكن أن تؤثر بشكل عميق في مستقبله. يعتبر البلد في مفترق طرق بسبب الأزمات المتراكمة في مجالات متعددة مثل الاقتصاد، البيئة، والموارد المائية. مع تزايد تأثير تغير المناخ والجفاف في المنطقة، يعاني العراق من نقص حاد في المياه نتيجة للتغيرات في تدفق الأنهار، وخاصة نهر دجلة والفرات، وهما المصدران الرئيسان للمياه في البلاد. هذا يهدد الأمن الغذائي والموارد المائية للشعب العراقي. بالإضافة إلى ذلك، العراق يعاني من مشكلات اقتصادية معتمدة بشكل كبير على صادرات النفط، مما يجعله عرضة للضغوط الاقتصادية العالمية وتقلبات أسعار النفط. هذه التحديات، إذا لم يتم التعامل معها بشكل سريع وفعال، قد تؤدي إلى زيادة الفقر والتوترات الاجتماعية في المستقبل.

إذا تحركت الحكومة العراقية بسرعة في معالجة هذه الأزمات من خلال استراتيجيات طويلة الأمد للاستدامة، مثل تحسين إدارة المياه، وتعزيز التنوع الاقتصادي، والاستثمار في الطاقة المتجددة، يمكن أن يكون هناك أمل في تفادي الصراع المائي والفقر. لكن التأخير في اتخاذ القرارات الحاسمة قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأجيال القادمة.