العراق يدشّن {نظاماً محاسبياً موحَّداً} بمعايير دوليَّة

الثانية والثالثة 2025/01/19
...

 بغداد: عمر عبد اللطيف

بعد قرابة أكثر من 4 عقود من استخدام أول نظام محاسبي في البلاد، أصدر ديوان الرقابة المالية الاتحادي "نظاماً محاسبياً موحداً" محدثاً على وفق المعايير الدولية المعمول بها في 140 دولة، يجري استخدامه بنسخته التجريبية حالياً، ليتم إطلاقه بشكل رسمي في العام المقبل 2026، ويتيح النظام الجديد مزيداً من الشفافية في العمليات المحاسبية والحوكمة الرشيدة وكذلك يسهم بجذب الاستثمار الأجنبي عبر توافقه مع المعايير الدولية.

وقال نائب رئيس الديوان الدكتور قيصر غازي، في حديث لـ"الصباح": إن "النظام الجديد بدأ العمل به مطلع العام الحالي 2025 (تجريبياً) بالتوازي مع النظام المحاسبي الموحد الذي كان معمولاً به في السابق، على أن يطبق بداية العام المقبل 2026 إلزامياً". وأشار غازي، إلى أن "(مجلس المعايير المحاسبية والرقابية) الذي تأسس عام 1995 برئاسة رئيس ديوان الرقابة وعضوية العديد من الجهات ذات العلاقة والمختصة بالشأن المحاسبي، كان لديه توجه بإصدار قواعد محاسبية محلية ونجح في إصدار 15 قاعدة؛ إلا أن التطور في مهنة المحاسبة والتي أصبحت لغة الاقتصاد جعل من الأنظمة المحلية المعمول بها بالعراق غير مفهومة للجهات الخارجية وغير قابلة للمقارنة، كونها لا تواكب ما معمول به عالمياً، وهي من أحد العوامل التي حدت من الاستثمار الأجنبي ودخول الشركات الأجنبية إلى السوق العراقية".

وبيّن، أن "التوافق مع المعايير الدولية يعزز التكامل بين الاقتصاد المحلي والعالمي، مما يُسهم في جذب رؤوس الأموال وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، ولكي تتواصل بيئة الاقتصاد العراقية مع العالم يجب أن تنطلق وتطبق هذه المعايير"، وأضاف أن "النظام المحاسبي يجب أن يراعي كل الأمور المتعلقة بالقوانين والأنظمة والتعليمات النافذة لكي يكون منسجماً 

ولا يتعارض معها ".


معايير دولية

وأوضح، أن "(الاتحاد الدولي للمحاسبين) أصدر 41 معياراً دولياً معمولاً بها في أكثر من 140 دولة حول العالم؛ بضمنها دول جوار العراق والدول الإقليمية كالأردن والبحرين والسعودية ومصر، الأمر الذي استدعى تفعيل (مجلس المعايير) العراقي عام 2024 وعقد أربع جلسات، استطاع في الجلسة الثانية منه إصدار قرار اعتماد المعايير الدولية، واعتبر هذا القرار تحولاً تاريخياً في مهنة المحاسبة في العراق" .

ونبّه غازي، إلى أن "المجلس اتخذ القرار بعد تهيئة متطلبات نجاحه؛ وأولها إصدار (النظام المحاسبي الموحد) والمحدّث وفق المعايير، بعد أن كان أول إصدار له في عام 1982 واستمر تحديثه على فترات كان آخرها عام 2011"، منوهاً بأن "النظام الجديد استمر العمل عليه لمدة 7 سنوات من قبل خبراء متخصصين في ديوان الرقابة المالية الاتحادي لجعله منسجماً مع معايير (الاتحاد الدولي للمحاسبين) المشار إليها آنفاً". وأشار، إلى أن "المركز التدريبي في الديوان انتهى من  إعداد نواة مدربين من 25 محاسباً قانونياً مختصاً من خلال تدريبهم بشكل كامل ومنحهم شهادة مدرب على هذا النظام، وستشمل الدورات جميع محافظات العراق".

شفافية واستثمار

وأكد، أن "تطبيق معايير المحاسبة الدولية يؤدي إلى تحسين جودة المعلومات المالية وزيادة الشفافية، مما يعزز الثقة بين المستخدمين الخارجيين مثل المستثمرين والمقرضين"، مبيناً أن "الهدف من وجود هذا النظام تسهيل عمل المستثمرين وفهم البيانات المالية من قبل الجهات الخارجية وتلبية متطلبات الأسواق المالية العالمية، كون أن تطبيق معايير موحدة يسهل عمليات الدمج والاستحواذ بين الشركات من دول مختلفة من خلال تقديم لغة مالية مشتركة، فضلاً عن توفير معلومات دقيقة للسلطة الضريبية والسلطات الأخرى، وتوفير معلومات ملائمة لمتخذ القرار مما يساعد الإدارة على اتخاذ قرارات ستراتيجية قائمة على معلومات موثوقة، وبالتالي تجنب الكثير من الأخطاء التي قد تؤدي إلى حصول حالات فساد".

ونبّه، نائب رئيس ديوان الرقابة، إلى أن "إعداد البيانات المالية على وفق النظام المحدّث سيجعلها تتسم بالشفافية وتعزز من إجراءات الرقابة وممارسات الحوكمة الرشيدة من خلال توفير تقارير مالية دقيقة تعكس الأداء الحقيقي للمؤسسات، إذ إن الرقابة على التصرفات المالية إذا كانت محكومة وفق معايير دولية ستكون أكثر فاعلية".


تطوير النظام

وأوضح، أن "النظام الجديد قابل للتطوير في جانبين؛ الأول خلال فترة التطبيق التجريبي من خلال وضع الحلول الملائمة للمشكلات التي قد تظهر أثناء التطبيق والاستفسارات التي ترد إلى المجلس، أما الثاني فهو يكون من خلال تحديث النظام على وفق تحديثات المعايير التي يتم إصدارها من (الاتحاد الدولي للمحاسبين)"، منبهاً إلى أن "هنالك خطوات اتخذت لدعم القرار منها توزيع الأدوار على الجهات القطاعية ذات العلاقة، من خلال الشركاء في المجلس كنقابة المحاسبين والمدققين والجمعية العراقية للمحاسبين القانونيين والمعهد العالي للدراسات المحاسبية والمالية لإعداد المناهج الخاصة بالتدريب، فضلاً عن دائرة تسجيل الشركات التي وضعت ضمن إجراءاتها الالتزام  بتطبيق هذه المعايير، والتعاون الدولي مع مؤسسة التمويل الدولية وشركات التدقيق الدولية الأربع الكبار الذين أبدوا دعمهم واستعدادهم أن يكونوا شركاء بتدريب كل الملاكات الموجودة بالعراق وبشكل مجاني".

وألمح غازي، إلى "مخاطبة وزارة التعليم العالي من أجل تغيير المناهج الدراسية الخاصة بالمحاسبة والتدقيق بما ينسجم مع المعايير الدولية، لتكون هنالك مخرجات تعليمية قادرة على التطبيق العملي السليم خلال المراحل المقبلة".