الرئاسات الثلاث تدعو للتحقيق بشأن تفجيرات مخازن للأسلحة

العراق 2019/08/23
...

بغداد / الصباح
ترجمة/ انيس الصفار 
حددت الرئاسات الثلاث، الجمهورية ومجلسا الوزراء والنواب، موقف العراق الرسمي من تفجيرات مخازن للأسلحة وقعت مؤخراً في بغداد وصلاح الدين، مؤكدة أهمية الالتزام بموقف الدولة العراقية بمختلف مؤسساتها التنفيذية والتشريعية الرافض لمبدأ الحرب بالوكالة، وشددوا على ضرورة أن يكون «أي قرار أمني وعسكري أو تصريح بهذا الشأن منوطاً بالقائد العام للقوات المسلحة فقط حسب السياقات الدستورية»، وبينما أكد مجلس الأمن الوطني برئاسة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أمس الجمعة، على تطبيق قرار إلغاء الموافقات الخاصة بالطيران في الاجواء العراقية، حذرت لجنة الأمن والدفاع النيابية، التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بإنهاء التعاقد معه في حال تكرر استهداف مواقع عسكرية في العراق.
في تلك الاثناء، قال مسؤولان أميركيان رفيعا المستوى لصحيفة «نيويورك تايمز»: إن إسرائيل نفذت عدة ضربات في العراق خلال الأيام الماضية، في حين استهدفت قوات الحشد الشعبي، طائرة استطلاع فوق مقر اللواء 12 التابع للحشد في حزام العاصمة بغداد.
 
سيادة العراق 
وذكر بيان رئاسي، تلقته «الصباح»، انه «اجتمع، يوم أمس الأول الخميس، في قصر السلام ببغداد رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي»، موضحا أن «الاجتماع تركز على مناقشة مستفيضة بشأن الوضع الأمني للبلد وخصوصاً التفجيرات التي تعرضت لها مخازن للأسلحة خلال الأيام القليلة الماضية».
وتقرر في الاجتماع بحسب البيان «التأكيد على ضرورة التحقيق ودراسة جميع المعطيات والمعلومات المتحصلة للجهات الوطنية ذات الاختصاص بشأن ما تعرضت إليه مخازن الأسلحة مؤخراً»، مؤكداً على «استمرار العراق بالالتزام بما جاء في وثيقة (السياسة الوطنية الموحدة بشأن المستجدات الأمنية الإقليمية)، وما أكدته الوثيقة من أهمية تعزيز التماسك السياسي الداخلي والثبات على مبدأ مراعاة سيادة العراق وأمنه واستقلاله ورفض سياسة المحاور وتصفية الحسابات والنأي بالبلد عن ان يكون منطلقاً للاعتداء على أي من دول الجوار والمنطقة».
وعبر الاجتماع عن «أهمية الالتزام بموقف الدولة العراقية بمختلف مؤسساتها التنفيذية والتشريعية الرافض لمبدأ الحرب بالوكالة، ومحاولة أي طرف إقليمي أو دولي لجرِّ العراق إلى حرب وصراعات كان العراق قد حسم موقفه منها لصالح الدور المحوري للعراق من أجل السلام والتنمية والتقدم والتعاون بين الجميع».
ولفت بيان الرئاسة الى أن «المجتمعين عبروا عن مسؤولية الدولة بمؤسساتها الدستورية في حفظ أمن وحقوق وممتلكات العراقيين، وكذلك الاتفاق على انتظار نتائج التحقيق الجاري من قبل الجهات الوطنية المختصة للخروج بموقف موحد يحفظ حقوق العراق ويعزز أمنه واستقلاله وسيادته على ترابه الوطني»، مشددين على «أهمية التزام التحالف الدولي بالمساعدة في حفظ أمن الأجواء العراقية من أي اختراق أو استهداف». 
كما عبر الاجتماع، بحسب البيان عن «أهمية المتابعة الأمنية والاستخبارية الدقيقة لفلول داعش وتفويت أية فرصة لالتقاط أنفاسهم بما يكرس النصر ويعززه».
وتابع البيان أن «المجتمعين قدروا عالياً الدور الوطني البطولي الذي قدمته قواتنا المسلحة بمختلف تشكيلاتها، من الجيش والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية والبيشمركة في معارك التحرير ضد الإرهاب وثمنوا تضحياتها الغالية»، مشيراً الى أن «المجتمعين أعربوا عن تقديرهم وحرصهم على الحشد الشعبي باعتباره جزءاً فاعلاً من منظومة الدفاع الوطني العراقي، وأكدوا على تنفيذ الأمر الديواني الخاص بالحشد في نطاق تكامل منظومة الدفاع الوطني».
كما جرى التأكيد، وفقاً للبيان، على أن «يكون أي قرار أمني وعسكري أو تصريح بهذا الشأن منوطاً بالقائد العام للقوات المسلحة فقط حسب السياقات الدستورية، وعلى وجوب التزام جميع الأجهزة والقيادات العسكرية والأمنية والسياسية بذلك».
 
تسليح الدفاع الجوي
وفي السياق، أفاد بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، تلقته «الصباح»، بأن «مجلس الامن الوطني عقد اجتماعه الدوري برئاسة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبدالمهدي، أمس الجمعة، وبحث المواضيع المعدّة لجدول اعماله بينها تولي وزارة الدفاع وضع الخطط والاجراءات المناسبة لتسليح قيادة الدفاع الجوي بما يتناسب مع الوضع الحالي والمستقبلي».
وشدد المجلس، بحسب البيان على أن «جميع التشكيلات العسكرية ومن ضمنها الحشد الشعبي كان لها الدور الكبير بمحاربة الارهاب وتحرير الاراضي والمدن العراقية من الارهاب، وان الحكومة مسؤولة عن حمايتها».
وأكد البيان «على ضرورة متابعة تطبيق قراره في جلسة التقييم الامني الخامسة المتعلق بإلغاء الموافقات الخاصة بتحليق جميع انواع الطيران في الاجواء العراقية إلا بموافقة القائد العام للقوات المسلحة او من يخوله اصوليا، واتخاذ الاجراءات والخطوات الكفيلة بنقل الاسلحة والاعتدة الى اماكن خزن مؤمّنة خارج المدن».ووافق المجلس، «على قيام وزارة الدفاع بإبرام مذكرة للتفاهم العسكري مع نظيرتها وزارة الدفاع اللبنانية»، مقِرا «السياسة الوطنية لتأهيل المجتمع بعد تحرير المدن من عصابات داعش الارهابية».
 
التحالف الدولي
من جانبه، حذر رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، امس الجمعة، من أن تكون البلاد ساحة صراع لاكثر من دولة ومنها ايران اذا استمرت اسرائيل باستهداف العراق.
ونقل مدير مكتبه عن المالكي القول، في تغريدة نشرها عبر تويتر: «اذا استمرت إسرائيل باستهداف العراق فسيكون العراق ساحة صراع تشترك فيه اكثر من دولة ومنها ايران»، مؤكداً أن «العراق سيرد بالقوة في حال ثبت ضلوع إسرائيل بعمليات القصف».
واوضح المالكي ان «امن المنطقه الاقليمية الذي يشكل العراق محورا أساسياً فيه هو امن مشترك وحمايته مسؤولية دوله كافة»، لافتاً إلى أنه في حال «ثبت استهداف إسرائيل لسيادة العراق فانها تعرض امن المنطقة إلى خطر وستخلط الأوراق».
في حين أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، مهدي الامرلي، في تصريح صحفي، أن “مجلس النواب سيذهب نحو إلزام الحكومة بإلغاء الاتفاق مع التحالف الدولي في حال تكرر استهداف مواقع الحشد الشعبي مجددا».
وأضاف الآمرلي أن «نتائج التحقيق أثبتت تورط التحالف الدولي بالسماح للطائرات الإسرائيلية بقصف مواقع الحشد الشعبي»، مبينا أن «مجلس النواب سيكون له قرار بعد إظهار نتائج التحقيق بشأن قصف قاعدة بلد في صلاح الدين ومقر القصر في بغداد».
ميدانياً، ذكر موقع الحشد الشعبي، في بيان تلقته «الصباح»، أن «الدفاعات الجوية للواء 12 بالحشد الشعبي استهدفت طائرة استطلاع كانت تحلق فوق مقر اللواء في حزام بغداد».
واضاف البيان أن «دفاعات الجو للحشد احبطت مهمة الطائرة المعادية».
 
زعزعة استقرار العراق
على صعيد ذي صلة، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، تقريراً مطولاً، كشفت فيه تفاصيل ما اسمته «ضربة جوية اسرائيلية تصيب مستودع أسلحة في العراق».   
وأوضحت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته «الصباح»، أن «اسرائيل نفذت ضربة جوية على مستودع للسلاح في العراق»، مبينة أن «هذا الهجوم قد يؤدي الى زعزعة استقرار العراق ودفعه أبعد في منزلق الصراع الدائر بين الولايات المتحدة وإيران».
الهجوم المذكور، الذي يعتقد أنه أول قصف اسرائيلي داخل العراق على مدى ما يقارب أربعة عقود، يمثل توسعاً في الحملة العسكرية التي تقوم بها اسرائيل ضد أهداف إيرانية داخل سوريا.
وقالت الصحيفة: ان «الهجوم الاسرائيلي في الشهر الماضي كان واحداً من عدة هجمات وقعت مؤخراً على منشآت خزن الاسلحة، وليس واضحاً بعد من هو منفذ الهجمات الاخرى التي دفعت العراق الى حافة دقيقة بينما هو يناضل للتعافي من حروب وانعدام استقرار دامت أكثر من 40 عاماً».
وتمضي الصحيفة قائلة: «رداً على تلك الهجمات صرح مستشار الأمن القومي العراقي فالح الفياض، يوم الخميس، أن العراق يريد تجنب الانضمام الى طرف دون طرف في أي صراع ينشب بين إيران والدول الاخرى، كما يرفض أن يزج به في حرب، على حد تعبيره» وقال الفياض: «الحكومة العراقية، وخصوصاً اجهزتها الأمنية وقواتها المسلحة، سوف تتخذ كافة الاجراءات الضرورية لحماية العراق وشعبه ومنع اية محاولات لزعزعة استقراره.» 
ويضيف الفياض أن الحكومة العراقية لم تحدد بعد الطرف الذي يقف وراء تلك الهجمات، بيد أن مسؤول مخابرات شرق أوسطي رفيع المستوى «وفقا للصحيفة» يقول ان اسرائيل هي التي قصفت القاعدة الواقعة شمال بغداد في 19 تموز الماضي.
كذلك يقول مسؤولان أميركيان رفيعا المستوى، بحسب الصحيفة، ان اسرائيل نفذت عدداً من الضربات خلال الايام الاخيرة على مستودعات للذخيرة في العراق.
وفي تصريح له يوم الاربعاء الماضي حمل أبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، «الطائرات الاميركية والاسرائيلية» مسؤولية تنفيذ «هجمات متكررة»، على المقرات التابعة للحشد.
واستهدف الهجوم الاسرائيلي في 19 تموز قاعدة يقول المسؤول المخابراتي الشرق أوسطي ان الحرس الثوري الإيراني كان يستخدمها لنقل الاسلحة الى سوريا، بحسب الصحيفة الاميركية، ويضيف المسؤول المذكور أن الضربة الاسرائيلية، التي انطلقت من داخل العراق، قد دمرت شحنة من الصواريخ الموجهة التي يصل مداها الى 200 كيلومتر.
بينما أكد مسؤول عسكري عراقي أن القاعدة اصيبت واضاف أن ثلاثة اشخاص قد قتلوا في الضربة.
وقعت أحدث هذه الهجمات في يوم الاثنين الماضي على اطراف قاعدة بلد الجوية المترامية، وهي قاعدة عسكرية عراقية سبق أن استخدمتها الولايات المتحدة في الماضي. وقد تسبب القصف في تفجير صواريخ الكاتيوشا وقنابل الهاون والقنابل اليدوية، ولم تسجل حالات وفاة.
وتؤكد الصحيفة، انه من الناحية الرسمية يمثل الحشد الشعبي ذراعاً رسمية من اذرع قوات الأمن العراقية، وحين بدأت في العام 2014 كانت على شكل قوات من المتطوعين ساهمت في الدفاع عن العراق امام هجوم «داعش» الارهابي، ولها فضل مشهود في المساعدة على دحر تلك العصابات.
 
تهديد محتمل
أما العراق، حيث لا يزال ثمة وجود لقوات اجنبية من جنسيات متعددة تخوض المعركة مع «داعش»، فقد أوضح بجلاء أنه لا يريد أن يكون طرفاً في هذه المعركة. العراق حليف مقرب من إيران، ولكن المسؤولين العراقيين يشعرون بالقلق من أن تستغلهم طهران أو واشنطن، التي تحاول معاقبة إيران على نشاطاتها العسكرية في الشرق الأوسط.
وتبين الصحيفة، ان «التحرك الاسرائيلي ينطوي ايضاً على تهديد محتمل للولايات المتحدة، التي لا يزال لديها جنود في العراق يشاركون في المعركة ضد «داعش». فبسبب الصداقة الحميمة بين الولايات المتحدة وحليفها الاسرائيلي سارع العراقيون الى تحميلها اللوم لأنها سمحت للاسرائيليين بتنفيذ الهجمات على العراق.
يقول مسؤول اميركي كبير ان اسرائيل بضرباتها في العراق قد دفعت بالحدود الى مدياتها القصوى. ويمضي هذا المسؤول، الذي تحدث للصحيفة الأميركية مشترطاً عدم ذكر اسمه، فيقول: ان «الضربات الجوية قد تسفر عن اخراج القوة الاميركية من العراق».
ووقع آخر هجوم اسرائيلي على العراق في العام 1981 عندما نجحت ضربة جوية في تدمير مفاعل نووي كان قيد الانشاء بالقرب من بغداد. ادعى المسؤولون الاسرائيليون حينها أن الغاية من ذلك المفاعل هي انتاج اسلحة نووية.
اعتادت اسرائيل منذ وقت طويل على التزام سياسة الصمت والغموض بشأن ضرباتها الجوية في سوريا، ولكن الأمر تغير في شهر كانون الثاني حين قدم قائد اركان الجيش السابق «غادي آيسنكوت» لصحيفة نيويورك تايمز وصفاً صريحاً للحملة. قال ان اسرائيل قد ضربت اهدافاً تابعة لإيران، أو لحلفائها في سوريا ولبنان، «آلاف المرات» حسب تعبيره، من دون أن تعلن عن مسؤوليتها أو تنسب الفضل لنفسها.
بعد ذلك بأيام أكد نتانياهو، الذي كان يخوض حملة لإعادة انتخابه، ان اسرائيل قصفت مستودعاً للاسلحة الايرانية في مطار دمشق وهدد بالمزيد من تلك الهجمات.
وخلال حديث له في شهر تموز الماضي قال «يوسي كوهين»، رئيس وكالة التجسس الاسرائيلية «الموساد»، إن اسرائيل قد اتخذت «عدة اجراءات، منها المعلن ومنها الخفي، لإفشال مساعي الإيرانيين في تأسيس موطئ قدم لهم في سوريا، ولكن لم يكشف النقاب إلا عن القليل.»
وقوبلت الهجمات على مقار ومستودعات اسلحة الحشد الشعبي، برفض واستهجان كبير من قبل الاوساط السياسية والعشائرية والشعبية، التي ادانت تلك الاعمال واعربت عن رفضها المساس بقوة ساهمت بتحقيق النصر المؤزر على عصابات «داعش» الارهابية.