حمزة مصطفى
لم نتوصل إلى حل بشأن من هو الإرهابي؟
ومن هو البريء؟
قد يبدو السؤال ليس منطقيا أن نبحر في البديهيات.
فالإرهابي هو من يعتنق عقيدة لا تؤمن بالآخر. تكفر الآخر.
تقتل الآخر طبقا للأيديولوجيا مرة وعلى الهوية مرة وعلى عقد الماضي في كل المرات. أما البريء فهو الذي ل ايقتل ولا يسرق ولا يكفر ولا يعتنق عقائد متطرفة.
بمعنى إنه ذلك الذي "كافيه خيره شره". وما دمنا في مجال الاشتباك في التعريفات ينهض سؤال آخر غالبا صفح وهو من هو الفاسد؟ هنا نصبح أمام إشكالية مفاهيمية، أخلاقية، قيمية. هل الفاسد يمكن أن يكون في الوقت نفسه إرهابي؟ وهل البريء يمكن أن يكون فاسدا طالما إنه خرج براءة من كونه إرهابيا؟ وفي حال أردنا أن نعفو عن أحد. هل نعفو عن الفاسد أو الإرهابي أو المذنب أو المرتكب جريمة من باب الخطأ أو حتى من باب "سبق الإصرار والترصد" أم نبقيهم في السجون أو ربما ننفذ في بعضهم أحكاما قد تصل إلى الإعدام "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" أو لا؟
هل نحتاج أن نعفو عن بريء؟
هل هذا معقول وضمن أي منطق؟
المنطق يقول كيف يوجد أبرياء في السجون حتى نعفو عنهم.
العفو يفترض كما قلنا لمن ارتكب جرما وهو بحاجة إلى إعادة إصلاح ضمن ضوابط أهمها التنازل عن الحق الخاص، لكي يبقى الحق العام محكوما بالضوابط القانونية، بينما الحق الخاص تحكمه الضوابط الأخلاقية والقيمية وأحيانا العشائرية. هذا الخلط بين البريء والفاسد والإرهابي كان ولا يزال جزءا من الجدل الدائر حول تشريع قانون العفو العام، الذي أقره البرلمان مؤخرا. في الواقع وبصرف النظر عن أحقية من يخشى من النتائج التي قد تترتب على العفو في حال تم شمول المجرمين والفاسدين، فإن هناك من يدافع عن إخراج الأبرياء من السجون.
هذا السجال تحول في الحقيقة من سجال قانوني، مفاهيمي، قيمي، أخلاقي إلى سجال سياسي. فالعفو يشترط "جريمة" حكم بموجبها إنسان قد يكون بريئا لأسباب مختلفة وهو ما يحتاج إلى التحقيق في الأمر لكن أن تختلط المفاهيم بين الإرهابي والفاسد والبريء نصبح في الواقع أمام معادلة غير متوازنة من كل وجوهها نحتاج في ضوئها إلى إعادة صياغة المفاهيم من جديد.. قبل القوانين.