د.عبدالله حميد العتابي
في طرح مثير للجدل للرئيس دونالد ترامب وبعد أسبوع من تنصيبه لولاية ثانية طرح خطة لتطهير غزة، وأعرب ترامب عن مساعيه لإقناع مصر والأردن ودول عربية أخرى لاستقبال سكان قطاع غزة
وذلك بعد تقارير إعلامية تحدثت عن بحث إدارة ترامب في إمكانية نقل سكان قطاع غزة إلى أندونيسيا مؤقتا إلى حين إعادة إعمار القطاع. ولا يخفى أن تصريح ترامب واضح للعيان من حيث إرادة تهجير سكان قطاع غزة بما يتفق مع خطة الكيان الصهيوني التأسيسية لحرب الإبادة الجماعية، إذا أوصت وزيرة الاستخبارات الصهيونية جيلا غامليل في وثيقة مؤرخة في الثالث عشر من تشرين الأول 2023، باحتلال قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه إلى سيناء. وقد وضعت وثيقة خطة عامة لاحتلال قطاع غزة، تبدأ بتهجير سكانه من شمال القطاع إلى جنوبه، وخلال ذلك تبدأ حملة تطهير متدرجة لأجل نقل السكان في نهاية المطاف من قطاع غزة إلى شمال سيناء.
ولنا أن نتساءل كيف يتعامل القانون الدولي مع التهجير القسري وهو ما يعاني شعب غزة منه في ظل غطاء أمريكي، لإنجاز الهدف الاستراتيجي للكيان الصهيوني بتهجير السكان مباشرة بفعل القوة الصهيونية، وهو تطهير عرقي مدفوع بالإبادة الجماعية الصريحة. كان من الواضح أن مفهوم التهجير القسري للسكان المدنيين ظهر أعقاب الحرب العالمية الثانية، أثناء محاكمات نورنمبرغ بعد عمليات التهجير القسري، التي قامت به القوات النازية ويمكن تعريفه ببساطة نقل السكان المدنيين من وإلى أماكن غير أماكنهم الاصلية أو هو أبعاد المدنيين من المنطقة المحتلة إلى منطقة أخرى، وقد يكون الإبعاد داخليا إلى داخل البلد الواحد وقد يكون خارج البلاد. يتم التهجير القسري بناء على منهجية وتخطيط وإشراف الدولة أو الجماعات التابعة لها، أو جماعات أخرى، في مسعى للتطهير يقوم على أساس التمييز العرقي أو الاثني أو القومية أو الدين أو حتى التوجه السياسي، في تلك المنطقة التي يتم إبعاد السكان منها. والحق فقد عرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. ووفق ما ورد في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية فإن: "إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الانسانية. كما أن المادة 49 من اتفاق جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أرض أخرى. إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنبهم مخاطر النزاعات المسلحة. إن جريمة التهجير القسري من أهم جرائم القانون الجنائي الدولي ومهدت الطريق أمام المحكمة الجنائية الدولية، لتضمنها من ضمن موادها لتكون محصلة نهائية كوثيقة قانونية ملزمة غير قابلة للخلاف عليها.
وبقى أن نتساءل هل يعترف ترامب بالقانون الدولي؟