عودة الكتابة اليدوية

ثقافة 2019/10/25
...

جون ماركوس
ترجمة: عادل العامل
هناك من يحاول اليوم العودة إلى الكتابة اليدوية التي كانت سائدةً في الماضي القريب، كهذه المجموعة من الأشخاص التي تلتقي خلف محلٍ لطباعة الحروف القديمة الطراز قرب جامعة هارفارد. 
وهؤلاء هم عدد من الغرباء في العشرينيات والخمسينيات من أعمارهم، يجلسون عند منضدتين كتلك التي في صفوف المدارس، وقد تركوا موبايلاتهم جانباً بشكلٍ لافت للنظر وراحوا يمارسون كتابة الخط. وتلك بالتأكيد محاولة لإحياء التواصل عن طريق الكتابة اليدوية، كردٍّ يتّسم بالعزم على الطبيعة اللّاشخصية للرسائل الالكترونية (الإيميلات)، والنصوص وتحايا أعياد الميلاد على الأنترنت. “وذلك له معنىً كبير جداً حين يتمّ بكتابة اليد”، كما تقول جيسيكا غلازير، وهي معلمة مدرسة ابتدائية سابقة.
واليوم يتباهى اتحاد كتّاب الرسائل  Letter Writers Alliance بأنه يضم 15 ألف عضواً . 
وقد عادت ولايتا أريزونا وكارولينا الشمالية، بالولايات المتحدة الأميركية، إلى المطالبة بأن يتعلم أبناؤهما في الابتدائية الخط. ويقال إن كتاباً مشهورين مثل توم برادي وجيمي فالون يكتبان الآن ملاحظاتهما الشخصية يدوياً. كما أن هناك ملتقىً شهرياً في أحد حانات بروكلين تُطرح فيه قرطاسية للزبائن الذين يودون إرسال رسائل بخط أيديهم، وقد يكون لدى بعضهم ميل لبعث رسالة يتمنى فيها للأصحاب والأسرة السعادة بمناسبة يوم الكتابة اليدوية القومي الذي يصادف 23 كانون الثاني.   
فما الدعوى إلى ذلك؟ تقول ليزا بوست، حفيدة أيميلي بوست وهي مرجع في أمور الأتيكيت، إن الكتابة اليدوية ذات قيمة عالية للناس. وأنا ما أزال أود رؤية خط أفضل صديقةٍ لي على بطاقة. 
وهو أكثر معنىً بكثير من الرسالة النصّية (أي بالإيميل).  وأعتقد أننا نجعل للخط اليدوي حتى قيمةً أعلى ، خاصةً في عصر كل ما فيه رقميّ digital الآن ..  حيث تتضمن الكتابة اليدوية “ما يحصل لديك من شعور مبهم حين تدرك أن أحداً ما قد جلس في الواقع وراح يفكر بك وهو يكتب بيده، أو حين تكتب شيئاً ما لنفسك بهذه الطريقة.”
والاهتمام المجدَّد اليوم بالكتابة اليدوية، كما تقول سارة ماجز، وهي كاتبة ورئيسة مشاريع الكتابة اليدوية الانترنيتية، “هو من قبيل تأرجح بندول. فنحن نمضي بعيداً جداً في التكنولوجيا الرقمية من دون التفكير بما ستكون عليه الحال بإهمالنا هذا الشيء الذي كان هكذا جزءاً من حيوات الناس.”   
وتضيف ماجز، “إنني حين قرأت للمرة الأولى الدراسات التي تتحدث عن مزايا الكتابة اليدوية وأن احتفاظاً أكثر بالمعلومات يحصل لديك وأنت تكتب يدوياً، شعرت بأن ذلك صحيح. فالكتابة اليدوية تجعلك أكثر تفكيراً. إنها تجعلك أكثر قصداً. 
إنها تُشغّل يديك بتلك الطريقة البطيئة المفعمة بالمعنى التي لا تكتب بها عادةً وأنت في المكتب.”
كما أن لخطوتها المتّسمة بالجهد منافع أخرى، يقول الناس الذين يهوون هذه الكتابة. وهم يحبون تماماً فكرة الكتابة البطيئة. “وإنه لأمرٌ لطيفٌ جداً ونحن منزجّون في العالم الرقمي أن نبتعد قليلاً عن التلفون، أن نبتعد عن التكنولوجيا. فالكتابة باليد نشاط بطيء جداً. وعندما كنت أبدأ بها، أود أن أتناول مشروباً وأستمع للموسيقى. ويمكننا أن نأخذ وقتنا للاستمتاع بالعملية”، كما تقول غليزر.    
إن إحياء الكتابة بخط اليد مسألة اجتماعية أيضاً على نحوٍ مدهش. فهي كانت تتطلب وقتاً قليلاً من أولئك الغرباء الآنفي الذكر في محل طباعة الحروف القديمة الطراز لينشدّوا فوق اهتمامهم المشترك. ويقول مؤسس برنامج الكتابة اليدوية، بريت روسون، “إنك تجد هنا كل نوع من الأشخاص ــ المنكّت، الرومانسي، المتدلّي البنطلون، الوحيد. 
وكل واحد منهم لديه كاتب خط في داخله.” وعندما أقام متحفٌ في مانهاتن مناسبةً للكتابة اليدوية، كان المطلب عالياً جداً، “إذ كان عليهم أن يأتوا بالمزيد والمزيد من المناضد والكراسي”، كما قالت ماجز، التي لاحظت “أن الأكبر سناً هم الذين يشعرون بالحنين إليها.. وكان هناك آباء وأمهات يريدون مشاطرة أطفالهم حبهم لها.”
 
عن /  Medium