نقلت الانباء أن موظفافي أحدى المكتبات في دولة مشرقية وقف امام أحدى المحاكم في عاصمة بلاده التي كانت تنظر في طلب الطلاق المقدم من قبل زوجته.
قالت الزوجة أن زوحها دأب على ضربها وحبسها لساعات طويلة، وهو يرقب خلال ذلك عذاباتها وآلامها ويدون كل حركة وصرخة منها بكل دقة. دون سبب مبرر سوى السادية التي تقترن بسلوكه وتصرفاته الغريبة وهو يكتب... بعد تعذيبها!. لم ينكر الزوج (المحترم جدا) تصرفه هذا، وقال أنه يحب زوجته جدا ولكنه يريد أن يكون واقعيا تماما وهو يؤلف كتابه عن الجانب الحلو والجانب المر من الحياة، وأن الألهام لا يأتيه الا على هذه الطريقة الواقعية من ادراك ما يحدث وتدوين معالمه!!
لم يستمع القاضي الى أدعاءات المؤلف الواقعي,وأعلن انه يدينه بتهمة القسوة على زوجته ما لم تتنازل الزوجة عن شكواها.
رفضت الزوجة التنازل وتم الطلاق وعقاب الزوج بالغرامة والنفقة مع والسجن المؤقت لمدة اسبوعين، وقال القاضي وهو يعلن قراره (لو كنت املك الحق لامرت بجلدك مثلما فعلت مع زوجتك). مقابل ذلك نشرت الصحف البريطانية أخبارا موسعة عن قيام الباحث الطبي رايموند تاليس اكمال عمله في كتابة روايته الطويلة (متعلق بالضوء) بعدما استمر العمل بها مدة ربع قرن وقد تألفت من3000 صفحة وحوت على (700) ألف كلمة، وبذلك عدت هذه الرواية أضخم عمل روائي مفرد بالقياس الى روايات النهر. وبالرغم من أن تاليس هذا كاتب محترف في علم طب الشيخوخة والدراسات الفلسفية ودراسات الاعصاب، لكنه ينتج روايات مهمة منها روايته(دفاعا عن التعجب) التي صدرت عام 2011، أضافة الى كتبه المهمةفلسفيا وطبيا ومنها-حسب ويكيبيديا –كتابه (مملكة الفضاء اللانهائي) الذي صدر عام 2008 وهو تجوال تفصيلي في رحلة راس الانسان البيولوجية والفكرية وقد صدر ت لتاليس هذا كتب اخرى في الفلسفة وعلم طب الشيخوخة والشعرمنها كتابه عن (الجوع ) الذي صدر في لندن عام 2014.
بقول تاليس انه يبحث عبر روايته الكبيرة (متعلق بالضوء) عن قارئ طويل الصبر,يفهم عمله ويتعايش مع شخصياته وليس عن قارئ أنطباعي، قليل التركيزويسأم سريعا. المهم في موقف الكاتبين اختلاف الرؤية والمعالجة والهدف , رغم أن الهدف العام لاي كاتب هو الوصول للقارئ والوصول الى درجة من القدرة على كسبه بعد تحقيق اللذة الابداعية الشخصية.
كان طريق موظف المكتبة سيئا فقيرا الى درجة القسوة مع الزوجة لاستنطاق الصورة الدرامية، فيما كان طريق طبيب أمراض الشيخوخة باذخا طويلا مزدانا بالتجارب التي تحاول-على رأي ناقد الشركة المنتجة للكتاب-(تحليل عالم الأفكار ومعنى الحياة) وهو كلام عام تماما,ولكن كتابة ثلاثة ألاف صفحة يدل على القدرة غير العادية على الاداء، وهو طريق أشك أن القارئ العصري يستطيع الصبرعلى تأملها كما يريد تاليس. العصر,عصرنا ,هو عصر الرواية القصيرة عموما بالنسبة للقارئ العام,سوى ذلك ,فأن قارئ الرواية الأطول ورواية النهر أو رواية الأجيال او الثلاثيات والرباعيات يظل قارئا ينسحب عن الواقع الا نادرا أو هو القارئ النهم الذي لم يشده الحاسوب وامراض العصر الجميلة.
بمعنى انه القارئ الذي لايشكل ظاهرة بل نموذجا لا يحتذى به,وكل ما نخشاه لعمل تاليس هذا أن يبقى في عهدة النقاد والدارسين المختصين بقدر ما يظل الوهم الذي عاشه موظف المكتبة الساذج والسادي والواقعي بأفراط غير مقنع، وهما مضحكا وغير مبرر. انهما طريقان غريبان في اثبات كينونة الكاتب لكنهما لا يعكسان اشتراطات سوق الكتابة ولا روح العصر,والطريق الثالث ,طريق الرواية القصيرة هو الأمثل اليوم، باستثناء كلاسيكات الأدب الروائي العالمي.