الأرض ترثي الشعراء

ثقافة 2019/08/21
...

علي حنون العقابي
 
لن أخونَ الملح
لن أخونَ الكأسَ التي في يدي
إنّما أعصر القلبَ قبل شهيّةِ العنب
كي أمنحَ هذا الوجود بعضَ خصائصي
لذلك لا أبالي بما يقال
حتى لو فتّتَ النصلُ خاصرتي
فقد مضيت رغم الريحِ بلا هرطقة
ولم أسالْ عن الجروحِ التي خبّأتها 
لأنني أيقنت أنَّ ذخيرتي لم تكفِ
وإنّي أعدّ الخسارات على أصابعي .
سوف أمتثلُ الآن أمامَ البحر
عسى أن يغفرَ لي بعضَ الظنون
فكم تمنيت أن يظلَّ القلبُ شاهقاً
أن يشرقَ الفجرُ من الحماسة
فيا لي ومحنة هذا الطريق الذي ضيعني
يا لي والرحلة وسط الموج
كلّما طفوت فوق ذلك الوجع المقدّس
اجتاحني الوقتُ
قبل أن أعثرَ على نفسي  
حيث انتهيت إلى الفخاخِ في قيلولةٍ من الغضب .
فلكيلا تحرمونني من الحلم الذي طوّقَ روحي
دعوني أصعد إلى آخر شهقةٍ
آخذ القصيدةَ لأقصى الشرفات
فماذا عساي أن أفعلَ في البلادِ التي أنكرتني
لمْ تبصرني حتى في المنام
وأنا الذي يعتريني النعاسُ مثل فراشةٍ وسط الحرائق .
 
أهلا بكلِّ أغنيةٍ مرّتْ على القلب
أهلاً برمادِ الروحِ قبل الجسد
فسوف أرتدي الوضوحَ مثلما ارتديت الوجع
فلا خوف على سومر 
طالما هي معي بذات الشغفِ من الطين
وهي المعنى الذي ظلَّ يقلقني في السؤال .
 
هاتوا قضاتكم 
فلن أتراجعَ أبداً عن فضاءٍ ممزوجٍ بالعصف
سوف أكون الشاهدَ على كلِّ رئةٍ تنفّستْ تلك الحروف
ضعوا ما في جعبتكم من لباقةٍ
واتركوا مائدتي للشعراءِ وحدهم
فأنا هنا في انتظارِ من رحلوا
لن أقدّمَ الشكوى 
حتى وإن يستعر في قلبي الحنين
أنا الوسيط بين الغصنِ والتراب
ما زلت هنا قبل العروجِ نحو المرتجى
فالأرض لنا
ولن يرثها غيرُ الشعراء .