حمزة مصطفى
اليوم الاثنين تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لولاية ثانية وإن كانت متقطعة. بدءا من الغد الثلاثاء سوف تسقط مفردة "منتخب" من قاموس التداول ويصبح لقبه "فخامة الرئيس". يوم أمس كان الأحد وهو تاريخ تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة بعد 15 شهرا من الصمود غزاويا ومن التدمير الممنهج صهيونيا للبشر والحجر في هذا المكان من أرض فلسطين. قبل نحو شهر من تاريخ هذا اليوم وبضعة أيام استفاق العالم على معادلة جديدة وغريبة في سوريا. نظام بلغ الرابعة والخمسين من العمر سقط بـ 11 يوما. البديل لم يكن أحد ينتظره غودويا على طريقة صموئيل بكيت في مسرحيته الشهيرة "في انتظار غودو"، ولا "برابريا" على طريقة قسطنطين كافافيس في قصيدته "في انتظار البرابرة". في الأسبوع الماضي في لبنان وبعد شغور المنصب الرئاسي لأكثر من سنتين تم بسلاسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبعد هذه المفاجأة التي كان من الصعب توقعها حصل حدث مثل مفاجأة أكبر من مفاجأة انتخاب الرئيس، وتمثلت بتكليف رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام لتشكيل الحكومة فيما كانت الأنظار تتجه إلى نجيب ميقاتي.
مفاجآت كان من الصعب توقعها حتى لمن كان ينتظر غودو في مسرحية صموئيل بيكت أو قصيدة قسطنطين كافافي. الانتظار صعب وممل لكن المفاجآت أصعب. ففي مسرحية بيكيت لم يأت غودو برغم الانتظار الطويل حيث انخرط المنتظرون في حوارات ونقاشات طويلة هي الأخرى. وفي قصيدة كافافيس كانت النتيجة قاسية على أهالي أثينا لأنهم هيؤوا أنفسهم تماما لمجيء البرابرة. وحين علموا أن لن يأتي البرابرة قالوا كيف نعيش بلا برابرة. لماذا؟ لأن البرابرة كانوا جزءا من الحل كما قال المنتظرون. لكن هل الحلول تأتي من الخارج دائما؟ وهل الحلول تبقى معلقة بانتظار من قد لا يأتي وقد حصل سواء عند بيكيت او كافافيس؟
هذه الأسئلة وسواها طرحت كثيرا هذه الأيام لمن ينتظر حلا من الخارج لازمات الداخل حتى لو كان غزوا "بربريا" أو انتظارا لشبح. المحصلة أن ترمب يجلس اليوم في البيت الأبيض مثلما كان قد مكث فيه أربع سنوات سابقة، وفي أجندته آلاف القضايا والمفاجآت, وغزة سوف تبدأ بإحصاء الشهداء وركام المنازل. أما لبنان وسوريا فسوف يبقيان على قيد الأمل الغامض. علينا الالتفات إلى داخلنا أفضل من غودو الذي لن يأتي والبرابرة الذين لم يكونوا يوما. جزءا من الحل.