جودة الرقابة لحفظ المال العام

آراء 2025/01/20
...

 وليد خالد الزيدي


أفضل الحكومات هي من تضع الثروات في خدمة الناس، وتعمل منها مصدرا للسعادة وينبوعا للعطاء فطوبى لكل قيادة يمتلك أعضاؤها مالا وعقلا لأنهم في تلك الحال سيصنعون منه خيرا وفيرا، حينما يستخدمونه بطريقة حسنة تحقق أمان وضمان لحياة أكثر اطمئنانا لشعب وضع ثقته بهم فحينما، يمسكون مقدرات الأمة ويضعونها في مواقعها كما توضع شتلات الزهر في المروج الخضر، سيراها الناظرون بكل المواسم تنعم على أهلها بقوت مصحوب بالكرامة والعزة والاباء وهذا لم يتحقق إلا بجهود مضنية وعمل جدي يقوم به كل مسؤول، فالمرء اذا ما أراد أن يكون ثريا يجب أن يعرف أن الثراء ليس بجمع المال انما بمن يحوله إلى طالع سعيد وكسب مديد، وبالعكس حينما لا يجد المال يد نظيفة تغطيه وتنأى به من الجيوب الشرهة، إنما تكثر الأزمات وتزداد المشكلات وتقل الفضائل وتكثر الرذائل، وينتهي الناس بفواجع ومواجع وتتلاشى حينها كل اشكال العدالة بين افراد المجتمع.

لا بد من القول إن المال من أهم أركان تأسيس الحكومات وبناء المؤسسات وازدهار المجتمعات لا سيما في بلدنا، لكونه أكثر البلدان خيرات وثروات وأن الغاية من انبثاق النظام السياسي في العراق، منذ تأسيس الدولة العراقية، قبل أكثر من مئة عام هي قدرة القادة على تشكيل مؤسسات حكومية فاعلة متخصصة بكل قطاعات الحياة لتحسين أمور الشعب وتحقيق العدالة بموجب حكم ركيزته إصلاح أوضاع البلاد، لا سيما قضية التصرف بالأموال العامة، فهي يفترض أن تودع في أعين وضمائر أولي الامر بالمعروف والناهين عن المنكر، فالمنكر وما هو على شاكلته كالتصرف غير المسؤول بثروات وأموال المجتمع وتبديدها جزافا لهو أمر زائل، ومسير مائل وسلوك غير سوي، فالكل يدرك أن حفظ ثروات البلاد لم يأت إلا من خلال تصويب أعين الرقابة عليها وهنا من باب الانصاف يجب أن نشير إلى تأكيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على ضرورة تحسين أطر وطرق المحافظة على المال العام وهو يوجه رئيس ديوان الرقابة المالية بالعمل على تنظيم أسس عمله وتطوير وسائله، باعتباره أحد وأهم ما يمكن أن تشكله من قضية تواجه الحكومة خلال الفترة المقبلة، وفي ظل التزاماتها المنصوص عليها لاسيما في ظل وضع ثلاث موازنات للأعوام من (2032) حتى نهاية العام الحالي(2025)، وتلك فترة مهمة من عهد الحكومة الحالية.

الخزينة بأموالها من مدخلات ومخرجات إنما هي أسمى أعمال الحكومة الحالية ودوائر الرقابة عليها وأرقى مهامها وأنبل سماتها بما أن تجود به على الرعية باستحقاق عادل أمام الله والشعب والتاريخ، الذي لا يرحم احدا اذا ما تجاوز مبدأه الاساس في العمل بحيث يدخل العمل الرقابي في تلك القضية الحساسة عنصرا مهما في وضع الأمور على سكتها الصحيحة، فهو المعني بشكل مباشر بأداء اجهزة الدولة والشفافية في ادارة اموالها ومخصصاتها وجودة تحسين طرق تعاملها مع ثروات البلاد ومكتسبات النظام، وعدم التجاوز على حقوق المجتمع وتحقيق الغايات من انبثاق المؤسسات الدستورية، لذا فقد اصبح أمر تضافر الجهود لتحقيق ذلك واجبا وطنيا وفرضا دستوريا على الجميع، بكل العناوين وليس على أركان الحكومة وحدها.