د . صادق كاظم
اخيرا صمتت المدافع الصهيونية التي ابتلعت بنيرانها الحجر والبشر في غزة انتقاما من عملية طوفان الاقصى، التي اذل فيها مقاتلو حماس جيش الكيان وتمكنوا من اسقاط دفاعاته ومعسكراته ومقراته في غضون ساعة من الزمن .
ابرمت الصفقة الحاسمة اخيرا بضغط امريكي وعربي واختير موعد تنفيذها والموافقة عليها بتوقيت من الرئيس ترامب، الذي مارس اقصى الضغوط على اطراف الازمة ليحصل على انجاز فريد يقترن باسمه .
وقف النار يعطي املا بانتهاء الحرب بشكل نهائي وان كانت بشروط صعبة على حماس، التي اختارت ان تقبل بتقديم التنازلات الواقعية، بدلا من المكابرة على الارض احتراما لسكان القطاع المضحين وتقديرا منها لمعاناتهم.
الاتفاق يسجل نقاطا فلسطينية عديدة فهو سيخرج السجناء وسيعيد النازحين الفلسطينيين من سكان القطاع الى بيوتهم وسيجبر الجيش الصهيوني المجرم على الانسحاب والمغادرة من القطاع والعودة الى حدود عام 2005 ، لكنه بالمقابل لا يسمح لحماس بحرية العمل والظهور العلني على الارض مع دور واضح للسلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس بادارة القطاع وكذلك وجود ادارة عربية مشتركة، ثم تأتي المرحلة الثالثة بعد المرحلة الانتقالية لإعلان دولة فلسطين التي تضم أراضي الضفة والقطاع بحسب الخطوط العريضة التي تم بها اتفاق أوسلو مع بعض التعديلات.
الاهم ان وقف النار في غزة سيكون ايذانا ببداية مرحلة جديدة في المنطقة، اذ ستتوقف الحرب وسيكون هناك ترقب وانتظار لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وهو سيكون الأصعب والأخطر، اذ إن الصهاينة معتادون على المماطلة والتلاعب وعدم تنفيذ الاتفاقيات واضاعة الوقت، وبقضم الاراضي وهناك حديث عن اقتطاع 60 كم من أراضي القطاع لاقامة منطقة عازلة من مجموع 360 كيلو مترا مربعا من مساحة القطاع .
حرب العام ونصف التي جرت كشفت عن بشاعة واجرام دويلة الكيان التي استغلت الحدث ابشع استغلال وصبت حمم وجحيم حقدها الدنيء على سكان القطاع المحاصرين اصلا في اضيق بقعة جغرافية سياسية مسكونة في العالم، حيث دمرت المدارس والمستشقيات والبيوت ومحطات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وأصبح القطاع مدمرا باكمله ولم يعد هناك من حجر سالم وصحيح فيه، اضافة الى اكثر من 45 الف شهيد و100 ألف معاق من الاطفال والنساء والشيوخ .
المواطنون من سكان القطاع اجبروا على النزوح والرحيل من مناطقهم صوب البحر عندما تقدم جيش الكيان لاحتلالها بذريعة طرد مقاتلي حماس منها وتحولت أرض غزة إلى أكبر مقبرة جماعية في العالم، حيث لم يجد الموتى مكانا لدفنهم، اذ هدمت البيوت على رؤوس ساكنيها من دون رحمة او ذرة من الانسانية.
المجرم نتنياهو الذي وعد بتدمير حماس وإخراج الأسرى من ايدي حماس لم يحقق ما وعد به، فحماس لم تهزم على الارض وظلت تقاتل وتنصب الكمائن وتدمر آليات العدو وتصطاد جنوده والاسرى قتل ثلثهم بقصف صهيوني، وانجاز نتنياهو الوحيد انه قتل اكثر من 45 الف فلسطيني ليؤكد انتهازيته وبشاعته وانحطاطه.
من المؤكد ان المرحلة التالية بعد انجاز الاتفاق المؤقت لوقف النار هو في إعادة الإعمار والتفاوض لايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، اذ طالما بقيت هذه القضية من دون حل او اعتراف واقعي من قبل الكيان بحقوق الشعب الفلسطيني، لن يكون هناك استقرار وامان طالما أن الكيان المجرم يتنصل ويراوغ ويطالب باثمان مرتفعة وغير واقعية لقاء الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين .
حتما ان الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس سيتعافى من جروحه وسيستعيد عافيته وارادته، لكنه لن ينسى حقوقه وارضه يوما ما وستبقى زهرة المدائن أرض بيت المقدس موطنا للشجاعة والبطولة بوجه المحتلين الصهاينة .