حبيب الدوركي .. أُصيب بالشلل بعد تهديد عدي له !

الصفحة الاخيرة 2019/12/21
...

عبد الجبار العتابي 
فوجئت به العام 2004 وهو يدخل الى دائرة السينما والمسرح (المسرح الوطني) بكامل اناقته، توجست من ان اكون مخطئاً في معرفته ، كان ضئيل الحجم ولا يقوى على الحركة الكاملة ،كان يمشي بصعوبة ويده اليسرى على غير ما يرام، ومن اول نظرة عرفت انه يعاني من (الشلل)، ومع استغرابي لحالته وغيابه الطويل عن الوسط الفني والغناء.
 لكنني عرفته جيداً وتأكدت من انه هو حبيب الدوركي، فتوجهت اليه، ووجدته مختلفاً عن تصوراتي عنه وهو الشاب الذي يفيض حماسة وشباباً وغناء، وهو الاسم الذي عرفناه في سبعينيات القرن الماضي من خلال الفرق الغنائية البصرية قبل ان ينطلق ليغني بمفرده فنال حيزاً جيداً من
 الشهرة. 
وحفظت له الناس العديد من الاغاني التي انتشرت وصارت اغاني فرح واعراس مثل "هاي فرحة وبعد فرحة" و "خايف على ام الشامة" و "ها يمه هنا" فضلاً عن العديد من الاغاني المميزة الخاصة به مثل "الوجه الحلو" و "شسويت بحالي" و "اترجالك" و "لا تلف وتدور" و "اودعمن يا قلبي"و"عاشقة" و "اقول لها لو لا".. وغيرها . 
كنت استعرض في ذاكرتي ما اعرفه عن  حبيب الدوركي.. بدأ مع فرقة التراث في البصرة، وتمتد مسيرته الفنية الى العام (1971) حتى العام (2000) ، حيث كان في هذا العام بداية النهاية لهذه المسيرة الحافلة، نهاية  دراماتيكية غريبة تحمل اسرارها لهذا المطرب الذي لم ينصفه الاعلام فغاب بهدوء قبل ان يرحل عن الدنيا وهو يعاني من الشلل الذي تسببت فيه صدمة عصبية بسبب تهديد من (عدي) ابن رئيس النظام السابق، بسبب انه لم يغن له ! الحكاية ، وكما جاءت على لسان الدوركي، تتمثل في انه كان مسافراً مع مجموعة من المطربين الى لبنان والاردن لتقديم حفلات في هذين البلدين. 
وبعد ان قدموا عروضاً في لبنان سافروا الى العاصمة الاردنية عمان، هناك جاءه اتصال هاتفي في مقر اقامته، قالوا له احدهم يطلبك على الهاتف، سأل اذا ما كان من معارفه او اقاربه، فأجابه ذلك الشخص انه من (الجماعة) ويقصد انه عنصر من عناصر حماية المقبور (عدي)، وطلب منه ان يترك جماعته في عمان ويجيء فوراً الى بغداد، لم يكن منه الا ان يستغرب الطلب الذي كان عبارة عن (استدعاء) مغلف بالتهديد الواضح، اكد حبيب للمتصل به انه رجل مطرب، لكن العنصر اغلق
 الهاتف. 
تملكت حبيب الحيرة والصدمة ، لم يجد الا ان يتصل بشخص يعرفه يعمل في الحماية ايضاً وسأله عن هذا الاستدعاء الفوري فحذره هذا الشخص من المجيء الى بغداد، لان عدي يريد ان يسجنه!! ، لا يعرف حبيب الدوركي السر وراء هذا، فحاول ان يفهم لماذا ؟ فقال له ذلك الشخص، لانك تغني اغاني عاطفية وليست لديك اغنية واحدة عن الرئيس، وطلب منه ان يترك الفرقة والمطربين وان يجد له مكاناً يختبئ فيه، ما ان اغلق سماعة الهاتف، حتى شعر بضيق في التنفس ومن ثم اغمي عليه واستمرت حالة الاغماء 45 يوماً، فيما ظل في الاردن لاكثر من سنة وقد اصابه الشلل من اثر الصدمة ثم عاد الى بغداد ..وهو مشلول !!. 
التقيته عدة مرات وصار صديقاً مقرباً ونتحدث كلما جاء الى دائرة السينما والمسرح وقد علمت انه يسكن في منطقة الكرادة قريباً من شارع العطار، والطريف انه، وهو في حالته الصحية السيئة، كان في احاديثي معه يحاول ان يستعيد عافيته الغنائية واللحنية واسمع منه شغفه بالعود والاوبريت، واخبرني حينها انه انتهى من تسجيل اغنية عنوانها "بنت الحلال" كلمات نزار جواد والحانه، فضلاً عن اوبريت يحمل عنوان "عراق النهرين"، ويبدو انهما لم تظهرا الى الناس، بسبب ظروف الانتاج التي صارت صعبة بعد العام 2003، لكنه في كل لقاءاتي به يحذر من عدم الاهتمام بفن الاوبريت الذي يخشى عليه من النسيان والانقراض . 
رحل حبيب الدوركي عن الدنيا العام 2006 ، رحل بهدوء بعد ان تعرض لجلطات قلبية متتالية،
رحمه الله .