كوكب حمزة.. الناطق الرسمي لصوت الاغتراب

الصفحة الاخيرة 2019/11/02
...

سامر المشعل
كوكب حمزة الذي همس للقمر " يمتى تسافر يا كمر واوصيك " ؟.. بماذا أوصيت القمر ياكوكب ؟ لم نكبت تطفلنا على همس كوكب للقمر.. الذي أوصاه بحب الوطن والناس.. " محد يعرفك ياهوى الناس، غير ليحب الوطن والناس ".
نعم عاش ليغني للوطن والناس، والمتمعن بأغاني كوكب، يلمس أن ذاتيته مختفية ويتقدم الحس الجمعي بلغة الخطاب الغنائي " حتى لا فد يوم الدنيا تراوينا فراك.. " كل نبوءاتك القدرية السيئة، التي كنت تخشاها من الفراق والضياع، وقعت وامضيت عمرك تبحث عن وطن يضمد جراح غربتك.. فهو عادة ما يربط الحب كعاطفة انسانية وجدانية، بعاطفة اسمى هي حب الوطن " أنا شوكي العراق، والعراق بعينج الحلوه ينام " في أغنية " بساتين البنفسج ".
لم يكن حب العراق حاضراً في أغانيه وحسب، انما الهم الوطني مستحوذ على تفكير ومخيلة ووجدان واحاديث كوكب حمزة، وكنت قد التقيته قبل ايام في بيروت قبل اندلاع الثورة اللبنانية، بمهرجان خصص للاحتفاء بالفن العراقي، من قبل منظمة " روز لكسمبورغ " الالمانية، ورفض كوكب الحديث لقناة فضائية، كانت توجهاتها غير وطنية، فأخذنا نلسعه بعبارات اللوم أنا وصديقه حسين اللامي، نقول له :" ان القناة تطلبك للحديث كملحن وفنان، ما شأنك أنت بسياسة القناة وتوجهاتها السياسية ".وكم كنا احمقين حينها، لان هذا الرجل عراقي حد النخاع، يقدم عراقيته على فنه.
وعندما انطلقت التظاهرات في ساحة التحرير، مسك عوده ليلحن أغنية وطنية وبالسرعة القصوى بعنوان " ردتك وطن " بعد ان هجر الالحان لفترة طويلة.
كوكب حمزة هو الناطق الرسمي لصوت الاغتراب في دواخلنا، اغانيه مناديل شفافة تمسح ادران الحزن عن ارواحنا بجمالية ونشوة، حتى صارت أغنية "الطيور الطايرة " النشيد الوطني للمغتربين.أما على المستوى الابداعي، فعلى الرغم من انه لم يقدم كماً كبيراً من الاغاني مثل بقية الملحنين، الا ان نوعية ما قدمه تشكل أهمية كبيرة في خارطة الغناء العراقي، فهو من قادة الحداثة في الاغنية السبعينية، يبدع في تقديم الصياغات اللحنية، ويحفز الاخرين على الابداع، وعندما سألت الملحن المبدع الراحل طالب القره غولي من يستفزك من الملحنين ؟ قال لي " كوكب حمزة يستفزني ويحرضني على الابداع ". 
ونجد في الحان كوكب تنويعاً في المقامات والايقاعات وكذلك التلوين الادائي للمطرب، وهذه الانتقالات تتم بتلقائية ابداعية، وكأنك تقلب صفحات كتاب، مستمتعاً بقراءته، ما يخلق ثراء غناسيقياً وهذا ما نراه في أغنية " هوى الناس "، وعلى الرغم من انتقائه للنصوص الشعرية الرصينة والمكتنزة في التعبير، الا أن الموسيقى عادة ما تتفوق على النص.برع كوكب بحكم ثقافته التشكيلية في مجال التصوير الموسيقي، اي انه يمنح الاغنية تصويراً موسيقياً يرتسم بمخيلتنا اشبه باللوحة، كما في أغنية " حاصودة" لمائدة نزهت، وأغنية " الكنطرة " لسعدون جابر وغيرها.ليس هذا كل ما نقوله عن الملحن المبدع كوكب حمزة، انما هناك دراسة مستفيضة عن تجربته سننشرها
 مستقبلاً.