دراما عراقية - عربية .. ولكن

الصفحة الاخيرة 2019/09/20
...

 رضا المحمداوي
عَرَفَ الفن السينمائي لدينا صيغة العمل الفني المشترك منذ بواكير انتاجاته الاولى، فشهدنا انتاج أفلام عراقية - تركية مشتركة، وعراقية -مصرية ولبنانية.
ومن السينما انتقلَ هذا النمط الى الدراما التلفزيونية، فَشَهَدَت الثمانينياتأعمالاً مشتركة مع الكويت ومصر، لكن  سرعان ما غابت تحت ضغط ظروف وأسباب مختلفة.
وفي ماراثون رمضان الدرامي لهذا العام عرض عملان دراميان عراقيان بالاشتراك مع فنانين مصريين وسوريين، وكلا العملين من انتاج شركات القطاع الخاص.
فقد عرض تلفزيون العراقية مسلسل “زواج سفر” إنتاج شركة “أفق بغداد للإنتاج الإعلامي” تأليف السوري فادي الحسين وإخراج 
شفيق محسن، الذي أخرج الجزء الاكبر من المسلسل، حيث تدور أحداثه في سوريا، ومثّلَ فيها كل من سامي قفطان وسمر محمد وتيسير الياسري ومعهم من سوريا اندريه سكاف وعبير شمس الدين وغيرهم...أما محور الاحداث التي دارتْ في بغداد ومثَّلَ فيها كل من حيدر منعثر وزهرة بدن.. أخرجها صباح رحيمة.
وكان يمكن لهذا المسلسل أن يأخذ مساحةً أكبر، من حيث المشاهدة والحضور الفني، فيما لو تم الإعلان عنه مبكّرا، بتكثيف نوعي اكبر، ولو حظيَ بوقت عرض أفضل، من موعد بثه المتأخر.
ومن هنا فقد بدا المسلسل وكأنهُ لم يكنْ موجوداً على خارطة رمضان الدرامية!
أمّا المسلسل الثاني والذي سأتوقفُ عندهُ نقدياً، فهو “صفين لولي” الذي عَرَضتْهُ قناة هنا بغداد.. إنتاج “شركة الناظر للإنتاج الإعلامي” وتعاون ثلاثة من المؤلفين على كتابة حلقاتهِ، هم أحمد راشد,وهاني النابولسي، وعلي المشادي.. إخراج صفاء عيدي، أمّا التمثيل فاشتركتْ فيه 
نخبة من العراقيين: كاظم القريشي وذو الفقار خضر وسولاف، والمصريين: الراحل عزت ابو عوف وراندا البحيري وعلا رامي وغيرهم..
يندرجُ “صفين لولي” ضمن نمط الـ “سيت كوم” الذي يمتاز بالتصوير في مواقع داخلية حصراً، وهو عمل فكاهي خفيف تدور أحداثهُ في 
مركز تجميل مصري يقع في عمارة سكنية وتعمل فيه مجموعة من العاملين المصريين والعراقيين.
السمة الطاغية على هذا المسلسل إنهُ جاء ضعيفاً على المستويين الإخراجي والإنتاجي بصفة عامة، والتأليف على وجه الخصوص.. ركيك برغم أن ثلاثة من المؤلفين اشتركوا في تأليفهِ، حيث إنعدمتْ أيَّة فكرة رئيسة أو عامة للمسلسل.
 وعلى الرغم  من اعتماده اسلوب الحلقات المنفصلة – المتصلة، حيث تقوم كل حلقة على حكاية أو موقف، اوهي مرونة ممكن استثمارها لبناء كل حلقة كنموذج فني ناجح ومُحكم... وجدناهُ  ضعيفاً في بناء حلقاتهِ المستقلة لوحدها والمرتبطة بغيرها من الحلقات؛ الأمر الذي تركَ أثرَهُ واضحاً على المسلسل بهيكلهِ العام.
نعم هناك ممثلون مصريون وعراقيون جيدون لكن وجودهم لم يغنِ المسلسل أو يدعم فكرتهُ أو يسهم بتعزيز حلقاته كل على حدة كوحدةٍ دراميةٍ بنائيةٍ متصاعدة، كما لم يجتهدْ صانعو المسلسل في ابتكار طريقة فنية تستثمر هذه الطاقات التمثيلية للفنانين المشتركين في أداء شخصيات المسلسل بحلقاته المتنوعة. 
وسبق للمخرج الشاب صفاء عيدي، أن قدَّمَ إنموذجاً درامياً رديئاً من حيث التأليف والاخراج في مسلسل “قلب تفاحة” الذي عَرَضهُ تلفزيون  العراقية عام 2015 حيث تدور الاحداث في نفس القالب الدرامي.. مركز تجميل تعمل فيه مجموعة من فتيات.
المُشجِّع لهذين العمليناللذين أنتجهما عراقيان عبر شركات الانتاج الفني الخاصة يتمثّل بوجود الممثلين العراقيين الى جانب المصريين والسوريين؛ ما يوّفرُ فرصة مناسبة لاثبات جدارة الممثل العراقي وقدرتِهِ على مجاراة الممثل العربي في الحضور المشترك على شاشة التلفزيون، خاصةً إذا توفرتْ فرصة تسويق وتوزيع وعرض هذه الاعمال الدرامية العراقية المشتركة وأمثالها في القنوات المصرية والسورية والعربية الاخرى بما يحقق استمرار هذه التجارب والمحاولات والزيادة في انتاجها.
وأقترحُ على شبكة الاعلام العراقي أن تدرس هذه التجارب من حيث الجدوى والأهمية الفنية، وأن تنظر اليها بعين الاعتبار، وأن تحرص على تبنّي توجهاتها، والتأكيد على المواصفات الفنية والدرامية الواجب توفرها في تلك الانتاجات من أجل ضمان نجاحها واستمرارها وبما يساعد على فتح نافذة جديدة للإنتاج الدرامي العراقي خاصة ًوأنهُ يمّرُ بإزمة إنتاجية مستفحلة منذ سنوات عدة.