قصر السلام: اطلاق سراح فوري لمعتقلي التظاهرات وتشخيص مشكلات نظام الدولة وإحالة المفسدين للقضاء
العراق
2019/10/14
+A
-A
بغداد / الصباح
خلص اجتماع على مستوى الرئاسات في قصر السلام ببغداد أمس الاثنين لبحث التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد، إلى إصدار أوامر بإطلاق سراح جميع المعتقلين من المتظاهرين السلميين فوراً ومن سواهم ممن اعتقلوا بدواعي وظروف التظاهرات، كما دعا الاجتماع إلى إجراء تحقيق دقيق وعاجل بما يخص قضايا العنف والاستخدام المفرط للقوة والاعتداء على القنوات الإعلامية، وأقر الاجتماع تشكيل لجنة من الخبراء العراقيين، ومن المشهود لهم بالاستقلال التام والنزاهة والحرص والضمير اليقظ لوضع برنامج وطني ستراتيجي لتشخيص مشكلات نظام الدولة في جميع المجالات واقتراح الحلول الممكنة.
كما صدرت الأوامر بإحالة جميع ملفات قضايا الفساد، وبالأخص الكبرى منها، على المحكمة ذات الاختصاص، على أن تنجز المحكمة كل القضايا في سقف زمني غير قابل للتأخير تحت أي ذرائع، ودعا الاجتماع الكتل والقوى السياسية في مجلس النواب ولجان المجلس لمواصلة عقد اجتماعاتهم في هذه الظروف، والعمل بكل الطاقات والإمكانات لصالح العمل الرقابي وانجاز التشريعات والتعديلات القانونية اللازمة لتسهيل عمل الإصلاح ومكافحة الفساد، وأوصى اجتماع قصر السلام بمتابعة تنفيذ قرارات مجلسي النواب والوزراء المتعلقة بتلبية مطالب وحقوق المتظاهرين ووضع جدول زمني للتنفيذ بشكل سريع.
اجتماع قصر السلام
وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية تلقته "الصباح"، بانه بدعوة من رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح، عُقد في قصر السلام ببغداد، أمس الاثنين، اجتماع ضمّ إلى جانب صالح كلاً من رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، وتمّ في الاجتماع تدارس الوضع السياسي والأمني في هذا الظرف بالغ الحساسية، وفي ضوء التطورات الخطيرة الحاصلة بعد التظاهرات، وما رافقتها من حوادث مؤلمة وجرائم أدت إلى استشهاد وجرح مواطنين من المدنيين والعسكريين.
وخلص الاجتماع في جانب أساس منه إلى وجوب:
- التحقيق الدقيق والأمين والعاجل بقضايا العنف والاستخدام المفرط للقوة والاعتداء على القنوات الإعلامية، والتأكيد على ان يكون عمل لجنة التحقيق مهنياً ومستقلاً، ومنع أي محاولة للتأثير في سير التحقيقات أو حجب المعلومات التي تحتاج إليها اللجنة من أجل انسيابية عملها بكل حياد واطمئنان واحترام للحقيقة، وبما يمنع تكرار مثل هذه الحوادث والجرائم، وأيضاً بما ينصف الضحايا ويعزز حرية المواطن وحقه بالتظاهر السلمي ويحفظ للأجهزة الأمنية مكانتها واعتبارها كحامٍ للمواطنين وحقوقهم، ويصون ديمقراطية النظام السياسي للدولة العراقية ويحفظ سلام وأمن البلد.
- إطلاق سراح جميع المعتقلين من المتظاهرين السلميين فوراً ومن سواهم ممن اعتقلوا بدواعي وظروف التظاهرات.
- دعوة الجميع إلى احترام حرية العمل الإعلامي وأمن وسلامة العاملين في مجال الإعلام، واحترام حق العراقيين بالحصول على المعلومات المتاحة للصحفيين ونشرها وبثها بحيادٍ ومسؤولية مهنية بلا خشية وبكل اطمئنان وبلا أي رقابة سوى رقابة الضمير وتقاليد المهنة والشعور الوطني المسؤول. كما يؤكد الاجتماع ثقته بتقدير وسائل الإعلام للظرف الحرج والحساس جداً الذي يمر به العراق، آملين تعزيز الشعور بالمسؤولية إزاء استقرار العراق وأمنه وسلامه واستقلاله وبما يطوّر تجربتنا الديمقراطية الفتية التي يشكل الإعلام وحريته ركناً أساسياً من أركان تقدّمها ورسوخها.- أقر الاجتماع تشكيل لجنة من الخبراء العراقيين، ومن المشهود لهم بالاستقلال التام والنزاهة والحرص والضمير اليقظ لوضع برنامج وطني ستراتيجي لتشخيص مشكلات نظام الدولة في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والتشريعية والثقافية واقتراح الحلول الممكنة، على أن يلزم عمل اللجنة وكذلك مخرجاتها بتوقيتات محددة، وعلى أن يجري احترام عمل اللجنة ونتائجها من قبل جميع مؤسسات الدولة والقوى النافذة فيها.
- دعوة الكتل والقوى السياسية في مجلس النواب ولجان المجلس لمواصلة عقد اجتماعاتهم في هذه الظروف، والعمل بكل الطاقات والإمكانات لصالح العمل الرقابي وانجاز التشريعات والتعديلات القانونية اللازمة لتسهيل عمل الإصلاح ومكافحة الفساد، وبالأخص منها التشريعات اللازمة لتأمين نظام قانوني عادل ومتماسك للعمل والتوظيف والتقاعد والإسكان والرعاية الاجتماعية والصحية والتأكيد على السلطة التنفيذية للإسراع بإرسال مشاريع القوانين المذكورة، من أجل اطمئنان أي عراقي على حياته ومستقبله ومستقبل أبنائه.
- إحالة جميع ملفات قضايا الفساد، وبالأخص الكبرى منها، للمحكمة ذات الاختصاص، على أن تنجز المحكمة كل القضايا في سقف زمني غير قابل للتأخير تحت أي ذرائع، وتناط بالبرلمان مسؤولية التشريع بتجريم كل متستر، بتعمّد، على أي قضية فساد كبرى تمسّ أمن الدولة المالي والاقتصادي والخدمي وتهدر أموالها.
- متابعة تنفيذ قرارات مجلس النواب والوزراء المتعلقة بتلبية مطالب وحقوق المتظاهرين ووضع جدول زمني للتنفيذ بشكل سريع.
وأضاف البيان الرئاسي، "وفيما يقدّر الاجتماع باحترام كبير الشعور العالي بالمسؤولية الوطنية الذي عبر عنه شبابنا خلال الأيام الماضية، ويعبر عن اعتزازه بجميع الجهود والمواقف المسؤولة للمرجعية الدينية وللنخب الاجتماعية والثقافية، فإن المجتمعين يأملون من الجميع مؤازرة العمل الإصلاحي الذي نحرص جميعا على اضطلاع المخلصين من العراقيين ذوي الخبرة والنزاهة بهذا الإصلاح، وأن نقدّر جميعنا حراجة لحظتنا التاريخية الراهنة، وما تتطلبه منا من تفكير عميق بحماية مستقبل دولتنا وديمقراطيتنا الفتية وأمن ورفاه العراقيين وتقدم وسلام بلدنا في هذه الأجواء العاصفة".
حزمة إصلاحات
من جانب آخر، قال مستشار رئيس الوزراء عبد الحسين الهنين في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "جلسة مجلس الوزراء التي تعقد "اليوم الثلاثاء" ستتضمن تحديد سقوف زمنية محددة لكل فقرة من حزمتي الإصلاح اللتين أعلن عنهما خلال الأيام الماضية"، موضحاً أن "بعض الإصلاحات تحتاج إلى وقت لتنفيذها، كونها تحتاج إلى إجراءات تشريعية كتعديل قانون الانتخابات".
وأضاف، ان "هناك تعديلات وزارية ستظهر لاحقاً من خلال التنسيق بين مجلس النواب ورئيس الوزراء"، مشيراً الى أن "هناك حزمة من الإصلاح ترتبط بقانون الانتخابات وبقضايا سياسية مهمة ربما مرتبطة بعمل الوزارات".
وتابع: ان "هناك تسلسلا تدريجيا حسب الأوليات التي ترتبط بالمشاريع والفرص والعمل والقضايا المالية، وإقرار العدالة الاجتماعية في جدول الرواتب"، موضحاً أنه "من هذه الاجراءات سوف يكون هناك راتب ومعاش لكل عائلة عراقية تصنف تحت خط الفقر، وأيضا لكل شاب باحث عن فرصة عمل"، مبيناً أن "هذه الحزم جدية ولا يمكن التراجع عنها".
وبين الهنين، أن "هناك إصلاحات أيضاً في قانون الانتخابات ليكون أكثر عدلاً وإنصافاً لجميع المرشحين، بدلاً من أن تكون الكتل هي التي تهيمن على المرشح باعتبارها صاحبة الفضل عليه"، مشيراً الى أن "هذه الإصلاحات تحتاج الى وقت محدد، لكن ليس طويلاً".
وأوضح أن "موازنة 2020 ترتبط بها قضايا مهمة تختلف عن بقية الموازنات، لأنها ترتبط بالمشاريع والبرامج، بينما كانت الموازنات السابقة ترتبط بالبنود والأرقام، أما الموازنة الحالية تحتوي على مشاريع محددة تنقل الدولة من حالة الجمود الى ورشة عمل واسعة تحوي جميع العراقيين والشباب تحديداً، وان هذا سيحصل قريباً مع حزمة المشاريع المرتبطة بمجلس الإعمار، والاتفاق العراقي- الصيني الذي بدأ العمل به منذ وصول الوفد العراقي الى بغداد".
منحة العاطلين
في سياق متصل، أكد عضو لجنة العمل النيابية فاضل الفتلاوي، أن "لجنة العمل النيابية تواصل عملها لإيجاد فرص ومنافذ لتقليل نسبة البطالة، اذ ان الأعداد الكبيرة التي تقدمت نحو وزارة العمل للحصول على راتب الاعانة الاجتماعية قد لا تتمكن الوزارة من تأمين المبالغ لكل هذه الأعداد، بعد أن أعلنت عن تقدم أكثر من 600 ألف عاطل للحصول على راتب الإعانة أو منحة العاطلين".
وأضاف، ان "التحركات تجري باتجاه زيادة موازنة وزارة العمل خلال ميزانية 2020 من أجل استيعاب أعداد إضافية من العاطلين وإمدادهم بما يحتاجونه من إعانات مادية"، موضحاً ان "هناك 50 ألف معمل متوقف في العراق، حيث تجري مباحثات مع وزارة الصناعة والمعادن من أجل إعادة تشغيل هذه المعامل لتقليل نسبة البطالة".
وأكد الفتلاوي، ان "العراق دخل إليه 3 ملايين عامل أجنبي، ما يتوجب تطبيق القانون بالشكل الأمثل وتوفير فرص العمل للعاطلين بدلاً من العمال الاجانب، حيث ان هذا العدد بإمكانه تخفيض نسبة البطالة بشكل كبير لو طبق القانون".
حراك برلماني
في غضون ذلك، قال النائب عن تحالف الفتح عامر الفايز: إن "مجلس النواب صوّت على وزيري التربية والصحة بينما تمهل في إقالة وزراء الاتصالات والصناعة والهجرة لحين بيان أسباب الإقالة".
وأضاف، ان "رئيس الوزراء قرر تلبية طلب الاستضافة في البرلمان من أجل بيان أسباب إقالة الوزراء الثلاثة وكذلك التصويت على البدلاء فضلاً عن تقديم أسماء الوزراء المستبعدين الآخرين في ذات الجلسة"، مبيناً ان "عبد المهدي ينوي استبدال 10 وزراء في حكومته عدا الوزراء الأمنيين".
وأوضح الفايز، انه "في حال وجود فساد وإخفاق في اداء عمل الوزراء المقالين فإن البرلمان متلزم بتقديمهم الى القضاء فور إقالتهم، وفي حال وجود بعض الخلل ممكن تصحيح مسار عملهم لحين تأديته بشكل صحيح".
من جانبه، أكد عضو مجلس النواب عن تحالف سائرون سلام الشمري، ان تحالفه سيكون له موقف آخر إن لم تطبق الإصلاحات بشكل واضح ورسمي.
وقال الشمري في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه: إن "الأوضاع الهادئة ستستمر مادامت الحكومة تسير باتجاه واضح لتنفيذ مطالب الشعب المشروعة خاصة ونحن في وقت زيارة ولا نريد خلق أي حالة تعكر صفوها".
وأضاف الشمري، ان "الإصلاحات الجديدة سترسل الى البرلمان والكتل المختلفة ستصل الى التوافق بشأنها ما دامت لخدمة الشعب"، موضحاً "إن كانت الاصلاحات مجرد أقوال لتهدئة الاوضاع سيكون لنا موقف آخر".
حقوق الإنسان
بدورها، أفادت المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق، بإجرائها تقييما شاملا لكل الانتهاكات التي رافقت التظاهرات.
وذكرت المفوضية في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه، ان "نائب رئيس المفوضية علي عبد الكريم الجربا وعامر بولص زيا وزيدان خلف العطواني أعضاء مجلس المفوضين استقبلوا وفد (بعثة الامم المتحدة في العراق / مكتب حقوق الانسان) في مقر المفوضية ببغداد الذي ضم دانييل بيل رئيسة مكتب حقوق الانسان في مقر البعثة وفراس الحياوي عضو ملف حماية المدنيين والعدالة الجنائية"، وأكد الجربا خلال اللقاء، أن "المفوضية عملت وفق الولاية القانونية الممنوحة اليها على إجراء تقييم شامل لكل الأحداث والانتهاكات التي رافقت التظاهرات عبر فرق رصدية متخصصة بالمراقبة والتوثيق وزودت الجهات ذات العلاقة بالإحصائيات الرسمية اليومية والتراكمية للأضرار البشرية والمادية، وكانت المصدر الرسمي الوحيد لها وعقدت مؤتمراً صحفياً في اليومين الأولين من بداية التظاهرات"، وأضاف، ان "المفوضية باشرت استقبال الشكاوى من الأطراف المتضررة"، داعياً في الوقت نفسه الأطراف كافة، إلى "ضمان سلمية الاحتجاج وعدم اللجوء الى العنف مستقبلاً".
من جانبه، ثمن الوفد الزائر جهود مفوضية حقوق الإنسان المبذولة ومراقبتها الانسانية والقانونية للأحداث التي رافقت التظاهرات التي انطلقت مطلع شهر تشرين الاول الحالي والتقارير الشبه يومية والتي كانت تصدر منها عبر قنواتها الرسمية الى الجهات المعنية كافة.
أداء حكومي
من جانب آخر، قال محافظ ذي قار عادل الدخيلي: إن لجنة تقييم الأداء الحكومي في المحافظة ستعلن نتائج عملها الاسبوع المقبل.
وذكر الدخيلي في تصريح صحفي ان "اللجنة التي شكلت بتوجيه منه عند توليه منصبه محافظا لذي قار، عملت على مدار 45 يوماً على تقييم أداء مدراء الدوائر الحكومية في المحافظة".
وتابع: إن "إعلان نتائج التقييم كان مقرراً الأسبوع الحالي، بيد إن الحكومة المحلية اضطرت الى تأجيله الى الأسبوع المقبل بسبب الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها المحافظة"، مرجحاً أن "توصي اللجنة بإقصاء عدد من المدراء المقصرين في عملهم"، داعياً الكتل السياسية الى "عدم التدخل والضغط خلافاً للتوصيات".