هل كان الحظر حظراً فعلاً؟

ثقافة 2020/06/02
...

عبدالزهرة زكي
 
بعدَ مضي أكثر من شهر على تخفيف إجراءات الحظر، تأتي إحصاءات الاصابات بفيروس كورونا لتؤكد الحاجة للحظر من جديد.
الحظر إجراء وقائي اضطراري اعتُمد بسبب عدم توفر اللقاحات والعلاجات اللازمة لمواجهة الوباء. في دول العالم كانت ظروف الحظر مقترنة بحملات فحص عشوائي ومنتظم، تختلف من دولة لأخرى بحسب الامكانات، وهذا ما لم يحصل عندنا في فترة الحظر السابقة إلا بحدود ضيقة جداً. الحظر الذي عشناه لم يكن حظراً بالمعنى الدقيق، واقعاً لم يجر الالتزام بما يكفي ليؤدي الحظر ما كان مأمولاً منه، لم يلتزم المواطنون، ولم تكن السلطات بالقادرة فعلا على فرض الالتزام والتقيّد في السلوك اليومي بما يراعي ظرف الوباء.  هذه الأيام ارتفعت وتيرة أرقام الاصابات. السلطات الصحية تعزو الارتفاع إلى عدم تقيد المواطنين في الفترة التي جرى التساهل فيها بإجراءات الحظر، لكن من دون التطرق لتأخر السلطات في استغلال الحظر السابق في إجراءات الفحص العشوائي والمنتظم للمواطنين.
ارتفاع وتيرة الأرقام هو ما حدا بالسلطات الصحية قبل عيد الفطر بيومين لاعتماد تطبيق الحظر الجزئي على بعض المناطق، بينما أعلنت السلطات الحظر في جميع أنحاء العراق خلال أيام العيد، مع هذا فإن تطبيقه بقي بحدود ما يمنع التنقل ما بين الأحياء، والإبقاء على الحركة حرة تماماً في داخل كل حي، وهذا ينسف فكرة الحظر بمواجهة الوباء الذي يقتضي الالتزام والتقيد الصارم بالبقاء داخل المنازل، ما دمنا لم نتقيد بضوابط التباعد. قد لا تقوى السلطات على فرض الحجر المنزلي العام (تجربة الصين)، وربما لا تريد الاندفاع نحو ذلك لما يمكن أن تترتب عليه من مشكلات متوقعة. 
لكن مقابل هذا فإن الاعتماد على الوعي العام لتطبيق إجراءات التباعد، وعلى حماية الأفراد لأنفسهم وللمجتمع (تجربة السويد)، يظل خطأً يحتمل الكثير. إنها مشكلة معقدة ما لم تتضافر لها جهود مختلفة من المؤسسات والفعاليات الدينية والمجتمعية والثقافية المؤثرة.  مقابل كل هذا ينبغي أن يسعى الاعلام لأداء دور أكبر في المراقبة، وفي تقديم المعلومات الموثقة وعدم الاكتفاء بدور النصح والإرشاد. 
ينبغي للسلطات الصحية أن تساعد الإعلام في ذلك.  في العالم كان الإعلام رائداً بمواجهة الوباء ونشر الوعي والبيانات والمعلومات الصحية، وهذا ما ساعد في تقليص الخسائر التي كان يمكن أن تتطور من دون الدور المسؤول للميديا المعاصرة.
من المفترض أن نشكل في كل مؤسسة إعلامية أساسية إدارة عمل صحفي استثنائي، تضمّ صحفيين ماهرين، وترفدهم خبرات استشارية طبية مستقلة، من بينها الطب النفسي، للمساعدة في دور عملي منتج للإعلام. في هافبوست (النسخة الكندية)، طالعت الأربعاء الماضي تقريراً عن نيّة كندا تجاوز فترة إغلاق لأشهر ثلاثة والخروج منها للحياة الطبيعية، كان التقرير منشغلاً بكيفية تطمين الناس وعدم امتناعهم عن ذلك، إذ يتوقع التقرير تردد الناس في مغادرة المنازل 
خشية الإصابة.