إشادة برلمانيَّة واسعة بستراتيجية الحكومة لدعم الصناعة الوطنيَّة

الثانية والثالثة 2025/02/18
...

 بغداد: مهند عبد الوهاب 

رأى برلمانيون وخبراء في الشأنين السياسي والاقتصادي، أن استراتيجية دعم الصناعة الوطنية التي أطلقها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمس الأول، وتمثلت مؤخراً بعدة قرارات وأوامر تنفيذية؛ تعد خطوة إيجابية في الطريق الصحيح وأيضاً تحوُّلاً مهماً يؤسس لصناعة وطنية متينة ويقلل من الاستيراد وهدر العملة الصعبة، والتأسيس لتنمية اقتصادية متينة ومستدامة.

عضو لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة بمجلس النواب، كاظم الشمري قال لـ"الصباح": "عند تسنُّم رئيس الوزراء المسؤولية، أولى القطاع الصناعي أهمية كبيرة ضمن البرنامج الحكومي، وتجلّى ذلك من خلال التعليمات التي أصدرها لحماية المنتج المحلي ودعم الصناعيين ورجال الأعمال بالقروض والمقررات الساندة، كما تجلّى ذلك الاهتمام بالمشاريع التي افتتحها خلال العامين الماضيين والتي اقترنت بدعم واضح للقطاع الصناعي" .

وأشار إلى أن "إطلاق السوداني للستراتيجية الوطنية لدعم الصناعة، لقي ترحيباً ومباركة من اللجنة البرلمانية المختصة، فنحن نساند توجه الحكومة ونبارك لأي جهود بدعم وتنمية الصناعة العراقية بشكل يوازي ويواكب للتطور العالمي" .


المجلس التنسيقي الصناعي

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ترأس مساء أمس الأول الأحد، الاجتماع الأول للمجلس التنسيقي الصناعي، واتخذ جملة من القرارات والإجراءات الداعمة للقطاع الصناعي في البلاد، ومن بينها: الإسراع بتشغيل وحدات الزيوت الأساسية في مصافي الجنوب والشمال لزيادة تأمين احتياج القطاع الصناعي الخاص، كما أقر زيادة إنتاج البنزويل من خلال دعوة المستثمرين لإقامة مشاريع لإنتاجها محلياً، وجرى أيضاً إقرار توطين صناعة المعادن الثمينة، مع التوجيه بتقديم جميع التسهيلات اللازمة للراغبين بإقامة المصانع الخاصة بها، كما جرت مناقشة موضوع تقديم خطة إلى وزارة الكهرباء لعزل مغذِّيات المناطق الصناعية عن المناطق السكنية لتجهيزها بالكهرباء خلال هذا العام، إضافة لجملة مقررات أخرى.


دعم برلماني

كما بين النائب طعمة اللهيبي لـ"الصباح"، أن "دعم الصناعة العراقية خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، بالاعتماد على المنتج المحلي وتقليل حجم الاستيراد"، مشيراً إلى أن "إطلاق الستراتيجية الوطنية لدعم الصناعة خطوة يصبُّ في صالح البلاد بشكل عام، وهو يأتي تزامناً مع الانطلاقة الاقتصادية التنموية التي باشر بها رئيس الوزراء في افتتاح المشاريع الستراتيجية التي نفذت على الأرض ومازالت تنفذ، ومنها مشاريع تلبِّي وتغطي حاجة السوق العراقية من منتجات محلية ذات مواصفات عالية" .

وأكد، أن "مجلس النواب بدوره يدعم كل التوجهات والخطوات التي تصبُّ في صالح البلد وبصالح دعم الصناعة الوطنية، وسنصوت على القوانين الخاصة بهذا القطاع الحيوي" .


تحليل اقتصادي

من جهته، دعا الخبير الاقتصادي أسامة التميمي، "مجلس النواب إلى تعضيد خطوات رئيس الوزراء لبناء ستراتيجية وطنية للنهوض بالواقع الصناعي" .

ورأى التميمي في حديث لـ"الصباح"، أن "دعم مجلس النواب بهذا الإطار، يمكن أن يتمثل من خلال سنِّ القوانين الداعمة للقطاع الخاص، وتطوير آليات قانون الاستثمار وكبح الفساد الإداري والمالي عبر تسهيلات معينة لاستقطاب رؤوس الأموال، والتوسُّع في مجال التعليم المهني لبناء قاعدة من الأيدي العاملة المتطورة لمواكبة التقدم الصناعي في دول العالم، وتوفير خدمات الطاقة الكهربائية وإنشاء مدن صناعية حديثة ذات بنى تحتية مجهزة بالخدمات الأساسية التي يحتاجها النشاط الصناعي، والانفتاح على الدول المتقدمة لنقل التجارب العلمية والعملية" .

وأضاف أن "بناء قاعدة مهنية من العمالة العراقية مدعومة بالقوانين والتشريعات لتنظيم علاقات العمل بين العاملين وأصحاب الشركات لمنع استغلالهم، يشكّل ضرورة قصوى لبناء صناعة محلية رصينة، فضلاً عن دعم المصرف الصناعي وتعزيز رأسماله وتشجيع تأسيس الصناديق الاستثمارية المتخصصة في تمويل المشاريع الصناعية، وتفعيل صندوق التنمية، واستحداث مصادر تمويل جديدة لتمويل المشاريع الصناعية ومنح القروض بشروط ميسرة" .

وأوضح التميمي أن "تنويع النشاط الصناعي عبر رسم خارطة صناعية تتناسب مع معطيات الموارد الأولية المتوفرة، يعدُّ خطوة إيجابية، بالإضافة إلى الاهتمام بالصناعات التحويلية وبناء الشراكات مع الحكومات والشركات العالمية المتطورة، فضلاً عن تشجيع وتفعيل مجلس البحث العلمي، واستخدام الدراسات المتقدمة خصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي واستقطاب الكفاءات" .


رؤية سياسية

بدوره، رأى المحلل السياسي الدكتور عائد الهلالي، في حديثه لـ"الصباح"، أنه "من المهم أولاً فهم أن استراتيجية النهوض بالواقع الصناعي التي يرعاها رئيس الوزراء، خطوة هامة نحو تعزيز الاقتصاد الوطني وتخفيف الاعتماد على الاستيراد من خلال دعم وتطوير الصناعة المحلية"، مبيناً أن "هذه الستراتيجية قد تشمل مجموعة من الإصلاحات، مثل تحسين بيئة الأعمال، دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، تعزيز الابتكار، والتوسع في الصناعات التحويلية" .

وأضاف أنه "بالنسبة لموقف مجلس النواب من هذه التوجهات، فالتفاعل مع هذا النوع من المبادرات يعتمد على عدة عوامل، إذ يمكن للمجلس أن يلعب دوراً كبيراً في مناقشة وإقرار القوانين واللوائح التي تدعم هذا التوجه، قد يشمل ذلك تقديم تشريعات محفِّزة مثل تخفيض الضرائب على الشركات الصناعية، أو تقديم حوافز للاستثمار في الصناعات التحويلية" .

ولفت الهلالي إلى أنه "يمكن لمجلس النواب أيضاً؛ مراقبة كيفية تنفيذ الستراتيجية عبر لجانه المختصة ومساءلة الحكومة حول تنفيذ المشاريع الصناعية وتوزيع الدعم المالي على القطاعات ذات الأولوية"،  وتابع أنه "يمكن للمجلس التشريعي سنُّ قوانين تدعم تطوير القطاع الصناعي، مثل تسهيل إجراءات الترخيص وتخصيص أراضٍ صناعية، وتقديم تسهيلات قانونية للقطاع الخاص لدخول مجالات جديدة" .

ونوه، بأنه "يمكن للمجلس التشريعي النظر في إصدار قوانين لحماية الصناعة المحلية من المنافسة غير العادلة، مثل فرض قيود على الواردات التي تشكل تهديداً للصناعات الوطنية، خاصة في القطاعات التي تتمتع فيها السوق المحلية بقدرة تنافسية" .

وختم الهلالي حديثه بالقول: "النجاح في النهوض بالصناعة الوطنية يتطلب تعاوناً وثيقاً بين الحكومة والبرلمان، بالإضافة إلى مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني في التنفيذ" .