في المواطنة والتعايش

العراق 2019/08/20
...

كريم حنش
المواطنة مفهوم راسخ منذ اقدم العصور لكن تحديده كاصطلاح لا يتعدى المعاصرة الحديثة التي اخترعتها الدولة الحديثة، هنالك خمسة اشكال لمفهوم المواطنة شائعة بين المجتمعات والطبيعة المكونة للمجتمعات، الاولى العلاقات الاقطاعية متمثلة بين التابع والسيد فهي المحددة لمكانة الفرد، فالنمط المتبع بتقديم الخدمات من قبل التابع وما يقوم به لقاء تقديم الحماية اللازمة له وهي مقرونة بالإذلال والدونية المتعجرفة، الثانية النظام الملكي يكون الملك أو (السلطان) الحاكم المطلق، بمعزل عن جميع السكان الاخرين الذين لهم مكانة الرعايا في الدولة، المطلوب من الرعايا أن يظهروا شعورا بالولاء للتاج ولشخص الملك الذي يجسد البلد، والاهلية المتوقعة من الرعية ضئيلة، الى الحد الادنى، لان المطلوب هو الطاعة المستسلمة، اما النظام الاستبدادي المتمثل بطبيعة الحكومات الاخضاعية اي الديكتاتورية الحديثة (التوتاليتارية) يتميز بحكم شخص واحد، ومرتبة الفرد يحط من قدرها حتى الاستهلاك الكامل بهدف دعم نظام الطاغية،، والشعور السياسي هو حب مفعل لشخص الطاغية، والاهلية الوحيدة اللازمة هي امكانية الانخراط في تجنيد الدعم للطاغية، اما الهوية المدنية مصونة بالحقوق التي تسبغها الدولة وبالواجبات التي يؤديها المواطنون، الذين هم أشخاص مستقلون ومتساوون في أوضاعهم الشرعية، فالمواطنون الصالحون هم الذين يشعرون بالولاء للدولة، ويدفعهم الاحساس بالمسؤولية إلى تأدية واجباتهم، وبالتالي فهم يحتاجون إلى المهارات المناسبة لهذه المشاركة المدنية، إن فكرتي الاستقلالية والمساواة في المكانة، والمشاركة المدنية في شؤون الدولة، تضعان المواطنة، نظريا بمعزل عن الاشكال الاقطاعية والملكية والاستبدادية للهوية الاجتماعية، ان البنية الهرمية في النظام الاقطاعي، وتوقع الخضوع في الانماط الثلاثة الاخرى تجعل هذه الانماط، في ما يبدو، 
غير متجانسة مع المواطنة بوضوح ففي الحالة الاقطاعية، يمكن بالفعل تفسير المواطنة، في شكل ما، قد ارتبطت بالأنماط الملكية والاستبدادية للحكم، أما الهوية التي اصبحت مرتبطة بشكل وثيق بالمواطنة خاصة، فهي القومية، فخلال الفترة من عام  1800إلى عام 2000، أصبحت الهويتان من جميع النواحي والاهداف، ملتحمتين بعد أن سيطرت فكرة الدولة والامة يجب ان تكونا متطابقتين، وهذه مسألة سنوليها اهتماما خاصا في ما بعد، مسألة المواطنة ليست سهلة بالتأكيد، سواء من الناحية النظرية أو العملية، كما أن محاولات شرح هذا الشكل من الهوية قد انتج، 
فعلا، عدة نماذج مختلفة لجوهرها ولتطورها التاريخي، وسيتضح لنا من خلال عرض لبعض النماذج سنعرضها بحلقات متبعة حسب الترتيب الزمني، بداية من الزمن اليوناني ومرورا بالأنماط الرومانية لحين المفاهيم الحديثة للمواطنة وسبل العيش النهائي، وما افرزته الصراعات من نجاح مفهوم المواطنة والتعايش 
السوي.