حسن العاني
1 - اعتقد ان المفوضية التي اشرفت على آخر انتخابات برلمانية شهدها العراق في عام 2018، والتي تحمل اللقب القديم نفسه (العليا المستقلة)، قد أثارت من حولها لغطاً وصخباً، يؤشر بمجمله حالة غير مسبوقة بهذا الكم من النقد الذي لحق بها، حتى لم يُبقِ لها حسنةً من محاسن الموتى تذكر بعدها، وليس اول النقد التشكيك باستقلاليتها الى حد السخرية من هذا الوصف، وليس آخره تلاعبها بالنتائج وعدم مصداقيتها في اعداد المشاركين ونسبتهم المئوية، وصمتها عن عمليات الحرق والاتلاف التي تعرضت لها بعض المراكز الانتخابية وصناديقها بصورة هزّت العملية الانتخابية هزّاً عنيفاً، وقبل ذلك اتهامها بالمحاباة وعدم الحيادية، (أو) انحيازها العلني – من وجهة نظر البعض- الى اطراف معينة، و.. وكلام كثير لا يخرج عن هذا الاطار...
ليس من الانصاف ان نأخذ بكل حرف وكلمة ورأي ومعلومة، لا تقوم على دليل عقلي او مادي، ولكن مع ذلك نحن امام احد احتمالين في هذا المشهد المتداخل، فأما قبول هذا الكلام والتسليم بصحته، وبالتالي فانّ اعفاء المفوضية القائمة ثم ابدالها بمفوضية جديدة، يأتي ضمن السياق القانوني السليم.. واما إن ما ذكرته آلاف الاصوات الصادرة عن سياسيين ومراقبين وإعلاميين ومنظمات مجتمع مدني، من تهم بالتزوير والانحياز، ليس دقيقاً ولا يقوم على بينة، وبالتالي فانه زوبعة سياسية مغرضة، مبالغ بها أكثر مما يجب، وان المفوضية اشرف من الشرف وانزه من النزاهة، وهنا سنواجه وضعاً (قانونياً عويصاً)، فاذا كانت المفوضية اطهر من حليب الامهات، فلماذا تم تغييرها إذن؟ ولماذا لم تبقَ في موقعها وتستمر بادارة الانتخابات المقبلة؟ ولماذا نبحث عن بديل ولدينا مفوضية كفوءة وشريفة ولم يقرب منها الجن الطالح او يوسوس لها الشيطان بفساد او تزوير او سوء؟
الاستنتاج الطبيعي والمنطقي، إنها لم تكن بهذا الوصف الملائكي، وإن (الانحراف) قد بلغها ونال من استقلالها ولوّث سمعتها، أو – في الحد الادنى – اثار الكثير من الشبهات وعلامات الاستفهام حول ادائها، ولذلك جرى تغييرها، وهنا على من يعنيهم الامر، الاجابة على هذا السؤال البسيط جداً: اذا كانت المفوضية في دائرة الاتهام فبأي حقوق الله وحقوق الشعب وحقوق القانون لا تحال الى (التحقيق) والقضاء، وبأي من حقوق الله والشعب والقانون تحال الى (التقاعد)، هل هي مكافأة على التقصير؟!
2 - المنطق يقول إن لكل قاعدة استثناء، بما في ذلك قواعد السماء، ألم يتم استثناء المريض والمسافر من فرض الصيام في موعده مع ثبوت الرؤية الى (عدة من ايام أخر)، والاستثناء ظاهرة اممية انسانية اتى العمل به مراعاة لظرف قاهر، عام او خاص..
منذ 16 سنة تعرض العراق الى اكثر من مشكلة وقضية لم تتوان الحكومة عن مواجهتها والتصدي لها بدون استثناء، وبدون استثناء تم تشكيل لجان لأغراض المتابعة والتحقيق والوقوف على الاسباب واعلان النتائج، ومن دون استثناء تمّ نسيان المتابعة والتحقيق والوقوف على الاسباب ونتائجها المنتظرة، وبدون استثناء تم نسيان حتى اللجنة...