لماذا منع عدي المطربين الكبار بعد أن اعتقلهم وطبان؟!

الصفحة الاخيرة 2020/01/04
...

عبد الجبار العتابي 
 
 
كان انطلاق تلفزيون الشباب الذي كان يديره (عدي) النجل الاكبر لرئيس النظام السابق صدام حسين، في تموز من العام 1993السبب الاكبر في انطلاق الموجة الغنائية التي هبطت بالذوق الى مستوى غير مسبوق من الاسفاف وعملت على تدمير الاغنية العراقية.
 فقد فتح التلفزيون ابوابه جميعها لكل من يريد ان يغني، فكانت تلك الموجة الصاخبة المرعبة التي كانت احدى  تبعاتها منع المطربين الكبار من الغناء ومنع بث اغانيهم في التلفزيون، وبقدر ما كان ذلك المنع مؤلماً وغريباً، الا ان الموجة التي طغت على كل ساعات البث والانشغال بها جعل اغلب الناس لا ينتبهون الى غياب الكبار الذين اكتفوا بتنفيذ الاوامر !! ولطالما .. ظلت قضية المطربين العراقيين الكبار الذين منعت اغانيهم من البث من الاسرار التي لا يعرفها الكثيرون، لانها احيطت بالغموض والسرية والخوف، اذ لا يمكن لاحد ممن يعرفون الاسباب البوح بها علناً، لانها قطعاً ستؤدي الى (قطع) رقبة من باح بالسر ومعناه كشف طبع وجهل وعنجهية (الاستاذ)، لكن الناس، قد علموا بذلك ، وكانوا على يقين ان عدي هو الذي كان وراء منعها ، وخاصة انه هو الذي اشترط ان يستهل المغني مشواره الفني بأغنية عن والده (صدام) وبعد ذلك ليغني ما يشاء . وحسب اقوال النقاد والملحنين والمطربين الكبار التي كانت تقال (همساً) في المجالس الخاصة جداً : ان عدي يفعل ذلك من اجل افساد الذوق العام وخدش الحياء وتدمير الاغنية العراقية وقد كان يلهو بصبيانيته وحماقاته، اذ لم تعد هناك رقابة، لا على كلمات الاغاني ولا على الالحان ولا على الاداء للمغنين، وتبخرت كل اللجان التي كانت تضم نخبة من اهل الموسيقى والغناء ، فصار من (حق) اي شخص ان يغني ويأتي بأغنيته ليبثها له وان كانت في اسفل درجات السوء مقابل مبلغ مالي محدد.. وحين يُسأل المطربون الكبار عن سبب الغياب يحاولون التغاضي عن الجواب والذهاب الى جواب جاهز وهو (ان الحصار هو السبب او ارتفاع اسعار التسجيل والتصوير) ولم يكن ذلك حقيقة 100 % طبعا وهو ما لم يقنع احدا لان هؤلاء المطربين صاروا بعيدين عن الناس والحفلات التي تدر عليهم بعض المال الذي يساعدهم في تسجيل الاغنيات وتصويرها . 
لكن المطرب سعدون جابر ، وفي لقاء جمعني به في شهر حزيران من العام 2001 ،وبعد الحاح كبير مني قال: {نحن ممنوعون من الغناء» وازاء علامة الاستغراب التي ابديتها له عاد ليقول (نحن ممنوعون من قبل (عدي) وان العديد من المطربين واهل الغناء يعرفون ذلك»، واضاف {ان مطربي السبعينيات معتم عليهم» ولم يبح سعدون بأكثر من ذلك . لكن لقاء لي مع المطرب الكبير حميد منصور في شهر آذار من العام 2002 ،باح لي خلاله بالسر ودفع عن نفسه تهمة الغياب الطوعي والانحسار وشيخوخة الصوت، كان اللقاء على الرصيف ، خارج وزارة الثقافة والاعلام السابقة، كنت تواقا الى ان اعرف سبب الغياب ، فأجابني قائلا : {بعد تأسيس تلفزيون الشباب ، تم ابلاغنا ، نحن المطربين من الاجيال السابقة لمقابلة (وطبان ابراهيم)، الذي كان حينها وزيرا للداخلية، وحددت لنا ساعة ويوم اللقاء، وذهبنا انا وياس خضر وسعدون جابر وفاضل عواد ورياض احمد وحسين نعمة وآخرون الى المكان المحدد (غربي بغداد) وانتظرنا ساعات طويلة ولكنه لم يأت، فقيل لنا ان الموعد تأجل الى اليوم نفسه والساعة ذاتها من الاسبوع المقبل ، وذهبنا في الموعد المحدد في المكان نفسه وانتظرنا ساعات طويلة ولكنه لم يأت ايضا ، وقيل لنا ان الموعد قد تأجل ايضا الى الاسبوع المقبل وبالموعد والمكان نفسيهما ، لكننا .. لم نذهب !!!، ففوجئنا بمن يلقي القبض علينا ومن ثم اودعنا التوقيف، والى هذا المكان .. جاء عدي، وبعد كلام قال : انتم ممنوعون من الغناء !!، ولا اريد ان اسمع ان احدا منكم يغني في حفل او ما شابه ذلك ، ومنذ ذلك الوقت صدر امر المنع ، فلم تعرض اغانينا على شاشة التلفزيون ولم نقم بأية حفلة و لم نسجل اغنية للتلفزيون». على اثر هذا القرار تفرق المطربون الكبار ، فاضل عواد ترك الغناء وهاجر الى ليبيا ليمارس التدريس هناك، وعاد حسين نعمة الى بلدته الناصرية، فيما اتجه سعدون جابر الى خارج العراق لتقديم اغنياته ، اما رياض احمد فقد وجد نفسه مغلوبا على امره ثم قتله الحزن، وتوقف الاخرون حتى اجل غير
 مسمى !!.