نرمين المفتي
بدأ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار أو كما يصفونه بـ (صفقة تبادل الاسرى) في غزة يوم الاحد الماضي بعد 471 يوما من حرب الابادة التي شنها النازيون الجدد، التي استهدفت المدنيين، الأطفال والنساء خاصة وتدمير البيوت والعمارات السكنية والبنى التحتية. في اليوم الثاني للاتفاق، أعلنت السلطات الصحية في غزة أن عدد الشهداء بلغ أكثر من 47 ألف شهيد وعدد المصابين 111 ألف مصاب. واعلنت منظمات اممية أن اكثر من 70 بالمئة من الشهداء هم نساء وأطفال. واعلنت سلطات الدفاع المدني التي فقدت بوزرها مراكزها وغالبية آلياتها ومعداتها مع استشهاد العشرات من موظفيها، ان عدد الشهداء الذين "تبخرت أجسادهم ولم يتم العثور على أثر لهم" 2842 شهيدا، واضافت أن كوادرها بدأت البحث عن عن أكثر من 10 آلاف مفقود، كلهم شهداء تحت الأنقاض وفي الطرقات وطالبت بمساعدات عربية ودولية في عمليات البحث.
مع اليوم الثاني للاتفاق، توجه النازحون الذين سكن غالبيتهم في مخيمات عشوائية في خيم غالبيتها من أقمشة مهلهلة ونايلون، وهناك من سكن مع اقربائهم في 20 بالمئة من المنازل التي صمدت، إلى مناطقهم وبلداتهم علّهم يجدون بيوتهم أو ما تبقى منها. واكتشفوا أن غالبية البيوت قد تحولت إلى انقاض وتدمرت كليا وقليل منها تضررت جزئيا، وفي الحالتين فهم بحاجة إلى مساعدات كبيرة لإعادة بنائها. وكانت مؤسسة راند البحثية الأمريكية قد كشفت في دراسة لها في وقت سابق أن كلفة اعمار غزة هي 80 مليار دولار، بينها 700 مليون دولار لرفع 42 مليون طن من الأنقاض في عملية معقدة تتطلب سنوات. ورغم الاتفاق ضد غزة بعد انتهاء مدة الاتفاق، فإن الوضع يستمر قاتما ومقلقا، في ظل الانشقاقات داخل الكيان ومطالبة المتطرفون في حكومة نتنياهو الاستمرار في الحرب. وقال مستشار الامن القومي في ادارة ترامب، مايك والتز، للسي إن إن "إذا خرقت حماس هذا الاتفاق وتراجعت، فسندعم (إسرائيل) في القيام بما يتعين عليها القيام به". لكنه لم يقل كيف سيكون تصرفهم إذا خرق الكيان الاتفاق؟ واذ يحاول الغزيون الذين لا توجد عائلة بينهم إلا وفيها شهيد أو مصاب أو مفقود، أن يقفوا على جروحهم مما فعلوا على مدى شهور الحرب، خاصة أن وقوفهم قد أفشل أحد أهداف حرب الإبادة وهو تهجيرهم كلهم خارج غزة للسيطرة عليها مرة اخرى، لقد ساروا على درب آلامهم الذي غطته الدماء والدخان والركام، سكنوا المدارس والتي لم تحمهم من القصف والخيام، التي لم توقف الصواريخ التي أصرت على استهدافهم في عملية انتقامية لم يحدث في التاريخ الحديث مثلها، وهم على ثقة بأن قيامتهم مجددا في نهاية درب الالام. سيأتون بخيامهم فوق انقاض بيوتهم، سيذهب التلاميذ إلى انقاض مدارسهم، فهم انفسهم الذين حولوا خيمة أو اثنتين إلى مدرسة وتمكنوا من فتح اسواق بالممكن في المخيمات.
من الناحية السياسية، تبدو الأوضاع أكثر غموضًا. بينما تسعى الأطراف الدولية لاستمرار التهدئة، يدرك الجميع أن الأسباب الجذرية للصراع لم تُحل. حصار غزة، الذي يطوق القطاع منذ سنوات، لا يزال قائمًا، ويمنع إعادة الإعمار والتنمية. في الوقت نفسه، لا تزال الفصائل الفلسطينية ترى في هذا الحصار تحديًا لا يمكن تجاهله، بينما يساعد الكيان لإعادة النظر في استراتيجياتها العسكرية والسياسية تجاه القطاع.