صباح محسن كاظم
لعلّ التجربة المرة، المؤلمة، الكارثة التي حلت بالبلاد، والعباد، والأمة ظهور رايات التكفير من القاعدة، و داعش بكل مسمياتها سواء بسوريا، والعراق، و أفغانستان، ونيجيريا، وليبيا وبكل بقعة ظهرت فيها.. السؤال الجوهري بعد التحرير من داعش بتضحيات أبطال العراق من الحشد والجيش وجميع المتطوعين لمدننا التي نكبت باحتلالها، وتدميرها بثقافة المتوحش البربري.
ماذا نتعلم من هذا الدرس القاسي الذي التي مرت ذكراه قبل الأيام، بالطبع تفسير كل ظاهرة هناك عوامل مباشرة وأخرى غير مرئية تحرك الأسباب، و الدوافع.. في كتاب مهم لـ “فؤاد إبراهيم” (داعش من النجدي الى البغدادي “ نوستاليجيا الخلافة”) 300صفحة دار اول ط٢..الأهم تفكيك الظاهرة، معرفة جذورها، ردم المستنقع الآسن للفكر الوهابي، ومخرجاته، متبنياته، عقيدته بتكفير المخالف.. القضاء على البطالة، غرس ثقافة التعايش، و المصالحة، والمواطن بدلا من منابر الكفير.. في مقدمة المؤلف ص٩: (في لحظة ما، وفي محصّلة أولية، أخرج “داعش” المستور والكامن والمحبوس داخل كثيرين ينتمون التيار الديني الوهابي في المملكة السعودية. اكتشفت هؤلاء في ضوء السردية الداعشية أنهم أعضاء غير رسميين بالتنظيم، وربما رعايا في دولته أيضاً. عبرّ كل منهم عن انتمائه له على طريقته) يذكر المؤلف فتاوى التكفير المساندة لداعش ومن نصره، وروج له، من فتاوى بأسماء صريحة هي التي جعلت الشباب يندفع صوب العراق والشام وحتى بمصر.. ولا يمر أسبوع إلا وعملوا عملية إرهابية هنا تضرب بمكان رخو آخر، وهناك تفخخ، وتقتل، وتنشر ثقافة التكفير، وسياسة التكفير ونشر العنف والذعر بالمنطقة.. تخمل الخلايا النائمة لداعش ثم تفيق بمكان آخر لذا يترتب زيادة الوعي، والنتاج الفقهي حول تلك الجماعات المسلحة، وترويجا لكتب التي تدرس فقه الاعتدال والتعايش، يذكر الكاتب فؤاد إبراهيم ص157 بنقاط مهمة عن مجموعات المتوحش التي تتواجد بالمناطق المنكوبة:
1 -وجود عمق جغرافي وتضاريس تسمح في كل دولة على حدة بإقامة مناطق تدار بنظام إدارة التوحش..
2 - ضعف النظام الحاكم وضعف مركزية قواته على أطراف المناطق.
3 - وجود مد إسلامي جهادي مباشر في هذه المناطق.
4 - طبيعة الناس في هذه المناطق، أي وجود بيئة حاضنة لمشروع الجهاد في مرحلتي التوحّش
والتمكين.
5 - كذلك انتشار السلاح بأيدي الناس فيها.
الرعب، وبسط النفوذ بالقوة، والشراسة مع الجميع بغض النظر عن الانتماء الديني، والأنثى، والعرقي الجامع لكل فصائل التوحّش. لذلك أخطر ما مر بتأريخنا دخول داعش، و الغفلة منه، فاليقظة، الحذر، التأهب بكل يوم لأي محاولة لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي، ليس لنا إلا الدعوة للسلام، وثقافة المصالحة في منطقة تغلى بالأزمات التي تنهك الشعوب .. ويركز المؤلف بكل قضايا التكفير وثقافة التوحش ويجزم في ص 273: (ثمة تحديات بنيوية تواجه دولة “داعش” سواء على مستوى التركيبة السكّانية غير المتجانسة-مواطنوها ينتمون إلى أكثر من 80 بلدا حول العالم - وكذلك من الناحية الجيوسياسية، حيث تقع في منطقة محفوفة بدول مخاصمة لها…….) (داعش هو مشروع لقطاع واسع من الشباب أصيب بإحباط شديد على مستويات عدّة اقتصادية/معيشية، وثقافية، و سياسية، و اجتماعية……). المطلوب بعد التحرير واليوم وغدا تجفيف منابع الإرهاب مجددا، ورصد تحركات، من فلت من الموت الزؤام الذي فروا منه، سد الثغرات الأمنية، وحصر السلاح بيد الدولة، لعل لنا وقفة أخرى مع الكتاب لأهميته، فتجنيد الطاقات العلمائية، والكتابة يفضحان المخططات المعدة لتركيع المنطقة، وإغراقهم بديون لا طائل لها، بسبب الاستيراد للسلاح وماكنة الحرب بالتلويح بخشية إيران من السيطرة الوهمية على المنطقة، أخيراً: الحفاظ على النصر على داعش، بالموقف الواحد، و النزاهة والإخلاص، بعد استشراء الفساد، وخير المواطنة بالتمسك بالهوية الوطنية العراقية، وتنشر ثقافة المصالحة والتعايش
والسلام.