الرمز الثقافي !

ثقافة 2019/08/20
...

عالية طالب
في كل مجالات الابداع “ أدبيا وعلميا” نجد رموزا تجسد  حالة مميزة في المنهج والسلوك والنتاج.. وتقديرا لمسيرتهم زينت بعض من تلك الاسماء قاعات جامعاتنا عرفانا بما قدموا ثقافيا وعلميا واجتماعيا ليترك استخدام اسمه اثرا نفسيا وتربويا وادبيا وثقافيا لدى المتلقي الباحث عمن يقتدي به ويجعله الضوء الذي يرسم الخطوات.
السؤال المهم : من هو الرمز ؟ وهل يمكن لنا ان نستخدم اسما دون اخر ؟ ومن يعطي لهذا الاسم عن سواه أحقية حمل الصفة؟
ويبدو الجواب واضحا حين تكون المؤسسات رصينة في الاختيار وفيها لجان حقيقية تختص بالأمر وتتفحص الاسماء المطروحة بعناية قبل ان تطلقها  لتحمل  المعنى الرمزي للاستخدام الفعلي.
وهنا نستذكر اختيار مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية الذي انعقد بتونس عام 2016، الفنانة “ فيروز” لتكون شخصية عام 2017، وجاء سبب هذا الاختيار (تقديراً لإسهاماتها الكبيرة في الترويج، من خلال فنّها الرّاقي، للصّورة المشرقة للثقافة العربية، المبنية على قيم السّلام، والتسامح، والتعدّدية، والحوار بين الحضارات.) هذا ما حصل في الاجتماع الذي حمل رقم 20 وفي اجتماع 21 الذي عقد عام 2018 بالقاهرة، تم اختيار الشّاعر الفلسطيني الرّاحل محمود درويش ليكون الشّخصية الثقافية الرمز لعام 2018 - 2019، (لما قدّمه من إنتاج أدبي وفنّي غزير في خدمة القضيّة الفلسطينيّة ودعم ثقافة العروبة.)
لم يكن اختيار الاسمين قد جاء نتيجة لأسباب تحريضية أو تصالحية أو مصلحية أو مبيتة، بل جاء عبر تأكيد علمي ومعرفي بأنهما يستحقان اللقب بناء على معطيات مسيرة مميزة بالكثير أجمع عليها وزراء الثقافة . اليوم لدينا عديد مناسبات لثقافية وعلمية واجتماعية تمر دون ان تحمل اسما  رمزيا مهما الا فيما ندر ولمهرجانات ذات شهرة أعلامية أو مؤتمرات محدودة اخرى .. ويبدو ان على وزارة الثقافة ان تعمل على رصد هذه الانشطة ودراسة أهميتها المجتمعية وتكون شريكا فاعلا فيها بالارتكاز على كونها مؤسسة رسمية ثقافية معنية بالدرجة الاساس في ارساء التقاليد الثقافية الرصينة ، ومنها ان لا ننسى اسما من الاسماء الرائدة في مجالاتها المعرفية والابداعية وتستحق فعلا ان يحمل النشاط المميز اسمها، وليس ان يكون تصدير الاسم جاء عبر امزجة وصفقات ورغبات فردية كما قد يحصل في بعض الانشطة الثقافية الدورية.وقد ينبري من يقول ان الاسم الرائد لا يهمه ان حملت مناسبة او اي نشاط اسمه ، فهو أكبر من هذه التسميات والفعاليات وما انجزه هو خير شاهد على فعل الاهمية المعرفية، وهذا صحيح جدا لكن للمجتمع ومسيرته حقا في تأكيد تعداد اسماء مبدعيه ودورهم الريادي الكبير في كل المجالات ، والاسماء كثيرة وسيمر بعضها عبر الذاكرة المتغافلة وسيحاسب المشهد والساحة الابداعية مجتمعنا عن ذلك التغافل الذي لا يمكن تجاوزه. كم مؤتمراً ومناسبة حملت اسم القبنجي أو يوسف عمر أوسليمة مراد أو زهور حسين أو جواد سليم ، اسماعيل فتاح الترك، شاكر حسن آل سعيد، نوري الراوي وغيرهم كثير ،وكم مؤتمراً ومناسبة  حملت اسم البياتي ومهدي عيسى الصكر وغائب طعمة فرمان وذنون ايوب وعبد الحق فاضل وعاتكة الخزرجي والقائمة بلا انتهاء.
للرواد فضل حجر الاساس وللاجيال واجب التذكر والامتنان دوما.