جدل حول قرار المركزي تخفيض بدل البيوع العقارية

الثانية والثالثة 2025/01/19
...

 بغداد : نور نجاح عبدالله

القرار الذي أصدره البنك المركزي العراقي حول تخفيض بدل البيوع العقارية، إلى 100 مليون دينار، أثار جدلاً واسعاً بين الأوساط التجارية والاقتصادية.

وفيما أيد اقتصاديون وناشطون في مجال مكافحة الفساد، هذه الخطوة باعتبارها تأتي ضمن إجراءات مكافحة غسيل الأموال، اعتبر آخرون القرار سيتسبب بركود في سوق العقارات، ويشكل عبئاً على كاهل المواطن.

وأصدر البنك المركزي العراقي، منتصف كانون الثاني الجاري، قراراً خفض بموجبه السقف الخاص بمبالغ المعاملات المالية (بدل البيوع العقارية) من 500 مليون إلى 100 مليون دينار.

الباحث مصطفى أكرم حنتوش، المختص بالجانب المالي والمصرفي، يرى أن قرار البنك المركزي العراقي الأخير بخصوص تقييد مبيعات العقارات يعدُّ خطوة مهمة في جهود محاربة غسيل الأموال. وأوضح لـ"الصباح" أن هذا القرار يأتي ضمن إطار "الإجبار المصرفي"، وليس "التسويق المصرفي"، حيث يُقصد به تقييم العقارات بشكل ضريبي وليس سوقياً.

وأضاف أنه على سبيل المثال، تبلغ القيمة الضريبية للمتر الواحد تقريباً 20بالمئة من قيمته السوقية، مما يعني أن العقارات التي لا تتجاوز قيمتها السوقية 400 مليون دينار، وخاصة في المناطق الشعبية والمتوسطة، لن يشملها هذا القرار. ومع ذلك، فإن المناطق ذات الأسعار التجارية مثل اليرموك والجادرية والمنصور ستخضع للتقييم الضريبي المرتفع، وبالتالي ستكون أكثر عرضة لتطبيق هذا القرار.

بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن القرار يفرض على المشتري توفير مبلغ الشراء دفعة واحدة، مما قد يتسبب في انخفاض الطلب على العقارات بسبب صعوبة توفير المبلغ وتجميد الأموال في المصارف لفترة طويلة. وأضاف لـ"الصباح" أن الإجراءات البيروقراطية للمصارف العراقية قد تؤدي إلى تأخير المعاملات وزيادة التكاليف المالية للمشترين، مما يُسهم في تكبُّد المزيد من المصاريف.

وأشار المرسومي إلى أن قرار البنك المركزي، رغم إيجابياته في مكافحة غسيل الأموال وتنظيم السوق، قد تكون له آثار سلبية في المدى القصير على نشاطات سوق العقارات، مما قد يؤدي إلى تباطؤ في العمليات التجارية.

في تلك الأثناء، أكد الخبير المالي عبد الحسن الزيادي أن الحكومة تتبنى توجهاً كاملاً نحو التحول الرقمي، حيث تسعى لجعل كل مواطن يحمل بطاقة ائتمانية ويملك حساباً مصرفياً لتمكينه من الاستفادة من الخدمات المصرفية الحديثة، وبالتالي تسهيل عمليات الدفع والتحويل المالي.

وأوضح الزيادي لـ"الصباح" أن العراق يعدُّ من الدول القليلة في المنطقة التي مازالت تعتمد بشكل كبير على التعاملات النقدية، مشيراً إلى أن التحول نحو العملة الرقمية أصبح ضرورة في ظل التقدم الذي تحققه العديد من البلدان حول العالم. 

وأضاف أن هذا التحول سيتيح للمواطنين إيداع أموالهم في البنوك بدلاً من تخزينها في المنازل، مما يُسهم في تحريك الاقتصاد وتوفير بيئة اقتصادية آمنة ومتطورة.

أما تأثير القرار في مكافحة عمليات غسيل الأموال، أبدى الناشط في مجال مكافحة الفساد سعيد ياسين، قلقه من القرار الأخير للبنك المركزي، وقال "سيكون له تأثير سلبي على سوق العقارات، في وقت يعاني فيه البلد من أزمة سكنية". وأكد لـ"الصباح"، قائلاً: "هذه الإجراءات، على الرغم من كونها جزءاً من جهود تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، إلا أنها ستتطلب مزيداً من التنسيق بين السلطات العامة والجهات الرقابية لتحقيق نتائج إيجابية على 

أرض الواقع".

ونوه ياسين بأن تبسيط الإجراءات الحكومية يعدُّ من أفضل الوسائل لمكافحة الفساد بكل أشكاله، سواء الإداري أو المالي، أما التضييق على الشعب في تعاملاته اليومية فإنه لا يؤدي إلا إلى تعزيز الفساد، وفقاً لقوله.