حين اتصلت بالموسيقار الكبير جميل جرجيس الذي (توفي العام 2006 عن عمر ناهز الثمانين عاماً) لأحصل منه على اخر نشاطاته الفنية كعادتي لعلاقتي الطيبة معه وحرصه على التعاون ،وهو المهتم بالموشحات وله المئات منها ، ردّ عليّ بانه لم يذهب الى دائرة الاذاعة والتلفزيون و (لزم بيته) !!، استغربت ذلك لانني اعرف جيداً ان مهمة اعادة تشكيل فرقة الانشاد العراقية قد عهدت اليه مؤخراً ، كان ذلك بالتحديد في شهر تموز من عام 2000 ،حاولت ان اعرف منه وانا اسأله عن فرقة الانشاد ومصيرها من بعده ، فقال: تخليت عنها والتزمت بيتي ، وانا وجدت ان في الامر سراً وعليّ ان اعرفه منه ، لكنه لم يكن صعباً في كشف ذلك فقال وقد سألته عن السبب : لان الامور لا توافقني ، ثم اضاف : انا فوجئت بالامر الاداري وتسميتي كمدرب فرقة، وليس (مشرفاً فنياً) قياساً الى عمري الفني، وفوجئت ان رئيس قسم الموسيقى والغناء السيد خليل ابراهيم هو المشرف الفني !  

وتابع وقلت لخليل : هذا لايليق بي انا الذي امضيت خمسين عاماً في تأسيس الفرق الفنية ، والواجب المطلوب مني كمشرف فني ان اربي الفرقة تربية فنية صحيحة . واستطرد امام محاولاتي لمعرفة المزيد : انا اعترضت على اخي وصديقي خليل ابراهيم ،وسألته عن عنوانه فقال : انا رئيس قسم الموسيقى والغناء، فقلت له : اخي العزيز الموسيقى والغناء تابعان لقسمك ولا يجوز ان تكون المشرف الفني ، لكنه لم يقتنع وظل يماطل ولم يرض ان يغير عنواني . وتابع : كان جالساً معنا الفنان حسن الشكرجي والملحن ياسين الراوي وقالا له لا يجوز ذلك ،لان كل شيء تحت اسمك كرئيس قسم ، لكنه لم يقتنع فكتبت مذكرة الى المدير العام شرحت له فيها التباسات القضية ، لذلك قررت ان لا اداوم الا اذا اعطوني صفتي الحقيقية التي يعرفني الجميع بها . 

وختم بالقول : خليل ابراهيم هو اخي ولم اتبرأ من صداقته سواء اشتغلت في الفرقة او لم اشتغل، فنحن اصدقاء من زمن طويل . يذكر ان الفنان الكبير جميل جرجيس موسيقار له المئات من الموشحات والتراتيل الدينية الإسلامية التي كانت تبثها إذاعة وتلفزيون العراق خلال عقود ، هي من تأليفه وإعداده وتلحينه ، وهو ابن شماس الكنيسة الموصلي، ومؤلف التراتيل الكنسية ومعلمها. يعتبر صاحب الفضل الكبير في اغناء الفرقة النغمية بعلم الموشحات وتدريب اعضائها  .