مختصون: الدراما التاريخيَّة تتشظى ولا تتشكل

الصفحة الاخيرة 2019/10/28
...

بغداد / محمد اسماعيل
 
التاريخ محوري، يعيد نفسه بلغة درامية متجددة، كلما انتفى زمن، استخلص الفن طروحاته، معيداً شدها بلغة تشويق جمالية، لكن برغم كون العراق منجماً.. في الماضي والحاضر.. لأحداث جسيمة، لا يتوفر منهج عملي.. ميدانياً، لتحويل الوقائع الموروثة، الى أعمال تلفزيونية وإذاعية، يسمعها ويشاهدها المتلقون بشغف.
قال الروائي فريد الطائي: "الدراما تتجسد عبر بناء الشخصيات، متخذة أفقاً عمودياً او افقياً، يتجسد بالفعل والحوارات، في الفضاء النصي العام وأحياناً الأنا تدخل لتجسد البعد الثاني للشخصية" مؤكداً: "لا بد ان تبتعد عن التوثيق والتقرير؛ كي تحافظ على أجواء الرواية، باسلوب فني خاضع لقواعد السرد".
وأضاف: "الرواية تتناول محورية التاريخ، بشكل يسهل على الدراما التلفزيونية، إعادة ترتيبها للعرض تمثيلاً". متابعاً: "كثير من الاعمال الروائية المستقاة من التاريخ، تم بناؤها تلفزيونياً أو إذاعياً، وشدت المشاهدين والمستمعين.. تشويقاً".
استدرك الطائي: "لكن العراق يفتقر الى منظومة اشتغال توظف هذا المعين الطيب، في أن ينهل السيناريستية والمخرجون والممثلون من صفاء زلاله". مرجحاً بدوره: "فليعيد المعنيون قراءة التاريخ، وتوفر لهم البنوك والدولة دعماً مالياً، يسهل قياد العملية الفنية بين يديهم، وبالتالي يغدقون عطاءً فائقاً على الجمهور".
وأشار القاص عبد الرضا الحميد، الى ان: "أجمل المسلسلات، هي تلك التي ظهرت من شركات الانتاج التلفزيوني السورية، إبان التسعينيات؛ لأنها تعاملت مع تاريخ مفتوح.. أخذت حكمة التاريخ وجماليات قصصه؛ لتسقطها على الراهن، بلغة تلفزيونية فائقة التشويق، حققت نجاحاً فائقاً". مبيناً: "من ذاك النجاح السوري، انطلقت موجة مستمرة ما زالت تكتسح الاجواء الفنية وتغطي مساحة مهمة من ذائقة المشاهدين".
وأوضح: "تاريخنا الماضي والحديث والمعاصر، يحمل قصصاً لو اشتغل عليها المعنيون لحققوا نتائج ثقافية مبهرة وحصيلة مالية مربحة". إذ يرى القاص الحميد: "لدينا عناصر العمل الفني لكنها منفصلة عن بعضها.. نوع من تشظ يحجب عنا فرصة الافادة، إذ لدينا قصص وقصاصون وسيناريوهات ومخرجون وممثلون وموسيقيون وكل شيء، لكن نفتقر لحاضنة شمولية، تصنع من تلك العناصر عملاً مقنعاً.. عناصر المادة الفنية الخام متوفرة، لكن لا أحد يجيد إدارة الفن".
ونوهت الفنانة د. ليلى محمد، بهدوء وحسرة وتأمل: "يتآكلني الحزن، وأنا أرى وفرة العوامل في الساحة الفنية العراقية، بينما الفنانون يتضورون جوعاً، بل تصدأت مواهبهم وأفلت نجوميتهم؛ لعدم وجود أعمال تعيدهم الى فضاءات البريق، وتشملهم بوفرة مادية تعيد لهم الثقة بفنهم، على اعتباره مصدراً لحياة كريمة ترفل بالرفاه والرفعة" ملمحة الى ان: "تاريخنا يكتظ بجوانب.. خفية مستترة ومعلنة معروفة، يمكن توظيفها في دراما تلفزيونية او اذاعية ناجحة، لكن تمويلاً او صانعي تمويل.. مع الاسف لا يوجد".