النزاهة: قوانين وآليات جديدة لمكافحة الفساد

العراق 2020/05/18
...

بغداد / عمر عبد اللطيف
 
 
تعتزمُ لجنةُ النزاهةِ في مجلسِ النوابِ تشريعَ قوانينَ جديدة واعتمادَآلياتٍ تختلفُ عن السابق في مكافحة الفساد خلال المرحلة المقبلة، وفي حين طالب خبراء قانونيون بتشديد العقوبات في قضايا الفساد لتصل الى الاعدام، أعلن المجلس الاعلى لمكافحة الفساد تبني الحكومة تشريع قانون حق الحصول على المعلومة.
ويأتي الموقف البرلماني، استجابة للدعوة التي اطلقها مجلس الوزراء خلال اجتماعه الثاني برئاسة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، والتي طالب خلالها "بدراسة مشاريع القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد، وبما يفعّل من اجراءات مكافحته ويقوي نجاعتها، والتأكيد على تعزيز دور المؤسسات المعنية بذلك من هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء".
وقال عضو اللجنة، جمال محمد شكور، في حديث لـ"الصباح": ان البرلمان سيعمل خلال المرحلة المقبلة على تشريع قوانين جديدة لمكافحة الفساد وتفعيل قوانين اخرى واتباع اليات جديدة تختلف عن السابقة للقضاء على هذه الآفة التي بددت ثروات البلد.
واضاف شكور ان الحكومة يجب ان تعمل على تفعيلالجهات الرقابية وصولاً الى حلول مناسبة لمكافحة الفساد الذي ازداد بشكل ملحوظ منذ 2003 ولغاية الان، مبيناً أن لجنة النزاهة ستعمل على مساعدة الحكومة في تشريع قوانين اخرى جديدة،وتفعيل القوانين التي شرعت في السابق وتذليل الصعوبات والمعوقات التي كانت تحول دون تطبيقها.
ولفت شكور إلى ان السنوات السابقة شهدت تشريع قوانين رقابية وتعديل بعضها كقانون هيئة النزاهة واسترداد الاموال و"من اين لك هذا؟"،ومراجعة عمل المؤسسات الرقابية كهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والمجلس الاعلى لمكافحة الفساد في مجلس الوزراء، مشدداً على ضرورة تفعيل عمل القضاء وحمايته ومتابعة عمل الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية والبدء باتخاذ الاجراءات من راس الهرم الى الاسفل،والتشديد على ملء استمارة كشف الذمم المالية ابتداءا من المدراء العامين وصولاً الى الوزراء.
من جانبه،أعلن العضو المراقب في المجلس الاعلى لمكافحة الفساد، سعيد ياسين موسى،  تبني الحكومة الحالية تشريع قانون حق الحصول على المعلومة.
وأوضح موسى، لـ"الصباح"، ان مسودة هذا القانون قدمت منذ 2011،وسيمكن بعد تشريعه المجتمع والاعلام والباحثين من الاطلاع على المعلومات والحصول عليها من مراكزها ومصادرها الموثوقة والرسمية،وتقديم بحوث ودراسات واليات الرصد،بعد ان كانت جميع التسريبات غير موثقة واسهمت في التاثير في المزاج الشعبي في التحريض والمناصرة والتأييد والمناكفة،لان المعلومات التي ظهرت في مواقع التواصل الاجتماعي والمؤسسات الاعلامية لم تكن لاجل تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد بل أن بعضها كان من اجل خلط الاوراق على الجمهور وفبركة اخبار ومعلومات وايصال التحليل وليس اصل الخبر الى الجمهور،والقيام بعمليات ابتزاز سياسي من خلال تسريب بعض المعلومات للجهاز التنفيذي بهدف الحصول على بعض المنافع.
وعد موسى تشريع القانون خطوة اولى في شفافية الاداء والنظام السياسي،مؤكداً احتياج البلد الى سياسة وقائية وارادة ووعي مجتمعي لتعزيز الرقابة وقيم النزاهة على ان توزع الادوار على جميع السلطات والفعاليات الاجتماعية من خلال تبني نظام نزاهة وطني.
وأضاف موسى ان العملية لاتتم الا من خلال تبني سياسات عامة تترجم الى ستراتيجيات مرحلية تلتزم بها الحكومة وتقدمها الجهات الرقابية وتوزع الادوار مع اطراف نظام النزاهة الوطني،منبهاً من ان اهمال هذه العملية سيجعل اي كلام عن تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد استهلاكا اعلاميا.
في حين يرى الخبير القانوني حيدر الصوفي أن المنظومة القانونية متكاملة من حيث التشريعات والمؤسسات الا ان ماينقصها هو التطبيق الفعلي والقوانين.
وبين الصوفي، في حديث لـ"الصباح"، ان هنالك عدة اجهزة رقابية كديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة والمدققين والمحسابين في الوزارات وهي جميعها مختصة بمكافحة الفساد الاداري والمالي،لكن يجب ان يكون هناك تنسيق بين قادة تلك الاجهزة وهي الطريقة التي اتبعها رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي في تاسيس مجلس مكافحة الفساد،و كان هو نفسه المسؤول عنه للتنسيق مع قادة هذه الاجهزة لاتخاذ قرارات وتوصيات لحالات الفساد التي يجب ان لاتبقى على الرفوف وان تتخذ الاجراءات القانونية فيها استناداً الى تقارير ديوان الرقابة المالية التي تتسم بالمهنية الا انها غير مفعلة لغاية الان فضلاً عن تفعيل تقارير المفتشين العموميين السابقين. وتابع الصوفي بان هنالك نحو 40 ملف فساد اداري ومالي حسب مابينته الحكومة السابقة يجب ان تفعل وتحرك من قبل قادة مؤسسات هذه السلطات والمجلس الاعلى لمكافحة الفساد وتتم احالتها من هيئة النزاهة الى قاضي التحقيق لاجراء اللازم وفق احكام القانون،فضلاً عن تفعيل تقارير ديوان الرقابة المالية من قبل الادعاء العام لوجود الكثير من قضايا الفساد فيها دلائل كاملة لكن لميحركها احد. وشدد الخبير القانوني على ضرورة تفعيل دور الادعاء العام من خلال جعله ذراعا او مجسا في الوزارات ليحل بديلاً عن مكاتب المفتشين العموميين،وتطبيق قانون العقوبات وهيئة النزاهة بعد اضافة تعديلات مهنية في محاربة الفساد اذا تم تطبيقها،ابتداء من استمارة كشف المصالح وانتهاء بالاحالة للقضاء فيمكن ان تكشف الكثير من الملفات او محاسبة الكثير من الفاسدين، مؤكداً ضرورة تشديد عقوبة الفساد الاداري والمالي لتصل الى الاعدام ووضع مواد خاصة بجرائم الفساد الاداري والمالي كي لايضطر القضاة الى تطبيق مواد اهمال الموظفين او الاضرار بالمال العام التي تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 3 ـ 4 سنوات.
في حين أكد الخبير القانوني الدكتور واثق الزباران أبرز التحديات أمام الحكومة مكافحة الفساد.
واضاف الزبار، في حديث لـ"الصباح"، ان الحكومة يجب ان تفعل دور الادعاء العام الذي يعد حامي الحق العام والشعب والدولة،ليكون من حقه تحريك اي شكوى ضد السياسيين بسبب تصريح او اتهامات بالفساد،فضلاً عن تفعيل دور هيئة النزاهة التي تعد مؤسسة رصينة جدا بمحققيها وموظفيها الا انها تعاني من تدخلات سياسية جمة في عملها.
الخبير القانوني الذي لفت إلى ان دور الادعاء العام شبه معدوم في البلد ويجب تفعيله وانهاء تدخلات الاحزاب الكبيرة والمهيمنة فضلاً عن التدخلات الخارجية، أكد ان على الحكومة منح القضاء والادعاء العام وهيئة النزاهة اليد الطولى والضوء الاخضر بفتح ملفات الفساد لمنتهكي المال العام وسراقه من دون محاباة حزب على اخر،منتقداً عمل المجلس الاعلى لمكافحة الفساد لأنه حلقة مفرغة وزائدة لوجود قضاء وادعاء عام وهيئة نزاهة.