تجميد عمل مجالس المحافظات يصطدم بعقبات تشريعية
العراق
2019/10/13
+A
-A
بغداد / أحمد محمد
يسعى مجلس النواب في جلساته المقبلة الى تجميد عمل مجالس المحافظات ضمن القرارات التي وردت في حزمة الإصلاح الاولى التي أصدرتها رئاسة الوزراء وتبناها البرلمان؛ لكن ضمن الأطر القانونية المسموح بها والتي كانت سبباً في تأجيل هذا الموضوع لحين ايجاد صيغة قانونية لتجميد العمل يكون ممكنا معها اجراء انتخابات جديدة مقررة في شهر نيسان من العام المقبل 2020، ومع أن هذه المساعي موجودة، لكن هناك اختلافا في الرؤى بشأن قرار (التجميد) أو (الإلغاء)، حيث يتطلب إلغاء تلك المجالس إلى تعديل دستوري ومن ثم تشريع قانون في مجلس النواب.وأكدت عضو لجنة النزاهة البرلمانية النائب عالية نصيف في حديث لـ “الصباح”، أن “مجلس النواب قد صوّت من حيث المبدأ على قرار ينص على اتخاذ اجراءات تشريعية لتجميد عمل مجالس المحافظات”، مشيرة الى أن “تلك الاجراءات تتضمن تعديل قانون رقم (21) لمجالس المحافظات”، معبرة عن اعتقادها بأن تلك الاجراءات التشريعية “ستتم خلال الاسبوع المقبل”.
مدة تقويمية
بدوره، أوضح رئيس لجنة الخدمات النيابية النائب وليد السهلاني لـ “الصباح”، أن “هذه المجالس عملت منذ 16 عاماً؛ لكن وضع المجالس الحالية هو استثنائي، بما يعني أنها قد تجاوزت المدة التقويمية لها ويفترض حسب القانون أن يكون عمرها أربع سنوات فقط من تاريخ الانتخاب، أما الآن مضى عليها تقريباً سبع
سنوات”.وأشار السهلاني، إلى أن “التظاهرات التي حصلت في عموم العراق كانت تصب جل غضبها وعدم رضاها على مجالس المحافظات، وأعتقد أنه من الناحية القانونية ومن الناحية الدستورية، بقاء هذه المجالس لفترة أكثر من 7 سنوات مخالف لأدبيات القانون، ولربما يعد خدشاً في مفهوم الديمقراطية التي يحتكم اليها الشعب العراقي باعتبار أن النظام ديمقراطي مبني على أساس قناعة الشعب بمن يختاره إن كان على مستوى المجالس المحلية أو على مستوى مجلس النواب”.وأضاف السهلاني، أن “الجو العام السياسي على مستوى الكتل السياسية بصورة عامة ذاهب باتجاه تجميد مجالس المحافظات من خلال تعديل المادة التي نصت على (بقاء مجالس المحافظات في عملها لتاريخ الأول من آذار المقبل)”، مبينا أن “هناك مشكلة بشأن الموضوع باعتبار أن القانون لا يعدل الا بقانون، فلا يجوز أن يستند الامر الى قرارات وردت في حزمة الاصلاحات التي أرسلها مجلس الوزراء الى مجلس النواب بشأن تجميد مجالس المحافظات، وهذا الموضوع يجب أن يستند الى قوة القانون من خلال سن قانون يعدل تلك الفقرة التي تنص على بقاء مجالس المحافظات في عملها”.
تشريع جديد
وعلى الطرف الآخر، قال عضو مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي: إنه “تمت إحالة موضوع مجالس المحافظات الى اللجنة القانونية ولجنة شؤون المحافظات في مجلس النواب، وهذا الموضوع حتما يحتاج الى تشريع قانون جديد لا يتنافى مع الدستور العراقي على اعتبار أن المجالس المحلية هي مجالس دستورية، ولذلك يتطلب تشريع قانون يقرأ قراءة اولى وثانية ومن ثم يتم التصويت عليه داخل قبة المجلس وهذا يحتاج الى وقت”.وبيّن المطلبي في تصريح خاص لـ “الصباح”، بأن “هناك معارضة برلمانية ضد هذا التوجه، ولذلك اعتقد انه من الصعب جدا أن تمرر هكذا قضية “مخالفة للدستور وليست ذات جدوى” على حد قوله، وأشار إلى أنه “لا يوجد مبرر بإلغائها أو تجميدها باعتبار أن القانون يجب أن تكون له مسببات وإذا كانت القضية مالية، فمجالس المحافظات لا تكلف الدولة شيئا، وإذا كانت هناك ادعاءات بأنها غير ناجحة في عملها، نطالب بإلغاء باقي الوزارات التي هي غير ناجحة في عملها”. وعبّر المطلبي عن اعتقاده بأن “مجلس النواب غير جاد بشكل حقيقي لتجميد عمل مجالس المحافظات، باعتبار أن الموضوع لا يتعدى مجرد موضوع طرح من قبل رئيس البرلمان -وأعضاء المجلس بحسب ما تناهى إلينا- كانت لديهم اعتراضات شديدة وحتى من المحافظين السابقين الذين اعترضوا على هذا الموضوع وأكدوا دور مجالس المحافظات في حفظ المال العام ومراقبة الشركات العاملة في المحافظات والمشاريع المختلفة”.
رؤية قانونية
من جانبه، أكد عضو لجنة الصحة النيابية النائب حسن خلاطي، أن “المستشار القانوني لمجلس النواب أعطى توصية تشير الى أن (تجميد عمل مجالس المحافظات يعد مخالفة قانونية)”، وبين خلاطي خلال تصريح خاص لـ “الصباح”، “وجود قوانين نافذة تؤكد استمرار هذه المجالس في عملها لحين إجراء انتخابات قادمة، لذلك تم تكليف لجنتي المحافظات والاقاليم والقانونية لإيجاد المخرج القانوني في ما يتعلق بعمل مجالس المحافظات”.
وفي السياق نفسه، أكد الخبير القانوني أمير الدعمي خلال تصريح لـ “الصباح”، بأن “التصويت على مجمل القرارات ليست من صلاحيات مجلس النواب، فمجلس النواب صلاحياته تشريعية رقابية، وبالتالي هذه القرارات تعد غير ملزمة للحكومة”، مبينا أن التصويت على إلغاء مجالس المحافظات غير دستوري وحتى تشريع القانون غير دستوري”.
واستند الدعمي في حديثه، إلى أن “إلغاء مجالس المحافظات لا يتم الا بتعديل الدستور على اعتبار أن الدستور نص في المادة 122 على وجود مجالس المحافظات، بالتالي لا يجوز إلغاء هذه المجالس إلا من خلال إجراء تعديل على الدستور، ومن ثم يتم تشريع قانون في مجلس النواب ينص على إلغاء مجالس المحافظات”.
بيروقراطية إدارية
ويعود رئيس لجنة الخدمات النيابية النائب وليد السهلاني في حديثه لـ “الصباح”، بالقول: إن “كثرة الدوائر الرقابية، “وجميعها محل احترام وتقدير” لكنها تعرقل بشكل كبير جدا الاجراءات المتعلقة بالقضايا التنفيذية”، مبينا ان “البيروقراطية الادارية الخانقة اثرت في تطبيق المشاريع الاساسية وحتى المشاريع الستراتيجية -مع احترامنا وتقديرنا لكل الجهات التي بذلت جهداً استثنائياً نوعياً في المراقبة والمتابعة وتشخيص الفساد ومعالجته وفق الاطر القانونية السليمة- ولكن هنالك مشاريع وصلت نسبة انجازها الى 97 بالمئة وعطلت بسبب موضوع ربما لا يرتقي الى مستوى
التعطيل”.
وتابع السهلاني أن “مجالس المحافظات منصوص عليها في القانون ولا يمكن أن تلغى إلا بقانون، ولا يمكن تحميلها وحدها مسؤولية التقصير، بل الحكومة العراقية بصورة عامة هي من تتحمل المسؤولية، وايضا هناك حلقات تحتاج أن تستقرأ بشكل بناء وسليم، ونلاحظ أن الشعب العراقي من مثقفين متابعين شخصوا الحالة بوجود بعض الامور تحتاج الى تقنين وتحتاج الى تقليص وتحتاج الى ايجاد بدائل نوعية حقيقية يمكن أن تلامس تطلعاتهم بشكل واقعي بعيدا عن الشعارات”.وأضاف، أن “قانون مجالس المحافظات أكد تقليص اعضاء المجالس المحلية بصورة عامة، ولهذا فأن الرؤية الموجودة على مستوى قراءة الحكومة او الدولة للمجالس تشدد على ضرورة التجميد على أن يقلص اعضاؤها بشكل واقعي لتكون مجالس خدمة، لأننا نعتقد أن مجالس المحافظات قد تجاوزت مدتها القانونية وهنالك رؤية نيابية تستند الى مطالب المتظاهرين بإلغاء مجالس المحافظات والاجراءات الاصلاحية الحالية يمكنها تقويم الوضع
العام”.ونفى السهلاني وجود نص أو حديث بشأن الغاء الدوائر البلدية كما أشيع في وسائل الاعلام، متسائلاً “كيف تلغى الدوائر البلدية؟ وهي تعد من الدوائر المهمة التي تقوم بخدمة المواطن ولا توجد فقرة لالغائها قطعا، والمسألة متعلقة فقط بتجميد عمل مجالس المحافظات وبمجرد ذلك يبقى العمل محصورا بالمحافظ مع اعطائه صلاحيات بما تتعلق بإحالة المشاريع مع منحه استثناء خلال هذين الشهرين بشأن صرف الموازنة ومن العقود الحكومية، وفعلا تكون الطروحات والمتبنيات التي طرحها مجلس النواب العراقي على أرض الواقع موجودة لضمان أن يرى المواطن العراقي أو يلمس على ارض الواقع تطبيق بعض الاشياء بشكل عملي وفعلي وليس كما كان سابقا”.