تغيير الاسم

الصفحة الاخيرة 2019/09/24
...

حسن العاني 
 
ثمة ظاهرة عالمية لا يستثنى العراق منها، ان لم يكن هو من اكثر البلدان تعاملاً معها، وهي تغيير الاسم، ويلاحظ ان سكان مناطقنا القروية والريفية والصحراوية هم في العادة وراء النسبة الاعظم من قيام الفرد بتغيير اسمه، لان سكان تلك المناطق يختارون اسماء لأبنائهم قد تكون مقبولة ضمن بيئتهم الاجتماعية، ولكن ما ان يكبر الابناء وتنتقل اعداد كبيرة منهم الى بغداد او مراكز المحافظات، وتلتحق بالمدارس والكليات والوظائف وتحتك بالمجتمعات الجديدة، حتى تصبح اسماؤهم غريبة على ذائقة المدينة، وفي احيان كثيرة غير مقبولة او مدعاة للسخرية والاستهزاء.
على إن ظاهرة التغيير لا تقتصر على اسماء الاشخاص، فالمدن العراقية شهدت كذلك مثل هذه الحالة، ومن باب الاشارة والتدليل لا الحصر، نذكر ان نرجسية صدام غيرت شهادة ميلاد مدينة (الثورة) ومنحتها بطاقة احوال مدنية جديدة باسم (مدينة صدام)، والامر نفسه بالنسبة لصدامية الكرخ، واحتفاء بدحر داعش وعصاباتها الاجرامية يجري العمل منذ سنوات قليلة لتغيير اسم ناحية (جرف الصخر) الى (جرف النصر)، والحقيقة فان هناك مشكلة تواجهنا في المدن ولا تواجهنا في الاشخاص، وذلك عندما يتعلق الامر بالتاريخ، ذلك لان مسميات المدن التاريخية لا تقع ضمن صلاحياتنا، والتصرف بها ليس من حقنا، لان التاريخ ملك مرحلته وظروفه، نحن لا نمتلك حرية التصرف الا بالحاضر الذي هو من تأسيسنا وصنع يدنا، أذكر وأنا طالب في المرحلة المتوسط عندما حدث انقلاب 14 تموز 1958، حيث طلب منا مدرس التاريخ ان نغير عبارة او مصطلح (مملكة بابل) اينما وردت في الكتاب الى (جمهورية بابل) وبالضرورة اصبح (حمورابي ملك بابل) (رئيس جمهورية بابل)، ولو كنتُ يومها بالوعي الذي انا عليه اليوم لضحكت حتى ينشق حلقي، كما ضحكت قبل مدة ليست بعيدة الى ان فطست من الضحك، لان هناك من اقترح وبقوة تغيير اسم شارع (الرشيد) واسماء المنصور والامين والمأمون...الخ لانه يختلف عقائدياً او سياسياً مع هذه الاسماء، ولو حظي هذا المقترح بموافقة رسمية او تم تمريره في البرلمان بالأغلبية او بشراء الاصوات، فيجب ان لا نستبعد لو حملت (ملوية المعتصم في سامراء) مثلاً، اسماً جديداً على غرار (الملوية الشفافة، او ملوية الكوتا، او الملوية الديمقراطية في سامراء).. الخ، ويطول حديث المدن، ولكنها ليست خاتمة المطاف في التغيير الذي شمل كل شيء وامتد الى كل شيء، حتى السياسة وليست بكم حاجة الى التذكير بان هناك عشرات التغييرات الي طالت اسماء الاحزاب والتيارات والكتل والائتلافات، بقدر حاجتكم الى التذكير بأن (المحاصصة) التي يشتمها الجميع، غيرت اسمها عدة مرات، فهي (التوافق) مرة، و(الشراكة) مرة اخرى، وهي (التفاهمات) و(التشاورات) و.. ولكنها بالنتيجة محاصصة بامتياز!!