الهجوم على «أرامكو» السعودية يشعل أزمة جديدة في الخليج

الرياضة 2019/09/15
...

عواصم / وكالات 
 

أشعل الهجوم بالطائرات المسيرة فجر أمس الأول السبت على منشآت «بقيق» و»هجرة خريص» النفطية التابعة لشركة أرامكو السعودية، أزمة جديدة في منطقة الخليج التي تشهد منذ فترة إرهاصات الحرب، إذ دانت طهران اتهامات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لها بالوقوف وراء الهجوم، ووصفتها بأنها «افتراء هدفه تشويه صورة إيران»، بينما لوّح الحرس الثوري بأن إيران «أعدت نفسها لحرب شاملة في المنطقة»، وفي وقت دعا فيه سيناتور أميركي بارز إلى استهداف المنشآت النفطية الإيرانية لـ«كسر ظهر النظام في طهران»،  أفادت تقارير أمنية كويتية بأن طائرة مسيرة «درون» حلّقت على ارتفاع منخفض فوق قصر الأمير بمنطقة سلوى. 

رد إيراني
من جانبه قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة على «تويتر»: إن «أميركا أخفقت في ستراتيجية (أقصى ضغط) على إيران وتحولت إلى (أقصى خداع ممكن)»، وتابع: ان «الولايات المتحدة وعملاءها عالقون في اليمن، بسبب وهم أن تفوق السلاح سيؤدي إلى نصر عسكري، وإلقاء اللوم على إيران لن ينهي الكارثة».
وفي السياق نفسه، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي أمس الأحد، إن اتهامات وزير الخارجية الأميركي «عمياء وبلا نتيجة ولا معنى لها»، مضيفاً أنه «لا يمكن فهمها في الإطار الدبلوماسي وهي أشبه بمخططات المؤسسات الاستخباراتية»، وحذر موسوي من أن «اتهامات بومبيو تهدف إلى تشويه صورة إيران تمهيدا لإجراءات مستقبلية ضدها».
وتطرق موسوي في تصريحاته إلى الحرب في اليمن، متهماً «التحالف الذي تقوده (السعودية) بالإبقاء على نيران الحرب مشتعلة في المنطقة منذ خمس سنوات»، واعتبر أن «السبيل الوحيد لإحلال الاستقرار في المنطقة وإنهاء أزمة -لا جدوى منها- في اليمن يكمن في إيقاف عدوان التحالف السعودي وقطع الدعم السياسي والعسكري الغربي للمعتدين على اليمن والعمل لإيجاد حلول سياسية»، بحسب تعبير المتحدث الإيراني.
إلى ذلك، قال قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زاده: إن «إيران وأميركا لا تنويان الحرب، لكن القوات الميدانية على تماس في مياه الخليج، ويمكن للحرب أن تندلع».
وأكد حاجي زاده في تصريحات صحفية، ان «جميع القواعد والسفن الأميركية في المنطقة على بعد ألفي كيلومتر تقع في مرمى صواريخنا»، لافتاً إلى أنه «بعد إسقاط الطائرة الأميركية المسيرة خلال شهر حزيران المنصرم، وجهنا صواريخنا نحو قاعدتي العديد في قطر والظفرة في الإمارات وبارجة أميركية في خليج عمان».
وأشار قائد القوات الجوية في الحرس الثوري، إلى أن «احتمالية اندلاع حرب مع أميركا كانت واردة حتى لو استهدفت (الولايات المتحدة) أرضا خالية في إيران رداً على إسقاط الطائرة المسيرة».
 
اتهامات أميركية
وكان وزير الخارجية مايك بومبيو، قد ألقى اللوم على إيران، أمس الأول السبت، في هجوم بطائرات مسيرة استهدف منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة أرامكو السعودية، وأعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية المسؤولية عنه، قائلاً: إن «إيران شنت هجوماً غير مسبوق على إمدادات النفط العالمية»، وأضاف، «لا يوجد دليل على أن الهجمات جاءت من اليمن».
بدوره، قال السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام، في تغريدة نشرها على «تويتر» تعليقاً على الهجمات التي تعرضت لها المنشأتان النفطيتان السعوديتان: «لقد حان الوقت الآن لكي تضع الولايات المتحدة على الطاولة هجوماً على مصافي النفط الإيرانية، إذا استمرت الأخيرة في استفزازاتها أو زادت من تخصيب اليورانيوم».
وقال السيناتور الأميركي: إن «إيران لن تتوقف عن تصرفاتها السيئة حتى تصبح العواقب أكثر واقعية، مثل مهاجمة مصافيها، مما سيكسر ظهر النظام»، وأضاف، ان «الهجمات التي شنها (المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران) على مصافي النفط السعودية، مثال آخر على الطريقة التي تنشر فيها إيران الفوضى في الشرق الأوسط»، وتابع ان «النظام الإيراني غير مهتم بالسلام، وإنما يسعى إلى امتلاك السلاح النووي والهيمنة الإقليمية»، على حد قوله.
من جانبه، قال القيادي في حركة «أنصار الله» الحوثية اليمنية علي القحوم: «نبارك للقيادة الثورية وللقوات الجوية ولوزارة الدفاع ورئاسة هيئة الاركان وللجيش والأمن على العملية الكبيرة والواسعة التي استهدفت شركة أرامكو في العمق السعودي والتي تكللت بالنجاح»، وأضاف، «هذا التطور الستراتيجي في عمليات الرد والردع يأتي بعد تعاظم القدرات العسكرية المتزايدة لفرض هذه المعادلة».
قصر الأمير
من جانب آخر، أفادت مصادر أمنية كويتية بأن «طائرة مسيرة من النوع الكبير، يصل طولها إلى نحو 3 أمتار وحجمها بحجم سيارة صغيرة، حامت فوق دار سلوى (قصر الأمير) لفترة، مشعلة كشافاتها الأمامية ثم غادرت»، وأضافت المصادر أن الطائرة التي هبطت إلى ارتفاع 250 مترا «قدمت من جهة البحر، واقتربت من شاطئ البدع، حيث فتحت الكشاف الأمامي لمدة دقيقة واحدة، وبعد ذلك حامت فوق قصر دار سلوى وعادت إلى دوار البدع ثم اتجهت إلى داخل مدينة الكويت»، وتزامن اختراق الطائرة المسيرة للأجواء الكويتية مع توقيت الهجوم على منشأتي «أرامكو».
 
نقص البترول
وفي تداعيات الحدث، أعلنت وزارة الطاقة الأميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب مستعدة لاستخدام الاحتياطي النفطي الأميركي إذا لزم الأمر بعد هجمات بطائرات مسيرة على منشأتي نفط في السعودية.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة شايلين هاينز: إن «وزير الطاقة ريك بيري مستعد لاستخدام الموارد من الاحتياطي النفطي الستراتيجي إذا لزم الأمر لتعويض أي تعطل في أسواق النفط نتيجة هذا العدوان»، وأضافت هاينز أن «بيري وجه قيادات الوزارة للعمل مع الوكالة الدولية للطاقة في باريس بشأن الخيارات المتاحة المحتملة للعمل العالمي الجماعي إذا لزم الأمر».
إلى ذلك، كشف وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان عن أن الهجمات على منشأتي شركة «أرامكو» النفطيتين أمس الأول السبت أدت إلى توقف 50 بالمئة من إنتاج الشركة.
وأفاد الوزير السعودي، بأنه «في تمام الساعة الثالثة والنصف من فجر السبت، وقعت عدة انفجارات نتيجة لهجمات إرهابية على معامل شركة أرامكو السعودية في هجرة خريص وبقيق، نتج عنها حرائق تمت السيطرة عليها»، وأشار إلى أنه «نتج عن هذه الهجمات توقف عمليات الإنتاج في معامل بقيق وخريص بشكل مؤقت، وحسب التقديرات الأولية أدت هذه الانفجارات إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو (5.7) مليون برميل، أو نحو 50 بالمئة من إنتاج الشركة، إلا أنه سيتم تعويض جزء من الانخفاض لعملائها من خلال المخزونات».
وقال الوزير: إن هذا «الهجوم الإرهابي والتخريبي هو امتداد للهجمات الأخيرة التي استهدفت المرافق البترولية والمدنية ومحطات الضخ وناقلات النفط في الخليج».
واضاف بن سلمان، ان «هذه الهجمات لا تستهدف المنشآت الحيوية للمملكة فحسب وإنما تستهدف إمدادات البترول العالمية وتهدد أمنها، وبالتالي فهي تمثل تهديدا للاقتصاد العالمي، وتبرز مرة أخرى أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بدوره بالمحافظة على إمدادات الطاقة ضد كافة الجهات التي تنفذ مثل هذه الأعمال التخريبية وتدعمها وتمولها»، بحسب تعبيره.
 
إدانة واسعة
من جانبه، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، أن الهجوم الذي تبناه الحوثيون على السعودية في مدينة بقيق يطول الإمارات ودول المنطقة أيضا.
وكتب قرقاش تغريدة في حسابه على «تويتر» قال فيها: إن «الهجوم الإرهابي على معملي أرامكو يطولنا جميعا، ويشير إلى التحدي الستراتيجي الذي تواجهه المنطقة، وضرورة تضافر الجهود تجاهه»، وأضاف أن «الإمارات أدركت طبيعة التحديات المحدقة والمشتركة مبكرا واختارت بكل مسؤولية أن يكون موقفها وموقعها مع الرياض. نعم مسارنا ومصيرنا واحد».
وأصدرت بلدان عربية وأجنبية بيانات إدانة للهجوم على منشأتي بقيق السعوديتين، كما يترقب المتابعون في أنحاء العالم افتتاح أسواق البورصة لمعرفة التغيرات التي ستطرأ على أسعار النفط إثر هجوم
 بقيق.