برنامج انتخابي

الصفحة الاخيرة 2020/01/28
...

حسن العاني 
أشهد ان صديق شبابنا ورجولتنا وشيخوختنا غازي الموسوي، واحد من انبل الناس الذين تعرفت عليهم في حياتي، فهو يد مبسوطة لا تردّ سائلها وموقف رجولي حاضر عند الشدائد، وقلب عامر بالتسامح والوفاء والمحبة، زيادة على كونه قارئاً لا ينافس، ومثقفاً موسوعياً نال نصيبه من كل علم وادب وفن، حتى لا تدري حين يتحدث من أية خلفية هو، وفي أية خانة يمكن وضعه او تصنيفه، غير ان المؤاخذة الوحيدة عليه، هي ميله الشديد الى الاطناب والاسهاب في الكلام، حتى ليبدو في كثير من الاحيان اقرب ما يكون الى رجل ثرثار. 
كانت جلساتنا المشتركة تتقلب من موضوع الى موضوع آخر لا يربطها رابط، من كرة القدم الى ازمة المياه، ومن قصائد النواب الى مضار الزواج المبكر، وعلى العموم فقد كانت اية قضية ساخنة آنيّة تطفو على السطح هي التي تحتل الجزء الاعظم من حوارات الجلسة من ذلك على سبيل المثال ان الحديث جرى قبل ايام عن الانتخابات، وعلى وجه التحديد عن انواع الهدايا والمغريات التي قدمها المرشحون للناخبين، وقد انبرى صديقنا غازي للكلام عن هذه القضية، وذكر قائمة طويلة عريضة لا تصدق من اساليب الاغواء والهدايا بحيث اجبرنا على ايقافه ومنعه من مواصلة سرد الأمثلة، ثم انتقل الحديث بيننا الى فائدة بعض انواع الخضار والفواكه التي بامكانها التعويض عن زيارة الطبيب وعن (الادوية والعلاجات) التي لا يخلو بعضها من اعراض جانبية، وقد اختلف في اثناء الحوار، اثنان من الاصدقاء حول الفاكهة الاكثر نفعاً لصحة الانسان، فأحدهما أصّر على ان تناول تفاحة واحدة يومياً يمنحه النشاط ويجنبه الكثير من الامراض، فيما أصرّ الاخر، على إن الطب الغذائي الحديث أكد ان الموز تغلب في فوائده على التفاح.. وفيما كان الجدل – الذي أخذ اسلوب العناد بينهما – محتدماً، ارتفع صوت غازي عالياً، وقال من غير استئذان (كلاكما خطأ.. لأن النبات الافضل بين النباتات والفواكه جميعها، هو الثوم)، وانطلق على عادته يتحدث من دون توقف: يا جماعة.. ربما لا تعرفون ان لهذه النبتة جملة من الخواص والمكونات تنفرد بها، وذلك لاحتوائها على البروتين والنشويات والالياف واربعة انواع من الفيتامينات المهمة، زيادة على ذلك فان الثوم يحتوي على مواد مخفضة لضغط الدم الذي يعاني منه العراقيون كثيراً، ولو تناول الانسان (فصاً) واحداً منه كل يوم، وبأية طريقة ، فهذا يعني انه يتعامل مع مادة مقاومة للسرطان والجلطة، ومن شأنها كذلك تنظيم الدورة الدموية وحركة القلب وعمل الشرايين وسلامة الجهاز الهضمي والمجاري البولية، هذا غير كونها علاجاً لفقر الدم والتدرن الرئوي والكوليرا والرشح والزكام وتفتيت حصى الكلى والتهاب المفاصل وآلام الاسنان ، بل هي علاج مضمون لتنشيط القدرة الجنسية، وفي الآونة الاخيرة اثبتت المباحث الطبية.. ولم ندعه يكمل، فقد أتعب الرجل رؤوسنا وارهقنا على الرغم من معلوماته العلمية المفيدة. ولكنه لم يتوقف فقد قال: آخر شيء أذكره لكم ان أحد السادة المرشحين طلب مساعدتي في اعداد برنامجه الانتخابي، فنصحته مع التأكيد، على التعهد للناخبين بأنه في حالة فوزه سيتولى اضافة الثوم الى مفردات البطاقة التموينية ، ويجعل تناوله اجبارياً، برغم مخالفة ذلك للحريات الشخصية، لأن صحة المواطنين الكرام اهم من الديمقراطية!!