في وقتٍ يواصل الشارع اللبناني احتجاجاته لليوم السابع على التوالي، حيث شهدت البلاد شللا جزئيا بفعل قطع المحتجين معظم الطرقات الرئيسة في مختلف الأراضي اللبنانية، أعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان امس الأربعاء أن الجيش يقف إلى جانب المواطنين في مطالبهم، في بيان يبدو أنه جاء ردا على بعض الاشتباكات التي وقعت مع متظاهرين خلال قيام عناصر الجيش بإخلاء طرق قام محتجون بإغلاقها.
وقال البيان: إن الجيش يقف إلى «جانبكم في مطالبكم الحياتية المحقة، وهو ملتزم بحماية حرية التعبير والتظاهر السلمي بعيدا عن إقفال الطرق والتضييق على المواطنين واستغلالكم للقيام بأعمال شغب».
وبدأ المحتجون امس الاربعاء بالتوافد إلى ساحة رياض الصلح وسط بيروت، إيذانا بيوم جديد من «الثورة»، كما يسميها المحتجون، وسط رفض تام للورقة الإصلاحية التي قدمتها الحكومة اللبنانية في محاولة لرأب الصدع الاقتصادي والمعيشي الذي أدى إلى انفجار الشارع.
إلى ذلك، يصر المحتجون على إقفال الطرقات المؤدية إلى العاصمة مع بداية كل يوم، حيث تعمل القوى الأمنية بالتفاوض مع المحتجين على فتحها ولو جزئيا في ساعات المساء.
كذلك، يعمد المحتجون إلى قطع الطرقات التي تصل جنوب لبنان ببيروت، وبيروت بجبل لبنان والبقاع والجنوب، تأكيدا على عدم مركزية الاحتجاجات وانتشارها في كل أرجاء البلاد.
ومع دخول الاحتجاجات يومها السابع، ناشد رئيس الحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، الداعم للاحتجاجات، المتظاهرين تسهيل مرور الأطباء والعاملين في المستشفيات.
وبينما أصدر وزير التربية والتعليم العالي، أكرم شهيب، قرارا بإعادة فتح المدارس والمعاهد والجامعات اليوم، لا يبدو أن قراره لقي آذانا مصغية، حيث أقفلت اليوم أيضا أبوابها غالبية المدارس في كل لبنان، بينما تركت معظم المؤسسات الخاصة الكبيرة تقدير إمكانية الحضور للموظفين وفق ظروف منطقتهم.
وعن إدارة الاحتجاجات، أفادت صحيفة «اللواء» اللبنانية بأنه «تم تشكيل قيادة من مدنيين وعسكريين متقاعدين، لإدارة حركة الاحتجاجات، ويجري التكتم على إعلان أسمائهم لتجنب الخلافات».
سياسيا، أفادت صحيفة «الجمهورية» بأن اتصالا جرى ليلا بين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، أكد خلاله الأخير أن «الحديث عن استقالة الحكومة ليس واردا وليس مطروحا على الإطلاق، وبالتالي لا استقالة ولا تعديلاً للحكومة، والأولوية للتنفيذ السريع للمقررات التي انتهى إليها مجلس الوزراء».
وكانت معلومات تحدثت عن احتمال إجراء تعديل وزاري يطيح بالوزراء «الاستفزازيين» في الحكومة، بهدف امتصاص نقمة الشارع، إلا أن هذه الاقتراحات لم تلق قبولا من المحتجين، وفق ما أفاد مراسلنا في بيروت.
ومع اقتراب نهاية الشهر، برزت علامات استفهام في شأن مصير الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص في ظل استمرار المصارف في إقفال أبوابها اليوم أيضا.
وفي هذا السياق، طمأنت وزارة المالية العاملين «أن دوائرها المختصة تتابع العمل على إنجاز معاملات دفع الرواتب كالمعتاد في مثل هذا التوقيت من كل شهر، والتي ستحول إلى المصرف المركزي في مواعيدها العادية والطبيعية».
وكان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، قد أعلن يوم الاثنين الماضي توافق الحكومة على الورقة الإصلاحية، التي تضمنت عددا من الإجراءات الطارئة والسريعة التي من المتوقع أن تسهم في محاولة إنقاذ الاقتصاد اللبناني المتداعي، ومن ضمنها اقتطاع نصف رواتب الوزراء والنواب، وفرض ضريبة على أرباح المصارف وغيرها، إلا أن المحتجين رفضوا إجراءات الحكومة وأصروا على المطالبة باستقالتها وإسقاط النظام، وفق تعبيرهم.
موقف سيادي
بدوره قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري: إن لبنان لا يحتمل أن يبقى معلقا، مشيدا بإقرار الحكومة لورقة إصلاحات اقتصادية، وذلك بعد نحو أسبوع من الاحتجاجات المستمرة في مختلف المدن اللبنانية، للمطالبة باستقالة الحكومة، اعتراضا على السياسات الاقتصادية.
ونقل تلفزيون «المنار» اللبناني عن بري، قوله خلال لقاء نيابي أسبوعي: «البلد لا يحتمل أن يبقى معلقا ونخشى من الفراغ الدستوري»، وذلك حسب قناة «المنار» اللبنانية.
وأضاف: «يسجل للحكومة إقرارها الورقة الإصلاحية وتبقى العبرة في التنفيذ، ويسجل للحراك تحقيقه المطالب التي كنا سباقين في صرختنا لتحقيقها منذ عشرات السنين»، مؤكدا أن «الظرف مناسب جدا لقيام دولة مدنية وانتخابات على أساس لبنان دائرة واحدة».
موقف فرنسي
بدورها أكدت فرنسا وقوفها إلى جانب لبنان ودعت إلى الحفاظ على الطابع السلمي للتظاهرات، مع احترام حق اللبنانيين في التظاهر.
وقالت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الفرنسية، آنييس فون دير مول، في بيان: إن «فرنسا تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في لبنان وتدعو للحفاظ على الطابع السلمي للتظاهرات، كما تدعو لاحترام حق اللبنانيين في التظاهر».
وأضافت فون دير مول أن بلادها «تشجع مرة أخرى الحكومة اللبنانية على إجراء الإصلاحات اللازمة من أجل إعطاء دفعة للاقتصاد وتأمين الخدمات العامة التي توفرها الدولة لصالح كل
المواطنين».
وذكّرت الناطقة باسم الوزارة بتعهد فرنسا والتزامها إلى جانب شركائها الدوليين بـ»التطبيق السريع للقرارات التي تم اتخاذها خلال مؤتمر سيدر في باريس، خلال شهر نيسان
عام 2018».