ترامب.. بداية جديدة بتوجهات حاسمة

آراء 2025/01/23
...

 ناجي الغزي 

 

عاد دونالد ترامب إلى سدة الحكم بعد أربع سنوات من مغادرته البيت الأبيض، ليبدأ ولايته الجديدة وسط أجواء مشحونة بالتحديات. في يوم تنصيبه، اختار ترامب أن يبدأ برسم ملامح عهده الجديد، من خلال سلسلة من القرارات الجريئة التي تعكس رؤيته لإعادة "عظمة أمريكا".

في أولى خطواته، أصدر ترامب عفوًا شاملاً عن أكثر من 1500 شخص ممن وُجهت إليهم اتهامات تتعلق بأحداث الكونغرس في السادس من يناير 2021، ليبعث رسالة واضحة مفادها بأن عهده الجديد سيبدأ بتصفية الحسابات العالقة.

أما في ملف الهجرة، فقد تبنى ترامب نهجًا صارمًا، حيث صنف عصابات المخدرات كمنظمات إرهابية، وأعاد فرض حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية مع المكسيك، في خطوة تهدف إلى تعزيز أمن الحدود ومكافحة الجرائم المنظمة. وفي سياق آخر، ألغى ترامب ما وصفه بأنه "سياسات خاطئة"، بما في ذلك قرار منح الجنسية للأطفال المولودين لأبوين غير شرعيين، مؤكدًا أن نظام الهجرة الجديد سيراعي مصالح المواطنين الأمريكيين بالدرجة الأولى.

أما على الصعيد الدولي، انسحب ترامب مجددًا من اتفاق باريس للمناخ، معتبرًا أن الاتفاقية تُثقل كاهل الاقتصاد الأمريكي دون تحقيق نتائج ملموسة. كما وقع أمرًا تنفيذيًا بخروج الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، منتقدًا دورها في إدارة جائحة (كوفيد- 19) وما وصفه بتأثيرها السياسي. وفي قرارات أثارت الجدل، ألغى ترامب العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على مستوطنين إسرائيليين بالضفة الغربية، مبررًا خطوته بأنها تأتي دعماً "لحلفاء أمريكا الاستراتيجيين". كما أعاد ترامب تأكيد رؤيته القومية عبر قرارات رمزية تعكس سيادة الولايات المتحدة، منها إعادة تسمية خليج المكسيك إلى |"خليج أمريكا"، وفرض رسوم جمركية على واردات كندا وأوروبا بنسبة 25 بالمئة لتعزيز الإنتاج المحلي. وفي الوقت ذاته، شدد على أن الدول الأعضاء في الناتو يجب أن تتحمل نصيبها المالي من الالتزامات الدفاعية، مهددًا بالتراجع عن التزامات الدفاع المشترك مع أي دولة متقاعسة عن سداد مستحقاتها. ترامب لم يغفل الجانب الأمني في أول يوم له، حيث تعهد بمواصلة جهود مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي. كما أشار إلى نيته فتح حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لإنهاء الحرب في أوكرانيا، معلنًا أنه يتوقع التوصل إلى حل في غضون ستة أشهر. وفي خطوة تهدف إلى تعزيز علاقاته مع الشرق الأوسط، أكد ترامب استعداده للعمل مع القيادة السعودية لتحقيق الاستقرار في المنطقة، مشيدًا بالعلاقات الأمريكية- السعودية. مع نهاية يومه الأول في البيت الأبيض، غرد ترامب قائلاً: "أميركا العظيمة عادت، وسأعمل بكل ما أوتيت من قوة لتحقيق أحلام هذا الشعب. لن نتراجع أبدًا". وحمل إشارات واضحة إلى أن ترامب عازم على تنفيذ أجندة جريئة قد تعيد تشكيل ملامح الداخل والخارج. ومع الترقب لما تحمله الأيام القادمة، يبقى السؤال: هل ستصمد هذه السياسات أمام العواصف السياسية والاقتصادية؟


كاتب سياسي