النفط والغاز وسياسة الهيمنة

آراء 2025/01/27
...

 يعقوب يوسف جبر 

 

تشكل ثروة النفط والغاز العامل الاقتصادي الاساسي للدول الكبرى في رسم سياساتها؛ خاصة في منطقة الشرق الاوسط؛ التي تتوفر على أعلى احتياطي في العالم والمقدر ب871.61 مليار برميل.

وقد تعددت أساليب السياسة في هذا المجال ففي بداية القرن الماضي وخلاله كانت سياسة هذه الدول، خاصة أثناء الحرب العالمية الاولى، وكذلك الحرب العالمية الثانية هي القيام باستعمار مباشر لمنطقة الشرق الاوسط وتقسيمها إلى دول وحدود جغرافية وسياسية، بعد ذلك تغيرت الاساليب فتحولت إلى تدخل سياسي في انظمة هذه الدول السياسية وهي سياسة تغيير الحكام، وذلك بتنصيب حكام يأتمرون بأوامر الدول الكبرى ويحمون مصالحها ونفوذها حتى لو تطلب الامر قهر الشعوب والبطش بها وإسكاتها وتجويعها وتجهيلها.

ثم تلتها سياسة إثارة النزاعات الداخلية داخل مجتمعات هذه الدول، لان هذه النزاعات تجد لها ارضية ممهدة لنشوبها فتؤدي إلى استنزاف هذه الدول فتتدخل الدول الكبرى لإيقافها مقابل انتفاعها بموارد هذه البلدان ومنها النفط والغاز.

بنفس الوقت تتفق الدول الكبرى على تقاسم النفوذ والهيمنة بعد توقف الصراع بينها كما أنها تحرص على تطوير ترسانتها النووية لتحقق اعلى مستويات الامن القومي كونها سياسة ردع لبعضها البعض، بينما نجد ان دول الشرق الأوسط لا تملك القوة النووية الرادعة لذلك هي دول مستضعفة من لدن الدول النووية الكبرى.

من هنا نلمس استدامة الدول الكبرى لهيمنتها على منطقة الشرق الاوسط المقسمة، لكي تضمن السيطرة على إنتاج النفط والغاز.

واذا كان ثمة بدائل طاقة كافية لسد حاجة هذه الدول الصناعية الكبرى لسعت إلى الاكتفاء بها والاستغناء عن النفط والغاز. لكن لا يمكن الاستغناء عن طاقة البترول والغاز مطلقا. 

فهي تشكل الاساس والمصدر الرئيسي حتى بالنسبة لبدائل البترول والغاز. خذ مثلا صناعة المركبات التي تعمل بطاقة الكهرباء أنها صناعة تعتمد على النفط والغاز.

إذ لا يمكن تشغيل محطات الكهرباء، التي تزود المركبات بالطاقة الكهربائية إلا بالاعتماد على الوقود الأحفوري. ناهيك عن العديد من الصناعات التي يدخل النفط والغاز في تشغيلها. 

هكذا تبدو سياسة الحصول على طاقة النفط والغاز مهمة خاصة للدول الصناعية الكبرى بنفس الوقت هي مهمة للدول النامية التي تعتمد عليها في تشغيل اقتصادها وديمومته وتطويره.

إذن هنالك دول كبرى مهيمنة على السوق الاقتصادية العالمية ودول نامية خاضعة لها. لكن ما هو السبيل لدول الشرق الاوسط النامية للتخلص من هيمنة الدول الكبرى. ان السبيل الوحيد هو التحرر من هيمنة هذه الدول والاتجاه، نحو توحيد شعوب المنطقة وبلدانها لتشكل قوة كبرى تنافس الدول الكبرى. ومن البديهي أن من يقوم بهذا الدور الكبير هو شعوب المنطقة.