هلا بسام بخطى واثقة.. بين الغناء وآلة السنطور..!

الصفحة الاخيرة 2020/01/18
...

وجدان عبدالعزيز
 
 
  الموسيقى لغة تحاور جميع الأمم وتتبادل معها التأثيرات بأسلوب حضاري، حيث أصبح هذا أكثر إمكاناً الآن بفضل وسائل الاتصال الحديثة وتنقل الفنانين عبر بلاد العالم، ناهيك عن أن الموسيقى تحاكي الفكر والعواطف والأحاسيس ولها مستوياتها المختلفة، يهمنا منها المستوى الجمالي وهو فضاء الإدراك والذوق ومجال الجمهور والنقاد.
.أسوق هذه الأسطر، لأقدم إضاءة بشأن فتاة استطاعت أن تؤسس لنفسها مكانة في عالم الموسيقى التراثية من خلال آلة السنطور. 
وهي آلة جاء ذكرها في أقدم الكتابات السومرية، التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد وجرى عليها الكثير من عمليات التطور، ولهذه الآلة ثلاثة وعشرون وتراً تولد ثلاثاً وعشرين نغمة ويعزف عليها بمطرقتين. 
واستطاعت الفنانة هلا بسام العزف عليها بشغف وحب مع انهمار نغمات صوتها المضمخة بأغان عراقية تراثية أصيلة خاصة أغاني زهور حسين هذا الاسم الفني الصادق، الذي اخذ مكانته في عالم الثقافة الموسيقية العراقية بجدارة، كما قال عنها الناقد الموسيقي عادل الهاشمي : "هي صوت ينتمي إلى القسم الثالث من أقسام الغناء العراقي" أي كانت بمثابة ظاهرة فنية مهمة، لذا كانت هلا بسام تردد أغانيها مع إيقاعات السنطور وفرقتها الموسيقية (فرقة عشتار) التي ضمت نخبة من الفنانات الشابات، اللائي شققن طريقهن بصعوبة، الدافع هو حب الفن والموسيقى، فكانت فرقة عشتار هي الخيمة، التي انضوت تحتها مواهبهن. 
وكانت أبرزهن هلا بسام ترافقها الفنانة إيمان عدنان عازفة آلة القانون وهزار بسام على آلة الجوزة، اضافة الى عازف الإيقاع الفنان ماجد حسين باشراف كبار الفنانين..
وفي لقاء تلفزيوني مع هلا قالت: "واجهتنا صعوبات في بداية سقوط النظام ، ولكن صبرنا وتواصلنا وأقمنا حفلات في المحافظات الشمالية، لاقت استحسان الجمهور هناك..". 
وإذ نحن نقدم هذه الإضاءة يغمرنا الأمل بأن تتواصل هذه الفرقة لتأسيس ثقافة موسيقية والاحتفاظ بهذا التراث الجمالي، الذي انبثق من أعماق الشخصية العراقية الموغلة في القدم والمحبة للموسيقى، والمتمثلة في شخصية عشتار التي بقيت تعزف على القيثارة، حتى نفد الأوكسجين في سرداب
 قدرها. 
اذ كان من عادة القدامى ان من يموت زوجها تدفن معه، فما كان من عشتار إلى أن تلاقي قدرها بروح جمالية وتمسك الآلة الموسيقية القيثارة آنذاك، وتستمر بالعزف للحب والحياة حتى تموت وهي خالدة.. وهكذا تعمل حفيدتها الآن هلا بسام وهي تخطو واثقة على درب ارثها الحضاري في ارض الرافدين
 الخالدة..