الرقصة الأخيرة مع كاليغولا

آراء 2025/01/19
...

 نبيه البرجي

ترامب لا يريد أن يكون بارتفاع برج ترامب، انما بحجم العالم، أو فوق العالم. لم يفكر بالتداعيات الدولية بجعله كندا الولاية الحادية والخمسين، وللسيطرة على جزيرة غرينلاند، فضلا عن قناة بنما. من الآن بدأ الحديث عن "هتلر الأميركي". ولكن من من قادة الغرب، ومن زعيم الفايكنغ راغنار نوثبروك، وحتى أدولف هتلر، مروراً بنابليون بونابرت، لم يدفع بخيوله، أو بدباباته، إلى آخر نقطة في الأرض؟

"حين ظهر أدولف هتلر، لم نكن ندري ما اذا كان علينا أن نذهب إلى الخنادق أم نذهب إلى القبور...". هكذا كتب الألماني هورست كروغر. الآن، كلام من هذا القبيل عشية الظهور الثاني لدونالد ترامب في البيت الأبيض. هذه المرة سيكون بالتاج، وبالصولجان، الأمبراطوري.

 المؤرخ الأميركي جيريمي سوري (Jeremi SURI) يخشى أن تكون الولاية الثانية للرجل "الرقصة الأخيرة مع كاليغولا". 

هذه حال كل الغزاة الذين تنتهي إمبراطورياتهم بنهايتهم. الأمثلة كثيرة في التاريخ الذي غالباً ما يتقيأ ذلك النوع من الرجال عندما يحاولون تقليد الآلهة في الميثولوجيات القديمة. 

نتوقف عند رأي روبرت أوبنهايمر، أبو القنبلة النووية، الذي اعتبر أن التكنولوجيا، وهي ميثولوجيا المستقبل، تقودنا إلى الأعلى الذي هو الصعود إلى الهاوية. 

ما من أحد من مؤرخي، أو فلاسفة، القرن تمكن من أن يستوعب الجنون الأميركي. ولكن، أي عالم ما بعد أميركا؟ الخواء أم العودة سيراً على الأقدام إلى العصر الحجري؟

وليم كريستول، أحد منظّري المحافظين الجدد، رأى أن ادارة البشرية "فن إلهي" لا يتقنه الصينيون الذين، في نظره، لا يمتلكون ما يكفي من الخيال، ولا الروس الذين ترعرعوا، كما الدببة القطبية، وراء الثلوج. 

ولكن ألم يتوجس وول سوينكا، النيجيري الحائز نوبل في الآداب، من أن "يحكمنا الأغبياء أو المجانين".

هل باستطاعة الامبراطورية الأميركية أن تحمل، على ظهرها، كل دول العالم؟ أفريل هاريمان، الدبلوماسي الأميركي الشهير والذي رافق الرئيس فرنكلين روزفلت إلى مؤتمر يالطا، في شباط / فبراير 1945، هاله طرح ونستون تشرشل اعطاء جوزيف ستالين كل تلك البلدان الأوروبية والآسيوية. 

كان توضيح الزعيم البريطاني "تصور أن نضع على عربة تجرها الكلاب أثقالاً تنوء بها عربة تجرها البغال. ماذا يحدث في هذه الحال؟". 

العربة تتحطم. هذا ما حصل للإمبراطورية السوفياتية. لعل هذا ما يمكن أن يحدث للإمبراطورية الأميركية.

 لا مجال للصين، حيث تنتفي الامكانات الثقافية، بأن تقود العالم. لا جدوى من فلسفة كونفوشيوس، وحيث التفاعل مع السماء من خلال التأمل، ولا من فلسفة ماو تسي تونغ بشعار "دع مائة زهرة تتفتح". 

يفترض أن تكون الكرة الأرضية نسخة زاهية عن جهنم. دع مائة قنبلة تنفجر. عشنا كيف كانت القنابل الأميركية تنهال علينا لنختار ما يمكن أن نفعل باشلائنا، بعدما قرأنا لساحر الشاشة اليابانية أكيرا كورسوا ما قاله عن هيروشيما "حقاً، كانت مشكلتنا الكبرى ماذا نقول لتلك الهياكل العظمية التي كما لو أنها تماثيل من الهواء المحترق والتي لا تزال تصرخ في وجهنا؟".

إمبراطور هو عبارة عن كوكتيل من الشخصيات الغرائبية. في نهاية المطاف انه القاطرة التي تحاول أن تجر الكرة الأرضية، وربما المريخ أيضاً، وراءها. ولكن، هل من مكان للبعد الأخلاقي في داخله. الجواب لدى الممثلة، والمغنية، سكارليت جوهانسون التي ترى أن "البحث عن الأخلاق في شخصية ترامب كمن يبحث عن قطته الضائعة في كوب الشاي".

ترامب لا يريد أن يكون بارتفاع برج ترامب، انما بحجم العالم، أو فوق العالم. لم يفكر بالتداعيات الدولية بجعله كندا الولاية الحادية والخمسين، وللسيطرة على جزيرة غرينلاند، فضلاً عن قناة بنما. من الآن بدأ الحديث عن "هتلر الأميركي". ولكن من قادة الغرب، ومن زعيم الفايكنغ راغنار نوثبروك، وحتى أدولف هتلر، مروراً بنابليون بونابرت، لم يدفع بخيوله، أو بدباباته، إلى آخر نقطة في الأرض؟ 

لا قوة بشرية يمكن أن تهدد أميركا. الحاجة، وكما يقول الانكليزي جون كمبفنر (المدير التنفيذي لمشروع "الممملكة المتحدة في العالم")، إلى قوة ما فوق البشرية. هنا يأتي قول نيك بوستروم، الفيلسوف السويدي في جامعة أوكسفورد"، من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى تقويض البنى الفلسفية للولايات المتحدة"، اذا لا بد أن يفضي إلى تغيير هائل حتى في الحياة. 

من هنا دعوته إلى وقف ذلك "الكائن الأكثر دهاء، والأكثر قدرة من الشيطان على العبث بالأرواح البشرية".

 أميركا تقتل أميركا. هل توقف الذكاء الاصطناعي، مثلما أوقفت الاستنساخ عند النعجة دولي كي لا يؤدي ذلك إلى تدمير "الجوهر الإلهي " للكائن البشري؟

 هذه هي خلاصة مئات المقالات الأميركية والأوروبية: "حين يكون دونالد ترامب على رأس العالم لا بد أن نتوقع الأسوأ".