تقرير لجنة التظاهرات: لم تصدر أية أوامر بإطلاق الرصاص
الثانية والثالثة
2019/10/23

+A
-A
بغداد / الصباح
عزت لجنة التحقيق بشأن التظاهرات سقوط الضحايا من المتظاهرين إلى الاستخدام المفرط للقوة، مؤكدة عدم صدور أوامر رسمية من الجهات العليا بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وبينما أشارت إلى استشهاد 149 مدنيا وثمانية رجال أمن خلال ستة أيام من التظاهرات التي بدأت في الأول من تشرين الاول الجاري، أوصت بإعفاء كل من قائد عمليات بغداد وقائد شرطة بغداد، وقائد عمليات الرافدين وقائد شرطة ذي قار، كما أوصت بإحالة الملف الى القضاء.
يأتي ذلك في وقت كشف فيه الناطق الاعلامي باسم الحكومة سعد الحديثي، أمس الثلاثاء، عن ان رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي سيعتمد على نتائج اللجنة التحقيقية الخاصة باحداث التظاهرات، مبيناً أنه سيحيل المقصرين الى الجهات القضائية المختصة لإصدار العقوبات المناسبة بحقهم واتخاذ قرارات من اجل ارسال رسائل تطمين بان الحكومة عازمة على التصدي لكل شخص تسبب بسقوط ضحايا في التظاهرات.
أسباب سقوط الضحايا
وخلص التقرير النهائي للجنة الوزارية العليا للتحقيق بشأن كيفية سقوط اعداد كبيرة من الشهداء والمصابين في محافظة بغداد والمحافظات الاخرى، التي تشكلت بموجب الامر الديواني 63/ س المبلغ بكتاب مكتب رئيس الوزراء 326 في 10/12/ 2019، برئاسة وزير التخطيط نوري صباح الدليمي والمكلف بالتحقيق عن كيفية سقوط اعداد كبيرة من الشهداء والمصابين في صفوف المتظاهرين والقوات الامنية للفترة من 1 /10 /2019 ولغاية 8 /10 /2019 في محافظات (بغداد – النجف الاشرف – بابل – الديوانية – ميسان – ذي قار – واسط – المثنى) والاحداث التي صاحبتها من اعمال الحرق والاعتداء على البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة وعدد من القنوات الفضائية ووسائل الاعلام لمعرفة المقصرين والتوصيات الخاصة بذلك بفترة انجاز للفترة من 13 /10 /2019 ولغاية 21 /10 /2019، خلص إلى جملة من الحقائق استمدها من تقارير اللجان الفرعية.وأوضح التقرير أن "الاستخدام المفرط للقوة واستخدام العتاد الحي وعدم وجود ضبط نار من قبل المنتسبين، ادى الى حدوث خسائر بين صفوف المدنيين"، لافتاً إلى أن "ضعف القيادة والسيطرة لبعض القادة والامرين ادى الى حدوث فوضى وارباك وعدم السيطرة على الرمي".
وأشار التقرير إلى "قيام بعض المتظاهرين غير المنضبطين بحرق عدد من مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة ومقرات الاحزاب مما قاد حماياتها لفتح النار ووقوع مزيد من الاصابات"، منوها بـ"قيام بعض المتظاهرين بحمل قنابل (المولوتوف) ورميها اتجاه القوات الامنية وحصول حالات رمي حي من بعض ساحات التظاهر باتجاه القوات الامنية مما ادى الى اصابة عدد غير قليل منهم، مع حرق عدد من العجلات العائدة لوزارتي الدفاع والداخلية وحرق عدد من السيطرات".
حرف سلمية التظاهرات
ولفت التقرير إلى "ضعف اداء بعض مدراء الوكالات الامنية بواجباتهم ادى الى عدم وصول المعلومات الى القادة والامرين"، مؤكداً ان "الاعتداءات على القوات الامنية ومؤسسات الدولة والبنى التحتية والمقرات والممتلكات العامة والخاصة حدثت من قبل عناصر ارادت تحريف الطابع السلمي للتظاهرات".
وأضاف التقرير أنه "على الرغم من وجود خطط اعدت من قبل القادة والامرين لفض التظاهرات بشكل سلمي الا انها لم تنفذ بشكل صحيح"، لافتاً إلى "قلة القطعات المخصصة لمكافحة الشغب من قوات وزارتي الدفاع والداخلية".
ورأى التقرير أن "عدم الالتزام بقرار حضر التجوال واستمرار الحركة جعل المتظاهرين يتجمعون ضمن مناطق سكناهم والذي ادى الى تولد حالة من الاستياء الشعبي بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية"، محملاً هيئة الاعلام والاتصالات "عدم قيامها باتخاذ الاجراءات القانونية اتجاه القنوات الفضائية المحرضة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تبث الكراهية والعنف خلافا للدستور والقانون".وعزا التقرير زيادة حالات الوفيات والاصابات الخطرة إلى "قيام البعض بمنع حركة عجلات الاسعاف من اخلاء الجرحى وقطع الطرق والرمي عليهم"، مؤكداً أنه "لم تصدر اية اوامر رسمية من المراجع العليا الى القوات الامنية باطلاق النار اتجاه المتظاهرين او استخدام الرصاص الحي مطلقا، بل ان التعليمات كانت مشددة بعدم استخدام القوة ضد المتظاهرين".وتابع التقرير أن "انتشار المتظاهرين في اكثر من منطقة ادى الى تشتيت جهد القوات الامنية وعدم السيطرة عليهم، فضلا عن ان القوات الماسكة للارض غير مختصة بمكافحة الشغب والتعامل مع المتظاهرين"، مبيناً أن "الاحصائيات الصحية للطب العدلي بينت ان ما يقارب 70 بالمئة من الاصابات للشهداء في الرأس والصدر".وأشّر التقرير "وجود موقع للقنص في احد هياكل الابنية المتروكة مقابل محطة الكيلاني وعند الكشف عن الموقع عثر على عدة ظروف فارغة من عيار 5,56 ملم"، موضحاً أن "اكثر الاصابات في محافظة بغداد وتركزت في منطقة مول النخيل".ونوه التقرير بـ"وجود ضباط ومنتسبين على مستوى عال من المسؤولية والمهنية في التعامل مع المتظاهرين واستيعابهم بشكل صحيح"، منتقداً "الغياب الواضح للحكومات المحلية في المحافظات وترك القوات الامنية تواجه الاحداث طيلة ايام التظاهرات".وتأكد للتقرير أن "اغلب المتظاهرين من فئات عمرية محصورة بين (15 - 25) سنة"، مؤشراً "عدم اتخاذ الاجراءات اللازمة لنصب الكاميرات لمراقبة الساحات ومراكز المدن والطرق الرئيسة المؤدية اليها والمنشات الحيوية"، كما لفت إلى "ظهور تسجيلات صوتية لمسؤولين تحرض القوات الامنية على استخدام القوة اتجاه المتظاهرين وقد تم التحقيق في الامر وتأيد لها صحة التسجيل وتمت احالة الملف الى القضاء".ولفت التقرير إلى "قيام عناصر مسلحة بالاعتداء على عدد من القنوات الفضائية وقد تم القاء القبض على عدد منهم وهم كل من المبينة اسماؤهم "حسام علي اعور عبد المحمداوي، سجاد احمد جاسم محمد المحمداوي، هادي فاضل محمد عباس الكوام، حسين علي شنيشل ثكب الفرجاوي، ومحمد خالد كريم عذار السراي"، مشيراً إلى أنه "تم اطلاق سراحهم بكفالة والقضية في عهدة القضاء".
استنتاجات ووصايا
واستنتج التقرير أن "ضعف القيادة والسيطرة من قبل بعض القادة والامريين الميدانيين على قطعاتهم ادى الى ارتباك القطعات وعدم سيطرتهم على ضبط النار واصبحت الاجراءات فردية من قبل المنتسبين"، و أن "التصرف السيء لبعض منتسبي القوات الامنية وبشكل فردي اتجاه المتظاهرين تم استغلالها من قبل البعض لتاجيج الراي العام ضد الحكومة والقوات الامنية".كما استنتج أن "قيام القوات الامنية بتحديد حركة المتظاهرين كي لا يصلوا الى ساحة التحرير حيث كان له اثر عكسي لذا قام المتظاهرون بقطع الطرق الرئيسة والفرعية ضمن تلك المناطق والتي اثرت بصورة كبيرة على عمل القوات الامنية"، مضيفاً أن "القضاء يواصل اتخاذ الاجراءات القانونية والقضائية بحق من القي القبض عليه من المتظاهرين واودع التوقيف مع المبرزات الجرمية ولم يطلق سراحه طبقا لقرارات اطلاق سراح الجميع لوجود ادلة جرمية ضدهم".وأحال التقرير "الملف بشكل كامل مع تفاصيله كافة الى القضاء بعد مصادقة القائد العام للقوات المسلحة"، موصياً بالايعاز الى وزارة الداخلية لاكمال قيادة قوات حفظ القانون المشكلة حديثا على ان تتولى وزارة المالية تأمين المبالغ اللازمة لذلك".كما أوصى التقرير بـ"اعفاء قائد عمليات بغداد والمعاون الامني له وقائد فرقة مشاة 11 وقائد فرقة الشرطة الاتحادية وقائد شرطة بغداد، واعفاء قائد عمليات الرافدين وقائد شرطة ذي قار ومدير خابرات ذي قار ومدير الامن الوطني، واعفاء قائد شرطة ميسان ومسؤول حماية مجلس المحافظة ومدير شؤون افواج الطوارئ وامر فوج المهمات الخاصة، واعفاء قائد شرطة الديوانية ومدير استخبارات ومكافحة ارهاب المحافظة ومدير حماية المنشآت والشخصيات وامر فوج الطوارئ، واعفاء قائد شرطة واسط ومدير مخابرات المحافظة ومدير الاستخبارات ومدير الامن الوطني ومدير مكافحة الاجرام، واعفاء قائد شرطة النجف من منصبه ومدير حماية المنشآت وامر افواج الطوارئ ومسؤول امن المحافظة".واستطرد التقرير بأنه تم "القاء القبض على الشخص المتسبب في قتل احد المتظاهرين وهو منتسب في اللواء 18 الفرقة الخامسة شرطة اتحادية وكان متمتعا باجازته الدورية، والقاء القبض على عناصر شرطة متورطين بالضرب المبرح لاحد المتظاهرين في بابل".
عدد الشهداء والمصابين
وبخصوص ضحايا التظاهرات أشار التقرير إلى "استشهاد 107 مدنيين واصابة 3458 فضلا عن استشهاد اربعة عناصر من القوات الامنية وجرح 363 اخرين في بغداد، واستشهاد سبعة مدنيين واصابة 107 فضلا عن استشهاد اثنين من افراد قوات الأمن واصابة 193 في الديوانية، واستشهاد 6 مدنيين واصابة 14 اخرين فضلا عن اصابة 92 من قوات الأمن في ميسان، واستشهاد مدني واصابة 7 آخرين فضلا عن اصابة 116 من قوات الأمن في بابل، واستشهاد 4 مدنيين واصابة 226 اخرين فضلا عن اصابة 58 من قوات الأمن في واسط، واستشهاد 5 مدنيين واصابة 172 اخرين فضلا عن اصابة 43 من قوات الأمن في النجف
الاشرف".يشار إلى أن الارقام للشهداء والمصابين، التي أوردها التقرير، تم اخذها من مركز عمليات وزارة الصحة وهنالك عدد اكبر من المصابين من الاجهزة الامنية لم يتم درجهم لعدم مراجعتهم المستشفيات المدنية واخلائهم الى وحدات الميدان الطبية ومواقع اسعاف الوحدة للوحدات والتشكيلات.
التزام حكومي
وفي أول رد حكومي على التقرير، كشف الناطق الاعلامي باسم الحكومة سعد الحديثي، أمس الثلاثاء، عن ان رئيس الحكومة سيعتمد على نتائج اللجنة التحقيقية الخاصة باحداث التظاهرات.
وقال الحديثي، في تصريح صحفي: ان "رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي سوف يعتمد هذا التقرير في اتخاذ جملة قرارات في ما يخص مساءلة ومحاسبة وملاحقة كل جهة وشخص ثبت في التقرير انه ارتكب مخالفات قانونية او قصر في الاحداث التي وقعت خلال التظاهرات، او ارتكب اي شكل من اشكال الجرائم ضد المتظاهرين او ضد افراد القوات الامنية او ضد المال العام او
الخاص".وأضاف الحديثي ان "عبد المهدي سيحيل المقصرين الى الجهات القضائية المختصة لإصدار العقوبات المناسبة بحقهم واتخاذ قرارات من اجل ارسال رسائل تطمين بان الحكومة العراقية عازمة للتصدي لكل شخص تسبب بسقوط ضحايا في
التظاهرات".