إجراءات وزارية حازمة بسبب تدني النجاح في المدارس الحكومية والأهلية

العراق 2019/08/20
...

بغداد/ هدى العزاوي 
لضمان النجاح في المراحل الأولية والتخلص من عبء الدروس الخصوصية المكلفة، يلجأ بعض الطلبة وأولياء أمورهم إلى التسجيل في المدارس الأهلية، ليصطدم بعدها الطالب بالامتحان الوزاري فيفشل غالباً لأنه لم يكن مؤهلاً للوصول إلى هذه المرحلة الدراسية المهمة، بحسب ما ذكره ابو علي، وهو احد اولياء الامور.
واوضح لـ«الصباح» انه «يجب الإقرار بأن تدني نسب النجاح للصف السادس الاعدادي، ليس حكراً على المدارس الأهلية، فالحكومية منها لها نصيب كبير أيضاً، واتهام الاهلية بأنها تسببت بهذا التدني لا يعفي وزارة التربية من المسؤولية، إذ كان عليها أن تضع شروطاً واجبة التنفيذ قبل منح إجازة تأسيس مدرسة، ومتابعة تنفيذ الشروط بجدية من قبل المشرفين التربويين».
 
لجنة في وزارة التربية
مدير العلاقات العامة والاعلام في وزارة التربية فراس محمد حسن، أوضح   بتصريح خاص لـ»الصباح»: انه « تم تشكيل لجنة باشراف مفتش عام وزارة التربية ووزير التربية وكالة قصي السهيل وهيئة الرأي لدراسة واقع المدارس الاهلية التي حققت نسب نجاح متدنية لهذا العام ومقارنتها مع العام الماضي»، مضيفا انه «وفقا لنظام المديرية العامة للتعليم العام والاهلي، إذا ثبت تدني مستوى النجاح لاحدى المدارس لعامين متتاليين بنسبة 25 بالمئة، تغرم، بينما يتم في العام الثالث اغلاقها». واردف: ان « اللجنة تشكلت استكمالا للنظام، ولم يكن هذا القرار وليد اللحظة، ولا يوجد الى الان اغلاق تام للمدارس»، لافتا الى ان «عمل اللجان التحقيقية المشكلة، ما زال جاريا بما يتعلق بالمدارس الاهلية، واغلاقها بحسب النظام كما ذكرت انفا». وتابع حسن حديثه: «انه في ما يتعلق بالمدارس الحكومية، فان هذه اللجان المشكلة ستكافئ المدارس التي حققت نسب نجاح عالية بكتب شكر، اضافة الى فرض عقوبات بحق المدارس التي حققت نسب نجاح متدنية، وذلك من خلال اعفاء مدير المدرسة وعقوبة التوبيخ لمعاون المدرسة».
 
واقع المدارس 
هرباً من واقع المدارس الحكومية التي يفتقر قسم كبير منها إلى أبسط مقومات العملية التعليمية والتربوية، خاصة في الأحياء الشعبية ذات الاكتظاظ السكاني الكبير، فقد لجأت المواطنة حسيبة جاسم الى تسجيل اولادها في احدى المدارس الاهلية وتقول ام محمد كما تكنى في منطقة سكناها الشعبية: إن» الكثير من اولياء الامور، يلجؤون الى المدارس الاهلية للتخلص من عبء الدروس الخصوصية المكلفة، فقد أضحى من المعلوم أن الطالب لن يحرز معدلاً عالياً إلا عبر بوابة الدروس الخصوصية».
وتابعت ان «نسبة من اساتذة المدارس الحكومية يعطون دروسا خصوصية يجنون من خلالها ارباحا تعادل مبلغ اشتراك في احدى المدارس الاهلية ويمتنعون عن شرح مادة الدرس للطلبة داخل المدرسة، بحجة أنه لا حاجة لهم بها طالما يأخذونها من مدرسيهم الخصوصيين ! «.واعرب المواطن حمزة عباس عن امتعاضه من احدى المدارس الاهلية التي حققت نسبة نجاح بلغت واحدا بالمئة، مرجعا السبب الى «عدم متابعة وزارة التربية للمدارس الاهلية والتأكد من المستوى التعليمي لملاكاتها، فضلا عن استبدال المناهج الدراسية بمناهج اعلى من المستوى العقلي للطلبة، ما تسبب بايقاع طلبة الصفوف المنتهية، ضحايا لذلك».
 
تدني نسب النجاح 
مدير متوسطة الرحمانية للبنين التابعة لمديرية تربية الكرخ الاولى، أحمد حميد الخزعلي، بين في تصريح خاص لـ»الصباح»: انه «لايخفى على كل مهتم بشؤون التربية والتعليم، تدني نسب النجاح خلال الاعوام الأخيرة»، عازيا ذلك الى «نظام الكورسات الذي أدخل حديثا للمراحل المتوسطة والاعدادي». 
ولفت الى ان «هناك عوامل كثيرة تجمعت لتكون هذه الصورة السيئة عن النسب المئوية منها درجة القرار في دخول البكلوريا اساسا ( ثلاثة دروس وعشر درجات) التي تحتمل شمول الطلبة الضعفاء والضعفاء جدا بالامتحانات العامة وقد كانت سابقا  (درسين وخمس درجات) فقط، اضافة الى النقص الكبير في الملاكات التدريسية في بعض المدارس، ما يجبر المدرس الواحد على أن يأخذ 25 الى 30 حصة اسبوعيا، وهذا امر سيئ جدا، فالمدرس المثقل بالحصص اليومية لا يُبدع ابدا»، مشيرا الى ان «ازدياد اعداد الطلبة، بسبب نقص المدارس، والضغط على بعض الادارات، اسهم في منع فهم الطلبة للدرس بسبب اكتظاظ أعداهم».
 
التغيير المستمر للمناهج 
ويشير الخزعلي الى نقطة جديرة بالاهتمام خلال حديثه لـ»الصباح»، بالقول: ان «تبديل المناهج الذي اصبح بصورة دائمية خلال الاونة الاخيرة وصعوبة مواضيعها كالرياضيات للثالث المتوسط كمثال، يزيد من تدني النسبة بصورة دائمية، ما يجبرهم عن الدخول الى معاهد الخصوصي المكلفة جدا، فضلا عن غياب الدافع الثقافي والطموح لدى اولياء امور الطلبة، بحجة أن الشهادة لا قيمة لها عند التخرج، فلا تعيين يؤمن لذوي الطلبة ارتياحا نفسيا»، عادا قرار وزارة التربية بتدوير الادرات واستبدالها بسبب تدني نسب النجاح، «غير مجد بقدر معالجة كل هذه المعوقات التي ذكرتها آنفا».
اما الادارية في مدرسة ثانوية الاستقلال للبنات فاتن عبد الامير فقد قالت في تصريح خاص لـ”لصباح”:” ان التغيير المستمر للمناهج هو احد اسباب تدني مستوى النجاح للمراحل المنتهية خاصة انها تتغير بشكل جذري يصعب حتى على المدرس فهمها وايصالها للطالب الا بعد الدخول في دورات تأهيلية للسيطرة على المادة المتخصص بها! كما ان هناك تغييرات طفيفة على سبيل المثال في مادة الاسلامية او اللغة العربية التي تضطر بسببها مدرسة المادة الى رد الفصل الذي حدث به التغيير شفويا! لذا فان تغيير المناهج ما هو الا صفقة تجارية للربح بعيدا عن المستوى التعليمي”.
قرار غير منصف
رئيس رابطة مؤسسي المدارس الاهلية مدير عام مدارس الغد الاهلية الانموذجية الدكتور وليد حسن علي الخفاجي، اوضح  في حديث خاص لـ”الصباح” ان “الاجراءات التي ستتخذها وزارة التربية بحق المدارس الاهلية واغلاقها، غير منصف ومتناقض”، مشيرا الى ان “المدارس الحكومية ايضا تحتوي على نسب نجاح متدنية، فهل سيتم اغلاقها ام الاكتفاء بإعفاء المدير واستبدال الادارة ؟”، متسائلا “لماذا لا يتم استبدال الادارة في المدارس الاهلية بدل اغلاقها؟، الا يجب ان تطبق القرارات على التعليم الحكومي مثلما يطبق على الاهلي؟!”.  وعد قرار وزارة التربية “منصفا لمسؤولي الوزارة وليس للتعليم حفاظا على مناصبهم وتوجيه اصابع الاتهام فقط الى المدارس الاهلية خاصة”، مرجعا نسب النجاح المتدنية للمرحلة المتوسطة، خاصة في مادة الرياضيات “الى استبدال المنهج
الذي لم يسلط الضوء عليه في عدم ملاءمته للمستوى التعليمي للطلبة فضلا عن المناهج الاخرى التي تم استبدالها”. 
وتابع ان “ قرار الوزارة كما ذكر انفا غير منصف، ويمكن استبعاد مدراء المدارس الاهلية بدل اغلاقها، فضلا عن اعطاء فسحة كافية للتعليم في المدارس ورفع العبء المادي عنها خاصة ان المشكلة ليست في بناء المدرسة وانما في ادارتها”، مختتما حديثه بالقول: ان “النهوض بالواقع التعليمي في العراق، يجب ان يسبقه نهوض بالملاك التدريسي في المدارس الحكومية والاهلية على حد سواء واخضاعهم الى دورات تعليمية مستمرة لمواكبة المناهج”.