التعبير الدلالي في اللفظ الشعري

ثقافة 2019/08/27
...

ضحى عبدالرؤوف المل
 
يستجيب الشاعر "سلمان زين الدين" للتغيرات الشعرية في ديوانه "أحوال الماء " مانحا كل تغيير بين قصيدة وقصيدة اخرى التعبير الدلالي في اللفظ الشعري، والمعنى المتدفق المتشكل من التكوين الخاضع للقاعدة الفكرية للماء والشعر القابل
 للمقارنات.  
مع الاهتمام بالتركيب الايقاعي للفت الانتباه الى أحوال القصيدة التي تجري معانيها جريان الماء في باطن الارض، وبفن لغوي حدده بصفات الماء وتركيبته،  للاستدلال على اهمية الخصائص البنيوية للقصيدة ذات الاجراس المتصلة باللفظ والمعنى، والحس الجمالي المشتق من الصور البلاغية بين المتخيل والحالة الواقعية للماء وقوته،  وضعفه واصراره على دورة الحياة الكاملة التي تشبه الإنسان في بعض منه اذ لم نؤكد على الكل ، فالرمز الوظيفي في القصيدة  هو للهيمنة على العلاقات  الشعرية وقيمتها الحقيقية، لبث المعنى روحية الماء او الحياة بشكل مجازي "  للماءِ أحوالٌ، مقاماتٌ 
لي.. 
هوَ غيمةٌ تبكي
على الأرضِ الَّتي ماتَتْ 
فَتحيا في الشتاءْ وهْوَ الدموعُ الهامياتُ
الهاطِلاتُ من السَّماءْ
وهْوَ الثُّلوجُ البيضُ
تغْزِلُها الرِّياحُ الهُوجُ
ثوبا للعروسِ الأرضِ
في يومِ الزِّفافْ" فهل من قيود لغوية تركها سلمان زين الدين في الاحرف ذات المخارج الصوتية التي توحي بأحوال الماء؟ أم ان لمعاني  بعض الكلمات رؤية مجازية اخرى ؟
تلعب محاكاة الطبيعة دوراً مهما في القصائد  حيث تتفاقم الرؤى في بعض الأحيان المستوحاة من عنصر الطبيعة ذات الايقاعات غير المتوقعة، لتحفيز السمات الشعرية او الترابط المنطقي بين معنى ومعنى دون كسر في الانسجام اللفظي المنساب على وتيرة واحدة في الغالب هي الموسيقى التلقائية الناتجة عن وقع الحروف في النفس  ، مما يمنحها جزالة ترتقي الى نوتات قطرات الماء مع الحفاظ على التقنية الاختزالية " حاملًا صخرتَهُ الكبرى
على ظهرِ لَواهُ العمرُ
وَاسْتَلْقى على عاتقِهِ فيلُ الزَّمانْ 
خرجَ الصيّادُ من منزلِهِ
يطلُبُ رزقًا كلّما طاردَهُأرخى لِساقيْهِ العِنانْ 
ورمى في غمرةِ البحرِ شباكًا 
طالما أمعنَ في تقريضِها 
فأرُ المكانْ." فهل من علاقات دلالية مختلفة ترتبط بالتعبيرات والترادف والتضاد؟ أم انه يحاول اثارة الاهتمام بالمتغيرات الحياتية الإنسانية التي يعيشها الفرد بتكرار  لجوهر اسس الجمال؟ قد يجعل سلمان زين الدين في القصائد كلها خيطاً دلاليا  هو عنوان للحياة التي تتفرع من الماء وهو العنصر الاساسي للبقاء وهو فتنة الغموض التي تختصر تحولاته من الماء للثلج للندى  للدموع ."   
وَحينَ تَناهى إلى سمعِها 
أنّهُ أغمضَ المقلتَيْنِ
 وألقى عصاهُ 
وقدْ تعبَتْ من خطاهُ الدروبُ 
عراها الشّجى 
واستيقظَتْ من كَراها الدموعُ 
وراحَتْ تُيَمِّمُ شطرَ الخدودِ 
وتُوقِظُ، من نومِهِ، الوردَ 
كي يَذرُفَ العطرَ حزنًا عليْهِ 
لعلّ الدموعَ العطورَ  
تُعيدُ الحياةَ إليْهِ" فهل الخيط الدلالي بين الماء واحوالها هو الطبيعة والحياة؟
يمثل رمز الماء فكرة مجردة ذات اوصاف مجازية اخرى منها الميتافيزيقي ومنها النوع او ما تنتجه الماء في الطبيعة والانسان ،  بتراكم لاسماء وافعال واصوات تتنوع فيها الفصول مع اهتمامه بشكل القصيدة، وبنيتها من الفكرة الكاملة الى الجزئية، وما يمكن ان نستخلصه من حكمة الماء في اجزاء هي مقاطع الحكمة المستخلصة من اكسير الحياة او عنصر البقاء على الارض مع اهتمامه بتكرار الاصوات المتحركة والساكنه كالعواصف  او الرياح :"  وَتَبْكي السَّماءُ على الأرضِ 
فَصْلَ الشِّتاءْ 
فَتَشْرَبُ ماءَ عُيونِ السَّماءْ 
وَحينَ تَنامُ العُيونُ
وَتَغْفو 
يُفيقُ منَ النَّومِ 
نبعُ البُكاءْ" فهل من تناقض بين الماء واحوالها؟ ام هو يحاول ابراز التشابه والتناقض بين الماء والحياة، رغم ان الماء هو اساس الحياة بينما ايقاعاتها في كل احوالها المختلفة هي الموسيقى التي توحي  بالوجود الكلي للاشياء على الارض، الشبيه باقتران المصطلحات الشعرية  مع المجازيات ، وبسلاسة ذات اختصارات في المعنى، مما يجعل من كل قصيدة في الديوان معزوفة مائية او موسيقى لتهر او لبحر او لدمع او لفراشة هي المعنى الحقيقي المرتبط بالقصائد الاخرى " منْ أيــْــنَ لي لُغــَـــةٌ مُقَدَّسَةٌ تَليـقُ بِذَلِكَ المَعْنى
 وَالمُفْرَداتُ تَنوءُ بِالتَّعْبيرِ عنْ أسْمــائِكِ الحُسْنى
أنْتِ الَّتي لِوُجودِها في الكَوْنِ أغْدو أعْشَقُ الكَوْنا
 أنْتِ الَّتي لِجَمـــالِ عَيْنَيْها أَراني أعْبــــُــدُ الحُسْناَو
 ولكِ ما أطْلَقْتُ صَوْتًا أوْ صَدًى، لَوْلاكِ ما كُنّا 
أنتِ الفَراشَةُ حَوْلَ قِنْديلي تَحــــومُ وَبي أنا تَفْنى
 عُمْري عَلى قَدَمَيْكِ أَنْثـُـرُ وَرْدَهُ كي أُدْرِكَ الأمْنا" فهل من مقارنات بين النفس وتغيراتها واحوال الماء؟