ما أشد استهانتنا بالقرار!!

العراق 2019/08/23
...

حسين العادلي
 
• نحن، حصاد قرارات الأمس، ونتاج قرارات اليوم، وأسرى قرارات الغد،.. فالقرارات صانعة مصير، هي أمّا مقاصل موت أو سنابل حياة،.. إننا لا نحيا باللُقمة ونموت بالرصاصة بل بالقرارات المُؤمِّنة للرغيف والكرامة والمستقبل، والماسكة بالقلم والزناد والبوصلة،.. وأكثر الأمم موتاً والدول فشلاً تلك المستهينة بالقرار صِنعةً ومسؤوليةً وامتثالا.
• كلما اتسعت دائرة التأثير أهمية كلما ازداد القرار خطورة وخطبا. ومن أشد القرارات مصيرية هي قرارات الدولة فيما تمارسه من إدارة لوظائفها وسياساتها وسيادتها،.. فالدولة كل شيء، هي مصدر قرارات ومستودع أوامر تنظّم فعلها وتحدد مصير أمّتها،.. الدولة بالقرارات تعلو وتهبط.
• عندما تُنحر الدولة فاسأل عن القرارات التي نحرتها، وعندما تُرتهن الإرادة وتُستنزف الموارد وينهار الأمن ويتهدد الاستقرار وتتراجع الخدمات وتشيع الفوضى.. فابحث عن اللا قرار أو القرار الخاطئ أو القرار المرتجف والخائر والمتشظي، وابحث عن نرجسية وأمّية واستخفاف مَن قرّر. والعكس صحيح، فالدول الناجحة نتاج قرارات صحيحة وقادة قرارٍ صائب وأمّة حيّة تعرف مَن تولّي وتعرف كيف تستجيب وتمتثل لصالحها ومصالحها.
• أسئلة مُستَفِزة: هل صناعة القرار لدينا علم وصِنعة، واتخاذ القرار خبرة وحِرفة؟ هل نوفر للقرار مستودع معلومات حقيقية بعيدة عن العشواء والأهواء والأمزجة؟ وهل يأتي القرار كنتيجة لبحث وفحص ودراسة لأفضل الحلول الممنهجة بما يتوافق مع الحقائق والمعطيات والقدرات والبدائل والمفاضلة واستشراف المستقبل؟ هل نعي أنَّ القرار تفاعل وليس انفعالا، وأنه نتاج عقل وليس فورة عاطفة؟ وأنه يقوم على ستراتيجيات التفكير وتكامل المؤسسات ومهارات الأداء بروح الانضباط والمسؤولية الوطنية؟ هل نعي أنَّ القرارات حلول تقوم على التحليل والاستقراء والاستنباط بتأنٍ وحذر وحيطة؟ هل نعي أنَّ الفشل بفهم الواقع يعني قرارات معالجة خاطئة؟ وهل ندرك أهمية التأهيل والالتزام والمساءلة لمنفذي القرارات من أفراد ومؤسسات؟ وهل نعتمد مراكز تفكير بعلم القرار كي نضمن أفضل القرارات؟
• كيف نصنع القرار وكل قرارٍ مصير؟ هل نصنعه وفق منطق فرعون (لا أُريكم إلاّ ما أرى).. منطق الزعيم الأوحد المنتفخ بوهم التّفوق والمسكون برعونة التّميز. رأينا بالأمس كيف أنَّ (صداما) يصول ويجول بقراراته الانتحارية وفق منطق (إذا قال صدام قال العراق)!! ورأينا كيف دفعنا أنهاراً من الدم وخزائن من الثروة وحقباً من الرفاهية وعقوداً من انتهاك السيادة ثمناً لقرارات النزوة والطيش والجبروت!!.. كيف نصنع القرار؟ هل وفق منطق اليوم حيث التفكير المأزوم والتناحر المحموم وتشكيك الكل بالكل؟! هل نصنع القرار على أساس من تضارب الرؤى وتنازع الإرادات واختلاف مساطر المصالح بين قوميات وطوائف وأحزاب الدولة؟! وهل يُعقل أن ننجو والقرارات محاصصة والهدف مختلف عليه؟!! هل يُقبل تعدد مراكز القرار والدولة تكون دولة بوحدة القرار؟!! وهل يُعقل أن لا نتحلى بثقافة القرار بما فيها ثقافة الاعتذار والاستقالة والإقالة وتحمّل المسؤولية والخضوع للمحاسبة؟ فهل أنَّ مَن قرّر قرّر فيما يملك أم هو مؤتمن على المُلك؟! ومن يدفع فاتورة القرارات العمياء صانعة الكوارث لقادة الاستبداد وزعماء الصُدف وأئمة المصالح وروّاد 
المغامرات؟!. 
• أسئلة بذمة مَن يصنع ويتخذ وينفعل ويتفاعل مع القرار، من قادة ونخب ومؤسسات وأمّة،.. فالدولة بالقرارات تحيا
وتموت.