بغداد بين صناعة السياحتين العربيَّة والعالميَّة

آراء 2025/01/21
...

 د. محمد وليد صالح 


ترتبط صناعة السياحة بالرغبة الإنسانية في المعرفة وتخطي الحدود، وان حركتها تطورت مع الإعلام وظهور شبكة الإنترنت، التي تشمل المعلومات والصور والبيانات ومن أكثر الصناعات نمواً وأكثرها رسوخاً هي السياحة، على الرغم من دخول دول كثيرة في المدة الأخيرة إلى سوقها الذي يستطيع استيعاب العالم كله فهي صناعة العالم إلى العالم الأكثر تطوراً وتفهماً وتفتحاً. 

وفي مجال الترويج وزيادة الوعي والثقافة السياحية تؤدي ممارسة العلاقات العامة دوراً مهماً وحيوياً، إذ تشمل على منهجة التخطيط والتنظيم للجهود الادارية والاتصالية التي تكوّن حلقة من الاتصال بين المؤسسة السياحية والجمهور المهتم بميدانها، عن طريق التفاهم وإقناع الجمهور بأفضلية البلد وتميّزه عن باقي دول العالم، عبر أساليب الإعلام والاتصال ووسائلهما، بهدف توافر بيئة مناسبة للجذب السياحي. 

كما تعد أسلوبا لتعميق العلاقات بين الشعوب بأساليب متنوعة أهمها الأسلوب الإعلاني لتأثيره البالغ على سيكولوجية الشعوب، فضلاً عن تحقيق وظائفها الجماهيرية وأهدافها سواء أكانت مقصودة وظاهرة أم كامنة أم خافية. 

وتهدف العلاقات العامة الدولية إلى إيجاد تفاهم مشترك بين مؤسسة ما أو حكومة وجمهورها المستهدفة عن طريق تجاوز الفجوات الجغرافية واللغوية والثقافية لإنشاء علاقات منفعة متبادلة مع جمهور دول أخرى، من أجل تحقيق قدر من الانسجام الجماعي على وفق أدق فهم لثقافات الشعوب المختلفة وعاداتها، ولكل رأي عام في أية منطقة جغرافية أو إقليم أو دولة اتجاهات تختلف عن الأقاليم الأخرى، وبالتالي يفترض أن تمارس على مستويات دولية وليست محلية أو إقليمية محدودة، سواء أكانت في المجال العلمي أم الثقافي أم الإعلامي على أساس كونها أداة تأثير ذات خصوصية عالية. 

وتظهر هنا أهمية اجراء البحوث الفاحصة والدراسات المعمقة عن السياحة في دول العالم المتقدمة والإفادة من تجاربها الميدانية، والتعرف على طبيعة الشعوب ومعرفة الجوانب الثقافية للسيّاح، فضلاً عن تنظيم الندوات والمؤتمرات والمواسم الثقافية والمناسبات الفنية وتوثيق الأدلة السياحي واصداراتها الدورية بواسطة المجلات المختصة وإعداد النشرات الصحافية، وتطوير البيوت الثقافية داخل البلد وخارجه والمكتبات والمتاحف والمسارح ودور العرض السينمائية، وإنتاج البرامج الاذاعية والتلفزيونية عن المواقع السياحية والثقافية والبيئية والآثارية، ووسائل الاتصال الرقمية والتفاعلية المعتمدة على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت. 

وقد تكون السياحة الثقافية شاملة على المشاركة في المؤتمرات والحلقات الدراسية كنوع من الأنشطة المصاحبة في العواصم المتنوعة حول العالم، فضلاً عن حضور المهرجانات التأريخية والأعياد الدينية والذكريات الشعبية الفولكلورية والمواسم الفنية، عبر تنظيم عمل زيارات الوفود الجماعية كأسلوب جذب سياحي ومصدر ترويج ثقافي وإعلامي، وكثيراً ما تهتم الدول بعقد المؤتمرات العلمية والمنتديات الثقافية واللقاءات والحوارات العالمية، لأهميتها في تقديم ونقل صورة ذهنية ايجابية عن الدولة، وتهيئة مكانتها بين المجتمع الدولي وتأييد الرأي العام العالمي لها والحصول على ثقته بمواقفها من القضايا السياسية المختلفة.