استضاف نادي الشعر في اتحاد الأدباء نخبة من شعراء مدينة القاسم الذين استعرضوا مسارهم الأدبي من قراءة نصوصهم الشعرية إلى عملهم الأخير في (المنتدى الأدبي في مدينة القاسم).ويأتي ذلك بعد أن اضاف الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق (المنتدى الأدبي في مدينة القاسم) لمنتدياته الأخرى، وارتباطه ادارياً باتحاد أدباء بابل، وبأشراف أمانة العلاقات الداخلية في الاتحاد، استناداً إلى الفقرتين (٧-٨) من مقررات المكتب التنفيذي.
ويتولى مهمة رئاسة المنتدى الذي تأسس في أواسط التسعينات من القرن الماضي د. أحمد الخيال، الذي كان الشاعر حسين الجار الله نائبه، بينما كان د. عبد العظيم الجوذري المسؤول الثقافي، في حين تولى الشاعر ناصر أبو الورد المسؤولية المالية للمنتدى، فيما احيلت مهمة المسؤول الإعلامي للشاعر عمار الصلف.
وتحدث الناقد الدكتور وسام العبيدي عبر ادارته للجلسة التي شارك فيها نخبة من الأدباء والمثقفين عن أعمالهم الشعرية، كما وقد تعرفنا في استعراضه المختصر على جزء من مشوار حياتهم الأدبي
والعلمي.
ويرى الناقد أن الحديث عن شعراء مدينة القاسم تلك البقعة المعجونة بملح السواد وعبق الطيبين، ومنبعاً للعلماء والشعراء والفقهاء، وحسبنا اليوم ان نحتفي بشعراء أثبتوا بجدارة انهم حققوا بصمة إبداعية متميزة، فضلا عن حراكهم الادبي في انشاء منتدى
القاسم.
كما وقد تحدث عن رؤيته تجاه الشعراء المحتفى بهم بهذه الجلسة وكيف أنه قد غلبت سمتان عليهم، تمثلت الاولى بالتجريب المستمر في منجزهم الشعري، اذ يلحظ القارئ بنتاج نصوصهم ثمة اختراق للمألوف، فضلا عن احترافهم الفني الخاص والمتفرد، أما السمة الثانية فهي في التواضع الشديد حد الخجل، وهو خجل اجده مسوغاً في باب (أن كل كبير من المثقفين أو الشعراء يجد نفسه في كل ما يكتبه أنهلم بصل إلى
شيء).
وتضمنت الجلسة أيضا قراءات شعرية لكل من المحتفى بهم، وكانت البداية مع الدكتور أحمد خيال، إذ شارك ببعض المختارات الشعرية منها قصيدة " كنتُ أرسمُ لك نهراً"، قال فيها: (كغربة نهرٍ/ أتمددُ على ذاكرة الصحراء/ أرمم شبّاك الأيّام النحيلة في ليلة/ تشبُهُ دمعة ناقة قرب بئر يوسفي/ أنا المرتبك مثل قبلة على خدِّ رصاصة/ أتمرّن على ركل الحرب/ بيتي جملة شاحبة في جيب غزال بري/ وأيامي دهستها ابتسامة
هولاكو
الماكرة/ خلف شجرةِ البرتقال الوحيدة/ المزروعة في ذاكرتي/ نَبَت في الظلِّ/ بسيطا كالنوم/ ومعقداً كشتيمة/
وفقيهاً في تأويل بربرية عينيك/ كنتُ أريد أن أُوجد فقط الآن/ أُريد أن أكون أنا/ قال لي أبو ذر: خذ المنفى كلَّه وأعطني قدميك).
المحتفى به الشاعر حسين الجار الله، شارك ببعض من قصائده منها "نعاس الياسمين"، قال في جزء منها: (مُعافى كرزق الطير عُشبي بشاشتي/ أعلّم زهدي كيف تنجو النفائسُ/ خفيف كأعذار التلاميذ/ باهظٌ كَعُريٍ
يَتيمٍ لم تذقْه الملابسُ/ يلاحقني الافراطُ في عزف إخْوتي/ كأنّي على لهو الفراشات حارس/ فيا عِصمةَ التّفاح
حُبلى خطيئتي/ بكُلِّ الذي لم ترتكبه النوارسُ/ وَبِيْ سيرةُ الياقوت تُدمي حنينَها/ بِعُرسٍ على كفَّيه سالَتْ عوانس/ أكابدُ أنهاري عناقيدَ سطوةٍ/ ككلّ كمين كابدتْه الفرائس وجِفنايَ/ يا سبطَ الحرير كأنّما غلافَا كتاب مزّقته الهواجس/ كأنّ رحى اللّا شيء فيّ تسابقت فَليلتِي الغبراء والصّبح داحس/ ورغم حصى التهويل في الخبز لم أزل لمهنة إيقاظ الغيوم أُمارس/ أُربّي نُعاس الياسمين وأقتفي عيون بلاد لم تطأْها الدسائس..).
أما مشاركة الشاعر ناصر أبو الورد فكان منها قصيدة "أرياف الزمرد"، قرأ منها: (جوابةُ المنفى اللذيذ بعينِ من فتحت نوافذ من يعيش بلا وطن/ كي اصطفي جرحاً حززت محابري/ وكتبت ان العشق يُكتم بالعلن هي من تزجج/ للندى احلامها وتقنطر المعنى الرحيق بلا ثمن/ هي أن تعود إلى الديار حقائبا/ بعبير من عشقوا ثَراك تعطرن/ هي كالنوارس للوداعِ قصيدة مائية التلويح/ ينسجها السّفَن وتبثُ في النايات/ نصف حنينها والآخر العشبي في لغة الشجن/ برحية الخطوات ملحُ هديلِها قُبل تركب ما تفكك من وسن/ تعويذة الصوفيِ خمرةُ دمعِه/ صلّى فصولاً كي يعود به الزمن/ وعلى صرائف من تزهّدَ امطرت ميقات عُرس/ يستفز له البدن كلأيةُ الأوتار تعزف/ مسكها إلياذة فيها البنفسجُ مرتهن سفرٌ من
الياقوت ..).
وشارك الشاعر عمار الصلف بمجموعة من القصائد منها "محاولة للتبرير"، قال في بعض
منها:
(صديقي الخفاش يقول لي دعني امسح الغبار عن شاشتك/ وسجلْ انثاك تستعرض مفاتنها أكثر من الحب/ الاصدقاء تضاريس خارج الخارطة/ العائلة صدفة مزمنة/ المقابر خدعة بصرية/ كل هذا وانت لا تملك مسقطا للرأس/ ولا تدري من منا يرى الحياة بوضوح أكثر/ إنك لم ترتطم بزجاج الفرصة يوما/ ولم تنقل الطيور اسرارك المعدنية/ ولذا تجلس بنصف رأس/ فقلتُ لازال الطين يفتخر بانتمائنا له/ ونومك بالمقلوب/ فقال الموناليزا كذبة دافنشي/ وانت مولعٌ بالتصديق يا صديق التشوه والنقصان/ انك تعطي الخريف منحة قرمزية/ وتترك الربيع دسما للخسائر كمعطف
جدتك).
وتحدث الناقد فاضل ثامر عن مشاركة شعراء القاسم قائلاً: يتأكد يوما بعد يوم أن الشعر العراقي يتفق في كل مكان، وهذه الأسماء التي نحتفي بها اليوم اكدت أن لديها طاقة الشعر الحقيقي في مختلف مستوياته، العمودي وهذه القدرة الكبيرة في اللغة والتصوير، وكذلك قصيدتي التفعيلة والنثر.
كما وتناول عبر حديثه أسماء الدواوين التي استعرضت في الجلسة، وكيف أنها كانت تكشف عن شاعرية عالية، وأنها مكتوبة بصياغات استعارية رائعة، حتى أنك لو جمعتها تشكل قصيدة في حد ذاتها.
وشارك الناقد الدكتور نصر جابر بمداخلة تحدث فيها عن الشاعر الدكتور أحمد الخيال، وكيف أنه أيضا قاص مبدع، اذ فازت إحدى قصصه قبل مدة في جائزة قطرية، وكذلك هو يكتب القصة القصيرة بحرفية عالية جدا، وهو أيضا كاتب مقالة متميز، وقد فازت بعض مقالاته بالجوائز.
ويرى جابر عبر حديثه بالجلسة أن أحمد الخيال شخص حركي، إذ ينتمي إلى العمل الدؤوب الحركي، وازعم أنه في القاسم يعملون بأبوته الروحية يعملون بشكل ورشة، اذ تقرأ القصائد أمام الجميع وتنتقد من الجميع، لذلك نجد أن الملامح الشعرية فيها. تدخل من المحتفى بهم اليوم، لكونهم. يعملون عل طريقة الورشة
الشعرية.
كما وقد تخللت الجلسة بالعديد من المداخلات والمشاركات منها للشاعر عمر السراي والباحث أمين الموسوي وغيرهما.