محمد عبد الجبار الشبوط
تراكمات عيوب التاسيس واخطاء الممارسة على مدى 16 عاما تجعل من غير الممكن القبول باستمرار النظام الحالي وطبقته الحاكمة.
كمعارضة للنظام الدكتاتوري السابق، كان هدفنا من وراء اسقاطه: استعادة كرامة الانسان العراقي والحفاظ على حقوقه المهدورة على مدى 35 سنة واكثر، تحرير الشعب من نير الدكتاتورية وعبوديتها، رفع مستوى ونوعية معيشة الناس وتطوير الخدمات في مختلف المجالات، تحسين اداء الدولة بصورة عامة، واخيرا ارساء قواعد دولة حضارية حديثة في العراق.
وتم وضع الدستور، رغم عيوبه، ليكون الاساس في تحقيق هذه الاهداف، كما هو بيّن في فصل الحقوق والحريات.
لكن مسيرة العملية السياسية الهادفة الى تحقيق هذه الاهداف سرعان ما انحرفت بتشكيل مجلس الحكم على اسس عرقية وطائفية. وارتكب مجلس الحكم والقوى السياسية التي شكلته سلسلة طويلة من عيوب التاسيس واخطاء الممارسة التي كانت حاضنةً للفساد المالي والاداري والسياسي، وهدر المال العام. وكان من ابرز عيوب التاسيس: المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية، والانحراف عن الديمقراطية الحقيقية، وانشاء الاقطاعيات السياسية، واستبدال الدولة بالسلطة، والمواطنة بالمكونات، والكفاءة والنزاهة بالولاء والانتماء، وغير ذلك.
ولكي تكون معادلة الانجاز والفشل واضحة اقول: صحيح انه قد تحققت الكثير من الانجازات، ويوجد الكثير من الايجابيات، لكن مجموع هذه كلها كان اقل من مجموع وحجم المعاناة بسبب المشكلات المزمنة التي عانى ويعاني منها العراق، مثل: سوء الخدمات، البطالة، الفقر، الفساد، الخ، يضاف الى ذلك فشل التربية على مدى 16 عاما في تنشئة جيل جديد محب للدولة والنظام والقانون والعمل الحر.
ومع ان القاعدة العامة تقول ان الديمقراطية تصحح اخطاءها وعيوبها، الا ان الانحراف عن الديمقراطية افقد النظام وطبقته الحاكمة القدرةَ على الاصلاح والتغيير من الداخل، رغم ان الاصوات الصالحة اخذت تتعالى في وقت مبكر بضرورة اصلاح العملية السياسية، حيث لم يكن اركان الاقطاع السياسي يستمعون للرأي الاخر والصوت المطالب بالاصلاح.
وجاءت تجربة انتخابات عام 2018 وتشكيل الحكومة بطريقة مخالفة للدستور، واستمرار حالة اللافعالية، لتؤكد وصول العملية السياسية بقيادة هذه الطبقة الحاكمة وكتلها السياسية الى الطريق المسدود، واية ذلك التأخر في حسم ملف وزارة التربية، لمدة اكثر من عام، رغم ان التربية هي اخطر واهم وزارات البلد.
ثم جاءت انتفاضة الاول من تشرين الاول لتؤكد ان الشعب، ممثلا بجيله الجديد الذي نشأ وترعرع في ظل النظام الجديد لم يعد يثق بالنظام القائم وطبقته الحاكمة، وليسجل فشل النظام في تنشئة جيل مؤيد له، وهذا هو الفشل الاكبر الذي اوصلنا الى الاستنتاج الاخير، وهو وجوب استبدال الطبقة الحاكمة واصلاح النظام بصورة جذرية تقتلع جذور الفشل والفساد وسوء الاداء وصولا الى بناء حياة تحقق الكرامة والسعادة للعراقيين وتصون حقوقهم وتستجيب لتطلعاتهم.
وفي هذا، لا مجال في التردد بالانحياز الى الشعب العراقي، او كما قالت المرجعية الدينية العليا: "إنّ المرجعية الدينية العليا ليست لها مصلحة أو علاقة خاصة مع أيّ طرفٍ في السلطة، ولا تنحاز إلاّ الى الشعب ولا تدافع إلاّ عن مصالحه."
ومن اجل ذلك، تأتي الدعوة الى تفعيل المادة 64 من الدستور الدائم، وحل مجلس النواب الحالي بقرار منه، واجراء انتخابات على اساس #الانتخاب_الفردي خلال 60 يوما من تاريخ الحل، وذلك كخطوة اولى في طريق التصحيح الكامل واعادة بناء الدولة وتأهيلها على اسس سليمة على مواصفات #الدولة_الحضارية_الحديثة.
وغني عن البيان ان هذه الخطوة تتجاوز الدعوات الاصلاحية الشكلية او الترقيعية التي تم رفعها في المرحلة السابقة بما في ذلك الاجراءات التي اعلنت عنها الحكومة الحالية لان كل ذلك لم يتعامل مع الجذر الحقيقي للازمة ولم يحل اسبابها العميقة.